الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

33/04/18

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب النكاح \ النفقات \ أقسام النفقات \ ترتيب نفقة الأقارب \ مستند الأقوال
 كان الكلام فيما لو فضل عن قوته وقوت زوجته ما يكفي لأحد الأقارب فقط وذكرنا الأقوال في ذلك والآن ما هو مدرك الأقوال وما هو الصحيح منها ؟
 أقول: المستفاد من كلام الأعلام في المقام وجود أربع قواعد استند كل منهم إلى أحدها لإثبات مرامه
 فالقائل بالتسوية والتشريك عند الانتفاع: استند إلى أن المورد من قبيل المال المردد بين شخصين الذي يقتضي التنصيف فيه قاعدة العدل والإنصاف المقدمة على قاعدة القرعة
 والقائل بالقرعة عند عدم الانتفاع: استند إلى قاعدة القرعة لأنها المرجع عند تزاحم الحقوق المالية وغيرها وهي لكل أمر مشكل .
 والقائل بالتشريك والتسوية مطلقا: سواء أمكن الانتفاع أو لم يمكن الانتفاع قدم قاعدة العدل والإنصاف لأن قاعدة القرعة مختصة بما ينحصر المستحق فيه في واحد ولم يتعين وفي المقام الكل يشترك في الاستحقاق .
 والقائل بالتخيير بين أن ينفق على واحد فقط وبين التقسيم والتشريك: استند إلى أن الاحتياط متعذر فيدور الأمر بين الموافقة الاحتمالية بدفعه إلى واحد بعينه الملازمة للمخالفة الاحتمالية وبين الموافقة القطعية في بعضه بتوزيعه بين الأطراف الملازمة للمخالفة القطعية في بعضه ولا مرجح في نظر العقل
  والقائل بالتخير في دفعه إلى أي منهم: استند إلى قاعدة التزاحم الناشئ من ضيق قدرة المكلف على الامتثال .
 والصحيح من هذه الأقوال هو الأخير وبيان ذلك
 أولا: قاعدة العدل والإنصاف مختصة في باب الدعاوى وفصل الخصومات
 والأدلة الخاصة الواردة في التشريك لا يستفاد منها قاعدة عامة ولذا تقتصر على موردها مثل رواية عبد الله المغيرة عن غير واحد من أصحابنا عن أبي عبد الله ع ( في رجلين كان معهما درهمان فقال أحدهما الدرهمان لي وقال الآخر هما بيني وبينك فقال أما الذي قال هما بيني وبينك فقد أقر بأن أحد الدرهمين ليس له وأنه لصاحبه ويقسم الآخر بينهما ) [1] .
 
 ورواية السكوني عن الصادق ع عن أبيه ( في رجل استودع رجلا دينارين فاستودعه آخر دينار فضاع دينار منهما فقال ع يعطى صاحب الدينارين دينارا ويقسم الآخر نصفين ) [2]
 ورواية يونس بن يعقوب عن أبي عبد الله ع ( في امرأة تموت قبل الرجل أو رجل قبل المرأة قال ما كان من متاع النساء فهو للمرأة وما كان من متاع الرجال والنساء فهو بينهما ) [3]
  إلى غير ذلك من الروايات الواردة في باب الصلح والقضاء وغيرهما ولا يمكن التعدي من مورده الى غيره إذا ليس فيه إشارة إلى قاعدة كلية والكلام موكول إلى محله
 ثانيا: القرعة مختصة بالشبهات الموضوعية كما حقق في محله والمقام ليس من الشبهات الموضوعية لاستحقاق الكل.
 مضافا إلى أن كل ذلك متوقف على أن هناك حقا ماليا هو للأقارب مع أنهم ذكروا أن وجوب الإنفاق على القريب حكم شرعي صرف ولذا أفتوا بعدم قضائها اللهم إلا إذا أريد من ذلك أن القريب يملك على قريبه حق الإنفاق ولذا كان يحق للقريب عند امتناع قريبه عن الإنفاق رفع أمره إلى الحاكم لكي يجبره على الإنفاق لأن الحاكم ولي الممتنع .
 وأما التخيير ولا سيما بين الكل بأن يدفعه إلى أي منهم فهو مقتضى قاعدة باب التزاحم حينما ينشأ من ضيق قدرة المكلف عن الامتثال وبعبارة أخرى إن الواجب عليه الإنفاق على واحد منهم وكلهم يتساوون في الوجوب بعرض واحد وحيث لا مرجح فالمتعين هو التخيير وفاقا للسيد الماتن وأكثر فقهاء العصر .
 
 والحمد لله رب العالمين


[1] - الوسائل باب 9 من أبواب الصلح ح 1
[2] - الوسائل باب 12 من أبواب الصلح ح 1
[3] الوسائل باب 6 من أبواب ميراث الأزواج ح 3