الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

33/04/12

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب النكاح \ النفقات \ أقسام النفقات \ ترتيب نفقة الأقارب
 كان الكلام في ترتيب النفقات وقلنا أن هناك مطلبان الأول ترتيب نفقات الزوجة والأقارب وتحدثنا عنه
 المطلب الثاني: فيما لو تعدد المنفق عليه وتساوى في القرب ولا يوجد عنده ما يكفي إلا لأحدهما.
 قيل: بأنه يخير بينهما وقيل بالاشتراك وقيل بالقرعة وقيل بالتفصيل والاشتراك في بعض الصور والقرعة في بعض آخر.
 قال الشيخ في المبسوط: (إذا كان موسرا و أبواه معسرين ، فإن كان معه ما ينفق عليهما فعليه ذلك ، وإن لم يفضل عن كفايته إلا نفقة أحدهما قال بعضهم الأم أولى لقول النبي صلى الله عليه وآله للسايل : أمك ثلاث مرات ، وقال في الرابعة أباك ، ولأنهما تساويا في الدرجة ، ولها مزية الحضانة والحمل والوضع . وقال آخرون الأب أولى لأنه انفرد بالتعصيب ، وقال قوم هما سواء وهو الصحيح عندنا ، فيكون الفاضل بينهما . إن كان موسرا وله أب وابن معسرين ، فإن فضل ما يكفيهما أنفق عليهما ، وإن لم يفضل إلا ما يكفي أحدهما ، فإن كان الابن ناقص الأحكام والخلقة ( 1 ) ولا حركة به لتحصيل شئ كان أحق من الأب ، لأن الأب يحتال ، وهذا طفل لا حيلة له . فإن كان الابن مراهقا كامل الخلقة ناقص الأحكام ، والأب كامل الأحكام ناقص الخلقة ، قال قوم الولد أحق به ، لأن نفقته تثبت بالنص ونفقة الأب بالاجتهاد ، وقال آخرون الأب أحق بها لأن حرمته أقوى ، بدلالة أنه لا يقاد به ويقوى في نفسي أنهما سواء . وإن كان موسرا وله أب وجد : أبو أب معسرين ، أو ابن وابن ابن معسرين فإن فضل ما يكفي الكل أنفق عليهم ، وإن فضل ما يكفي واحدا منهم قال قوم الابن أولى من ابن الابن لأنه أقرب ، وهكذا الأب والجد وهو وهو الصحيح عندي وقال آخرون هما سواء ) [1] .
 وفي الخلاف في صورة الأبوين المعسرين بعد اختياره الاشتراك قال: ( دليلنا: أنهما تساويا في الدرجة وليس أحدهما أولى من صاحبه. أشركنا بينهما ومن قدم أحدهما فعليه الدلالة ) [2] .
 وفيي صورةة الابن المراهق كامل الخلقة ناقص الاحكام مع أب ناقص الخلقة كامل الأحكام بعد اختياره التشريك قال: ( دليلنا: أنهما تساويا في النسب الموجب للنفق وتقديم أحدهما على صاحبه يحتاج إلى دليل ) [3] . ومثله في المهذب للقاضي بن البراج السرائر والشرائع والتحرير.
 وقال في القواعد: (ولو كان له أبوان ومعه ما يكفي أحدهما تشاركا فيه . وكذا لو كان له أب وابن ، أو أم وابن ، أو أبوان وابن ، أو ولدان ، أو أبوان وولدان . ولو لم ينتفع به أحدهم مع التشريك لكثرتهم فالوجه القرعة . فإن فضل من الغذاء شئ احتمل القرعة بين الجميع ، وبين من عدا الأول . ولو تعددت الزوجات قدمت نفقاتهن على الأقارب ، فإن فضل عنهن شئ صرف إليهم . ولو كان أحد الأقارب أشد حاجة كالصغير مع الأب ، احتمل تقديم الصغير ) [4] .
 وفي الإيضاح عند شرحه لكلام والده قال: ( وجه القرعة في المسألة الأولى استحالة الترجيح من غيرر مرجح والتريك يناقض الغرض من تشريع الحكم ومن حيث تساويهم في سبب الاستحقاق والقرعة كاشفة للمستحق من غيره والكل هنا مستحقون ليس فيهم من لا يستحق ووجه القرعة في المسألة الثاني أن الأول مستحق لوجود القرابة والحاصل له دفع الضرورة المالية وهو قوت بعض يوم فلا يبقى استحقاق نفقة باقي اليوم ومن حيث فضل فليس بمحتاج فيصيره غيره أولى لأن سبب النفقة الحاجة وغيره أحوج ولأنه حصل للأول ما يمسك رمقه دون الباقين فلا يشاركهم في الفاضل وهو الأقوى عندي ) [5] .
 وفي الروضة مثل ما في القواعد
 وقال في المسالك: ( وجملة أقسام تعدد المنفق عليه أنه إن وجد من جهة واحدة كالآباء والأجداد المتعددين والأولاد المتعددين يجب الإنفاق على الجميع القريب منهم والبعيد إن وسع ماله أو كسبه لذلك وإن قصر بدأ بالأقرب إليه فالأقرب فالأب أولى من الجد فإن فضل عنه صرف إلى الجد وكان أولى ممن بعد عنه بمرتب وهكذا. ولا فرق في كل مرتبة بين الذكر والأنثى ولا بين المتقرب بالأب من الأب والأم والمتقرب بالأم كذلك فالأبوان يتساويان وكذا أبواهما فلو اجتمع أب الأب مع أم الأم كانا سواء وهكذا.
 ولو اجتمع الأولاد المتعددون فكلك يشترك ذكرهم وأنثاهم مع تساويهم في المرتبة ويختص الأقرب مع القصور فلو كان له ابن وبنت تساويا وكذا لو كان ابن بنت وبنت ابن. والبنت أولى من ابن الابن وهكذا ) إلى أن قال ( هذا كله مع قصور مال المنفق عليهم عن مقدار كفايتهم وإنما يشترك المتعددون في المرتبة الواحدة مع كفاية سهم كل واحد لصاحبه وإفادته نفعا معتدا به، فلو لم ينتفع به أحدهم لقلته وكثرتهم ففي اقتسامهم له كذلك أو القرعة فيه بينهم وجهان أجودهما الثاني، لمنافاة التشريك الغرض من نفقة القريب لأن المقصود سد الخلة وهو منتف مع القسمة مطلقا وليست كالدين الذي يتساوى فيه المستحقون وإن قل. وترجيح بعضهم بغير مرجح ممتنع والقرعة مرجحة بمرجح.
 ولو كان نصيب أحدهم يعتد بنفعه له لصغر أو مر دون الباقين أقرع فيمن عدا المنتفع إن تعدد مع احتمال اختصاص المنتفع بنصيبه بالجميع.
 وفي ترجيح الأحوج لصغر ومرض بدون القرعة وجهان: من اشتراكهما في أصل الحاجة وكونها عل الإنفاق وكلما كانت أقوى كان تأثيرها أقوى) [6] .


[1] - المبسوط ج 6 ص 35
[2] - الخلاف ج 5 ص 125
[3] - الخلاف ج 5 ص 125
[4] - قواعد الأحكام ج 3 ص 116
[5] - إيضاح الفوائد ج 3 ص288
[6] مسالك الأفهام ج 8 ص 494