الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

33/02/15

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب النكاح \ النفقات \ أقسام النفقات \ نفقة الزوجة
 والحاصل أن الأخبار المعتبرة مطلقة والأخبار الظاهرة بالحصر ضعيفة السند وما هو غير ظاهر في الحصر كموثقة إسحاق لا يصلح للتقييد وعليه فالضابطة في النفقة هو كل ما تحتاج إليه المرأة لاستمرار الحياة الزوجية بحسب عادة وما تعارف عليه عند أهل البلد وهذا قد يختلف من مكان إلى مكان آخر ومن زمان إلى زمان آخر ولا سيما أن المرأة بطبيعتها حينما تتزوج وتنشأ أسرة وتقوم بتربيتها فلا وقت لديها لكي تلبي جميع ما تحتاجه في الاستمرار .
 هذا من حيث أصل النفقة وما تحتاج إليه وأما من حيث الإنفاق والجنس فالمعروف عند الفقهاء هو مراعاة حال الزوجة بحسب ماهو عادة لأمثالها .
 قال الإمام الخميني قد: (فأما الطعام فكميته بمقدار ما يكفيها لشبعها ، وفي جنسه يرجع إلى ما هو المتعارف لأمثالها في بلدها والموالم لزاجها وما تعودت به بحيث تتضرر بتركه . وأما الأدام فقدرا وجنسا كالطعام يراعى ما هو المتعارف لأمثالها في بلدها وما يوالم مزاجها وما هو معتا لها حتى لو كانت عادة أمثالها أو الموالم لمزاجها دوام اللحم مثلا وجب ، وكذا لو اعتادت بشئ خاص من الأدام بحيث تتضرر بتركه ، بل الظاهر مراعاة ما تعارف اعتياده لأمثالها من غير الطعام والإدام كالشاي والتنباك والقهوة ونحوها ، وأولى بذلك المقدار اللازم من الفاكهة الصيفية التي تناولها كاللازم في الأهوية الحارة ، بل وكذا ما تعارف من الفواكه المختلفة في الفصول لمثلها . وكذلك الحال في الكسوة ، فيلاحظ في قدرها وجنسها عادة أمثالها وبلد سكناها والفصول التي تحتاج إليها شتاء وصيفا ، صرورة شدة الاختلاف في الكم والكيف والجنس بالنسبة إلى ذلك ، بل لو كانت من ذوات التجمل وجب لها زيادة على ثياب البدن ثياب على حسب أمثالها . وهكذا الفراش والغطاء ، فإن لها ما يفرشها على الأرض وما تحتاج إليها للنوم من لحاف ومخدة وما تنام عليها ، ويرجع في قدرها وجنسها ووصفها إلى ما ذكر في غيرها ، وتستحق في الاسكان أن يسكنها دارا تليق بها بحسب عادة أمثالها ، وكانت لها من المرافق ما تحتاج إليها ، ولها أن تطالبه بالتفرد بالمسكن عن مشاركة غير الزوج ضرة أو غيرها من دار أو حجرة منفردة المرافق ، إما بعارية أو إجارة أو ملك ، ولو كانت من أهل البادية كفاها كوخ أو بيت شعر منفرد يناسب حالها . وأما الأخدام فإنما يجب إن كانت ذات حشمة وشأن ومن ذوي الأخدام ، وإلا خدمت نفسها ، وإذا وجبت الخدمة فإن كانت من ذوات الحشمة بحيث يتعارف من مثلها أن يكون لها خادم مخصوص لا بد من اختصاصها به ، ولو بلغت حشمتها بحيث يتعارف من مثلها تعدد الخادم فلا يبعد وجوبه . والأولى إيكال الأمر إلى العرف والعادة في جميع المذكورات ، وكذا في الآلات والأدوات المحتاج إليها ، فهي أيضا تلاحظ ما هو المتعارف لأمثالها بحسب حاجات بلدها التي تسكن فيها ) [1] .
 وقيد بعضهم كالسيد السيستاني ما يليق بحالها بالقياس إلى الزوج ولعله إرادة مراعاة حال الزوجين .
 وعليه فإذا طلبت أكثر من عادة أمثالها فلا يلزم الزوج بإجابتها وإذا طلبت ما يطلبه أمثالها يلزم به الزوج مع اليسار ولا يلزم مع العسر .
 وأطلق بعضهم كالسيد سعيد الحكيم فقال إن النفقة بحسب المتعارف من دون تقييد بحسب عادة أمثالها .
 أقول: لعله في الأزمنة السابقة على زماننا من قلة الأجناس والأوصاف من سائر البلدان كان يمكن تشخيص ما يليق بحالها وعادة أمثالها وأما في مثل هذا الزمان فعاة امثالها إما غير حاصل وإما يشكل تشخيصه ولذا يقال: أنه مع الاختلاف يراعى حال الزوج كما قال في المسالك
 وقد استدل على ذلك الاعتبار أي بحسب عادة أمثالها كما في الجواهر بفتوى الأصحاب على أنه يجب القيام بذلك تبعا لعادة أمثالها .
 واستدل أيضا بقوله تعالى {رزقهن وكسوتهن } فالواجب هو الرزق المضاف إلى الزوجة الخاصة لا الرزق المضاف إلى الأزواج المنصرف إلى ما هو المعتاد لأمثالها .
 ويرد عليه:
 أما الإجماع فغير معلوم إلا بخصوص المتعارف بين الناس من إنفاق الأزواج على زوجاتهم
 وأما الآية فالإضافة لا تعني ذلك لأنه تعالى قال بالمعروف أي المتعارف بين الناس فإذا كان المتعارف مراعاة عادة أمثالها فهو وإلا فلا بد من مراعاة حال الزوج من اليسر والعسر لقوله تعالى { ولينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما أتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما أتاها }


[1] - تحرير الوسيلة ج 2 ص 316