الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

33/02/18

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب النكاح \ النفقات \ شروط النفقة \ شرطية التمكين
 الأمر الأول
 اتفق العلماء على أن الزوجة التي تجب لها النفقة مع عدم النشوز تعم المسلمة وغير المسلمة على القول بصحة نكاحها دواما كما هو المشهور وتشمل الحرة والأمة وأما شمولها للصغيرة فقد وقع الخلاف بينهم كل على مشربه في شريطة التمكين وعدمه ومانعية النشوز بقول مطلق أو بخصوص نشوز خاص
 قال الشيخ في الخلاف:( ذا كان الزوج كبيرا ، والزوجة صغيرة لا يجامع مثلها ، لا نفقة لها . وبه قال أبو حنيفة وأصحابه ، وهو أحد قولي الشافعي الصحيح عندهم ، واختاره المزني. والقول الثاني : لها النفقة. دليلنا : أن الأصل براءة الذمة ، ومن أوجب عليه نفقتها ، فعليه الدلالة .
 إذا كانت الزوجة كبيرة والزوج صغيرا ، لا نفقة لها وإن بذلت التمكن . وللشافعي فيه قولان ) [1]
 وفي السرائر قال: (والأولى عندي أن على الكبير النفقة لزوجته الصغيرة .... وإذا كانا صغيرين لا نفقة لها .... وإذا كانا صغيرين فلا نفقة كما أنه لا نفقة للزوجة الكبيرة إذا كان الزوج صغيرا ) [2]
 ووافق القمي في جامع الخلاف والوفاق الشيخ الطوسي .
 وقال المحقق في الشرائع: (ومن فروع التمكين : أن لا تكون صغيرة ( 517 ) ، يحرم وطء مثلها ، سواء كان زوجها كبيرا أو صغيرا ، ولو أمكن الاستمتاع منها بما دون الوطء ، لأنه استمتاع نادر لا يرغب إليه في الغالب . أما لو كانت كبيرة ، وزوجها صغيرا ، قال الشيخ : لا نفقة لها ، وفيه إشكال ، منشأه تحقق التمكين في طرفها ، والأشبه وجوب الإنفاق ) [3]
 وفي المسالك أثبت النفقة للكبيرة ولو كان زوجها صغيرا ونفى وجوب النفقة على الصغيرة أي دون التسع سنوات ومنه يعلم حال الصغيرين .
 وقال في المختلف: (مسألة : قال الشيخ في المبسوط والخلاف: إذا كان الزوج كبيرا والمرأة صغيرة أو بالعكس فلا نفقة . وتبعه ابن البراج في المهذب. وقال ابن الجنيد: والتي لم يمكن وطؤها لصغرها وزوجها كبير أو صغير لا نفقة عليه ولا على وليه ، إلا أن يشترط ذلك عليه . والتي يمكن وطؤها لبلوغها فلها النفقة سواء كان الزوج غير بالغ أو بالغا ممتنعا من الوطء ) . إلى أن نقل كلام ابن إدريس ثم قال: (والمعتمد أن الزوج الكبير لا نفقة عليه للزوجة الصغيرة ، لأن المناط في وجوب الإنفاق على الزوجات التمكين التام المستند إلى العقد الصحيح ، وهو غير معلوم الثبوت هنا.... وأما الزوجة الكبيرة فإن لها النفقة إذا كانت ممكنة من نفسها وبذلت التمكين عند الحاكم . وإن كان الزوج صغيرا لوجود المقتضي السالم عن المعارض فإن المقتضي - وهو التمكين المستند إلى العقد الصحيح - ثابت هنا ) [4]
 وذهب العلامة في القواعد وتبعه ولده إلى أن الصغيرة لا نفقة لها والكبيرة لها النفقة .
 وقال في الروض: (فلا نفقة للصغيرة ) التي لم تبلغ سنا يجوز الاستمتاع بها بالجماع - على أشهر ( 6 ) القولين -... ولو انعكس بأن كانت كبيرة ممكنة والزوج صغيرا وجبت النفقة ) [5]
 وفي نهاية المرام بعد أن اختار عدم النفقة للصغيرة قال: (( الثاني ) لو كانت الزوجة كبيرة والزوج صغيرا ، قال الشيخ : لا نفقة لها ، واستشكله المصنف في الشرائع لتحقق التمكين من طرفها ، ثم قال : إن الأشبه وجوب الإنفاق ، وهو مشكل . وقول الشيخ متجه لأنه الأصل ولا مخرج عنه ) [6] .
 وذهب صاحب الحدائق الى وجوب النفقة على الصغيرة وكذلك على الكبيرة إذا كان زوجها صغيرا .
 واختار صاحب الجواهر عدم وجوب النفقة للصغيرة ولا للكبيرة إذا كان زوجها صغيرا .
 وذهب الشيخ الأنصاري إلى عدم وجوب النفقة للصغيرة بحيث يحرم وطؤها ولا تسقط بصغر الزوج خاصة .
 والمحصل من هذا السرد أن الأقوال في المسألة أربعة:
 الأول: وهو المشهور وجوب النفقة للكبيرة مطلقا سواء كان الزوج صغيرا أو كبيرا
 الثاني: وجوب النفقة للصغيرة ولا نفقة للكبيرة مع صغر الزوج اختاره ابن ادريس
 الثالث: عدم وجوب النفقة للصغيرة ولا للكبيرة مع صغر الزوج اختاره الشيخ وصاحب المدارك وصاحب الجواهر
 الرابع: وجوب النفقة للصغيرة مطلقا وللكبيرة مطلقا اختاره صاحب الحدائق
 فقهاء العصر
 وأما فقهاء العصر فاختار الإمام الخميني قد التفصيل فقال: (مسألة 4 - الظاهر أنه لا نفقة للزوجة الصغيرة غير القابلة للاستمتاع منها على زوجها ، خصوصا إذا كان صغيرا غير قابل للتمتع والتلذذ ، وكذا للزوجة الكبيرة إذا كان زوجها صغيرا غير قابل لأن يستمتع منها ، نعم لو كانت الزوجة مراهقة والزوج مراهقا أو كبيرا أو كان الزوج مراهقا والزوجة كبيرة لم يبعد استحقاقها لها مع تمكينها له من نفسها على ما يمكنه من التلذذ والاستمتاع منها ) [7] .
 ومثله السيد السيستاني والشيخ فاضل اللنكراني واحتاط السيد الكلبايكاني استحبابا بالإنفاق في صورة كون الزوجة مراهقة وكان الزوج كبيرا ومكنته من نفسها بما يمكنه التلذذ والاستمتاع به منها ونفى وجوب النفقة فيما إذا كانت صغيرة مطلقا وكذلك الكبيرة إذا كان زوجها صغيرا غير قابل لأن يستمتع بها .
 وذهب السيد الماتن والسيد محسن الحكيم والشهيد الصدر إلى وجوب النفقة للصغيرة وتبعه على ذلك السيد محمد الروحاني والسيد صادق الروحاني والشيخ وحيد الخرساني والشيخ إسحاق الفياض والسيد سعيد الحكيم إلا مع شرط عدم الإنفاق .


[1] - الخلاف " الطوسي" ج 5 ص 113
[2] - السرائر " ابن إدريس " ج 2 ص655
[3] - شرائع الإسلام ج2 ص 569
[4] - مختلف الشيعة ج 5 ص 322
[5] - شرح اللمعة " الشهيد الثاني " ج 5 ص 465
[6] - نهاية المرام ج1 ص 476
[7] - تحرير الوسيلة ج 2 ص 314