الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

33/04/19

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب النكاح \ النفقات \ أقسام النفقات \ نفقة البهائم
 ( مسألة 1405 ) : ( الإنسان المملوك تجب نفقته على مولاه وله أن يجعلها في كسبه مع الكفاية وإلا تممه المولى والأحوط للمالك النفقة للبهائم أو البيع أو الذبح إن كانت من المذكاة ).
 تعرض السيد الماتن في هذه المسألة إلى بذل النفقة للبهائم والحيوانات الأهلية وغيرها والمأكولة اللحم وغيرها حتى دود القز والنحل بل حتى حمام نقل الرسائل وجوارح الطير للصيد وشبه ذلك وهو محل الابتلاء كثيرا .
 قال في المسالك: (من ملك دابة لزمه علفها وسقيها ، لحرمة الروح . ويقوم مقام السقي والعلف تخليتها لترعى وترد الماء إن كانت مما ترعى وتجتزئ به ، لخصب الأرض ، ولم يكن مانع من ثلج وغيره . وإن أجدبت الأرض وكانت لا تجتزئ بما ترعى فعليه أن يضيف إليه من العلف ما يكفيها . ويطرد ذلك في كل حيوان محترم . فإن امتنع من ذلك أجبره الحاكم على بيعها " أو صيانتها بالعلف ، أو التخلية ، أو ذبحها إن كانت مما تقصد بالذبح للحم أو لتذكية الجلد على أصح القولين . وإن لم ينتفع بها بالذبح أجبر على الإنفاق أو البيع . فإن لا يفعل ناب الحاكم عنه في ذلك على ما يراه ويقتضيه الحال . وإنما يتخير مع إمكان فعل كل واحد من الأفراد وإلا وجب الممكن ، حتى لو انحصر في فرد تعين كما مر ) [1]
 وقال في نهاية المرام: (لا خلاف في وجوب النفقة على البهائم المملوكة سواء كانت مأكولة أو لا . والواجب القيام بما يحتاج إليه من العلف والآلات التي يفتقر إليها في الاستعمال ودفع البرد ) [2]
 وقال في الحدائق: (في نفقة البهائم المملوكة ، مأكولة كانت أو غير مأكولة ولا خلاف في وجوب نفقتها كما نقله غير واحد من الأصحاب ، وعلى ذلك تدل الأخبار ) [3]
 وقال في الجواهر: (وأما نفقة البهائم المملوكة التي منها دود القز والنحل وغيرهما فواجبة بلا خلاف سواء كانت مأكولة اللحم أو لم تكن وسواء انتفع بها أولا ) [4]
 وعن بعض العامة أن واجب الإنفاق يشمل كل ما يتبع الإنسان من الرقيق والحيوان والنبات كالزرع والدور والأراضي منعا من الضياع والتلف أما نفقة الحيوان فيجب على المالك إطعام بهائمه ولو مرضت وسقيها ويحرم عليه أن يحملها ما لا تطيق .
 فقهاء العصر
 أما فقهاء العصر فاحتاط وجوبا السيد الماتن والسيد السيستاني والسيد الهاشمي والشيخ وحيد الخرساني والسيد محمد الروحاني بالتخيير بين الإنفاق عليها أو بيعها لمن ينفق عليها أو ذبحها إن كانت تذكى للاستفادة من لحمها أو جلدها
 وذهب السيد محسن الحكيم والسيد الصدر إلى أنه يجب على المالك الإنفاق فإن امتنع أجبر على البيع أو الذبح إن كانت مذكاة
 وكذلك الإمام الخميني والشيخ فاضل والسيد السبزواري
 وذهب السيد سعيد الحكيم إلى وجوب الإنفاق عليها فإن تعذر ذلك فالأحوط وجوبا بيعها أو ذبحها
 وزاد السيد السيستاني بأنه لا يجوز حبس الحيوان وتركه من دون طعام أو شراب حتى الموت .
 أقول: لا شك أن ترك الإنفاق على المملوك والبهائم حتى تنفق هو إتلاف للمال وهو حرام لحرمة الإسراف الحاكمة على عموم السلطنة ورفع هذه الحرمة إنما يتم بالتخيير بين الأمور الثلاثة المذكورة في المتن
 وأما الأخبار التي أشار إليها صاحب الجواهر فهي عدة روايات:
 منها: ما رواه محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ( للدابة على صاحبها ستة حقوق : لا يحملها فوق طاقتها ولا يتخذ ظهرها مجالس " مجلسا " يتحدث عليها ، ويبدء بعلفها إذا نزل ، ولا يسمها " يشتمها " ولا يضربها في وجهها فإنها تسبح ، ويعرض عليها الماء إذا أمر به ) [5]
 منها: ما رواه الصدوق بإسناده عن إسماعيل بن أبي زياد السكوني بإسناده يعني عن جعفر بن محمد ، عن آبائه عليهم السلام قال: ( قال رسول الله صلى الله عليه وآله للدابة على صاحبها خصال : يبدء بعلفها إذا نزل ، ويعرض عليها الماء إذا مر به ، ولا يضرب وجهها فإنها تسبح بحمد ربها ، ولا يقف على ظهرها إلا في سبيل الله ، ولا يحملها فوق طاقتها ، ولا يكلفها من المشي إلا ما تطيق ) [6]
 منها: ما رواه سليمان بن خالد ، قال: ( فيما أظن عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث إن أبا ذر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : ما من دابة إلا وهي تسأل الله كل صباح اللهم ارزقني مليكا صالحا يشبعني العلف ويرويني من الماء ، ولا يكلفني فوق طاقتي ) [7]
 إلى غير ذلك من الأخبار
 وأجيب عن تلك الأخبار
 أولا: أنها غير نقية سندا .
 ثانيا: تشمل أمور غير واجبة مثلا الابتداء بالعلف لم يقل أحد بوجوبه وعرض الماء عليها كلما مر بالماء يوجد إجماع بعدم وجوبها وحرمة الوقوف على ظهرها معلوم عدم الحرمة وضربه أيضا ليست حرام فلعل هذه الحقوق استحبابية وليست إلزامية ومن هنا لا دليل صريح من الروايات على الدابة ولكن باعتبار احتمال حرمة الإسراف موجودة لأنها تضييع للمال والاجماعات المروية عن الأصحاب فالا حوط وجوبا كما قال السيد الماتن التخيير بين الإنفاق أو الذبح أو البيع هذا تمام الكلام في هذه المسألة
 
 والحمد لله رب العالمين
 


[1] - مسالك الأفهام ج 8 ص 502
[2] - نهاية المرام ج 1 ص 491
[3] - الحدائق الناضرة ج 25 ص 142
[4] - جواهر الكلام ج 31 ص 394
[5] - الوسائل باب 9 من أبواب أحكام الدواب ح 6
[6] - الوسائل باب 9 من أبواب أحكام الدواب ح 1
[7] - الوسائل باب 10 من أبواب أحكام الدواب ح 8