الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

33/03/21

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب النكاح \ النفقات \ أقسام النفقات \ نفقة غير العامودين
 المورد الثاني
 اتضح مما مر أنه لا يجب النفقة على غير العامودين ممن هو على حاشية النسب كالأخوة والأخوات والأعمام والعمات والأخوال والخالات وأولادهم علوا أو نزلوا وإن كانوا ورثة وفاقا للمشهور .
  نعم يستحب على كل قريب ويتأكد الاستحباب على الوارث:
 أولا: لأنه أقرب
 ثانيا: لقوله تعالى{ وعلى الوارث مثل ذلك } [1]
 ثالثا: لقوله ع ( لا صدقة وذو رحم محتاج ) [2]
 رابعا: لصحيح الحلبي عن أبي عبد الله ع قال : ( قلت من الذي أجبر على نفقته ؟ قال : الوالدان والولد والزوجة والوارث الصغير ) [3]
  يعني الأخ وابن الأخ وغيره
 خامسا: ولأن أمير المؤمنين ع أتي بيتيم فقال:( خذوا بنفقته من أقرب الناس إليه من العشيرة كما يأكل ميراثه ) [4]
 هذا واحتمل الشيخ في الخلاف الوجوب للآية ولصحيح الحلبي ثم قوى المشهور فقال: إنه الذي يقتضيه مذهبنا
 وظاهر المبسوط الإجماع عليه
 هذا وقد نسب الفخر القول بوجوب نفقة الوارث الصغير إلى الشيخ وأنكر السيد السند في نهاية المرام الوقوف على الرواية إلى أن قال نعم مقتضى صحيحة الحلبي وجوب النفقة على الوارث الصغير والعمل بها متجه لصحتها ووضوح دلالتها .
 فقهاء العصر
 وذهب كل فقهاء العصر إلى عدم وجوب نفقة غير العمودين وإن استحب ذلك إلا الشهيد الصدر فقال: إذا كان القريب العاجز صغيرا وكان يرث قريبه فالا حوط وجوبا على القريب الإنفاق على قريبه العاجز ومثله السيد محمود الهاشمي .
 أقول: إن الشيخ الطوسي كان يستدل بالآية والخبرين على جعل الميزان في النفقة التوارث ولو من غير العمودين كما هو مذهب أحمد بن حنبل ولا يريد أن يستدل على خصوص وجوب نفقة الوارث الصغير فكأن الآية تقول إن السبب في وجوب الإنفاق على القريب هو التوارث .
 والآية هي:{والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا وسعها لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده وعلى الوارث مثل ذلك } [5]
 وتقريب الاستدلال بها أن نقول إن قوله على الوارث مثل ذلك معطوف على المولود له رزقهن وكسوتهن وما بينهما اعتراض لتفسير المعروف فكأن المعنى وعلى وارث المولود له مثل ما وجب عليه أي مثل ما وجب على المورِث فعلى الوارث خبر مقدم متعلق بمقدر ومثل ذلك مبتدأ وهذا يعني إن مات المولود له لزم على من يرثه ولو لم يكن ولدا للمرضعة أن يقوم مقامه في أن يرزقها ويكسوها بالمعروف وعدم الضرر.
 وهذا المعنى مخالف لما هو المتسالم عليه من عدم وجوب نفقة الولد على غير الأبوين .
 ومن هنا
  قيل: إن المراد بالوارث هو الولد المرتضع فتجب الأجرة في ماله .
 وقيل: المراد من الوارث هو أم المرتضع فيجب عليها نفقة نفسها وهو بعيد جدا
 وقيل: إن المراد الجد والجدة بناء على وجوب نفقة الولد على الجد والجدة
 وقيل: إنه يحتمل أن الأب قد أوقع الإجارة على الرضاع فتكون واجبة على الورثة في مال الميت ولم يكن قد سلم تمام الأجرة فتكون الآية دليلا على عدم بطلان الإجارة بموت المؤجر وهو خلف الظاهر.
 وقيل: المراد وارث الصبي الرضيع وهو خلاف الظاهر جدا
 وقيل: إن مثل ذلك يرجع إلى عدم الضرار فقط
 والظاهر منها إن الذي جعل على الوالد من الكسوة والرزق هو مجمول على وارث الميت المولود له فيجب على الورثة تأمين احتياجات الأم في مرحلة الرضاعة للطفل مع تقييد الورثة بكونهم من المرضعة كما لا يخفى.
 إلا أن ذلك لا يدل على أن الميزان في النفقة هو التوارث فإن المرضعة ترث المولود له لأنها زوجة ولا يجب عليها نفقة زوجها المحتاج .


[1] - سورة البقرة آية 233
[2] الوسائل باب 7 من أبواب استحباب الصدقة ح 4
[3] - الوسائل باب 1 من أبواب النفقات ح 9
[4] - الوسائل باب 11 من أبواب النفقات ح 4
[5] - سورة البقرة آية 233