الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

33/01/24

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب النكاح \ النفقات \ أقسام النفقات \ نفقة الزوجة
 كان الكلام في الشرط الأول لوجوب النفقة على الزوجة وبقي الكلام في الشرط الثاني
 الشرط الثاني:
 قال الشيخ في المبسوط: ( فأما الكلام في وقت وجوب النفقة والسبب الذي به يجب فلا يخلو الزوجان من أربعة أحوال إما أن يكونا كبيرين ، أو الزوج كبيرا وهي صغيرة ، أو هي كبيرة و هو صغير ، أو يكونان صغيرين . فإن كانا كبيرين كل واحد منهما يصلح للاستمتاع ، فالنفقة يجب في مقابلة التمكين من الاستمتاع لأنه لو وجد العقد دون التمكين فلا نفقة ، ولو وجد التمكين وجبت وإن نشزت سقطت . والتمكين الذي يجب في مقابلته هو التمكين المستحق بالعقد المستند إليه ، ولا نقول به وبالعقد ، بل نقول بالتمكين المستند إلى العقد ، بدليل أنه لو وجد التمكين من غير عقد أو عن عقد فاسد لم يستحق شيئا ، وذلك التمكين هو التخلية التامة . والتمكين الكامل هو أن تمكنه من نفسها على الإطلاق من غير اعتراض عليه ) إلى أن قال ( فأما إن لم تمكنه التمكين الكامل مثل أن قالت أسلم نفسي إليك في بيت أبي أو في بيت أمي أو في محلة دون محلة أو بلد دون بلد ، فلا نفقة لها ، لأن التمكين الكامل ما وجد كما قلناه في الأمة إذا أسلمت نفسها ليلا وانصرفت نهارا . هذا الكلام في التمكين التام والناقص ، فأما إن لم يوجد واحد منهما مثل أن عقد النكاح وتساكتا من غير مطالبة بتمكين ولا إنفاق ، فإن النفقة لا تجب ولو بقيا سنين على هذه الصورة ، سواء كان كل واحد منهما على صفة متى طولب بما يجب من جهته بادر به ، أو لم يكن كذلك ، لأن النفقة إنما يجب بوجود التمكين لا بإمكان التمكين ) [1] .
 ومثله في المهذب للقاضي ابن البراج
 وقال في السرائر: (لأن المناط في وجوب الإنفاق على الزوجات التمكين التام المستند إلى العقد الصحيح ) [2]
 وقال في الشرائع: (الثاني : التمكين الكامل ، وهو التخلية بينها وبينه ، بحيث لا تخص موضعا ولا وقتا . فلو بذلت نفسها في زمان دون زمان ، أو مكان دون مكان آخر ، مما يسوغ فيه الاستمتاع لم يحصل التمكين . وفي وجوب النفقة بالعقد أو بالتمكين تردد ، أظهره بين الأصحاب وقوف الوجوب على التمكين ) [3]
 وقال العلامة في الإرشاد: (في الموجب وهو العقد الدائم بشرط التمكين التام ، سواء كان حرة أو أمة أو كافرة ، فلو امتنعت زمانا من غير عذر أو مكانا سقطت ) [4]
 وقال في القواعد: (وهل تجب النفقة بالعقد بشرط عدم النشوز أو بالتمكين ؟ فيه إشكال ) [5] .
 وتنظر ولده في الإشكال فقال: ( لكن قد وجد هنا العمومات الدالة على وجوب نفقة الأزواج والأصل عدم التخصيص ) إلى أن قال: (ومذهب والدي المصنف أن التمكين هو الشرط أو السبب مع العقد الدائم وهو الأصح عندي ) [6] .
 وقال الشهيد في اللمعة: (تجب نفقة الزوجة بالعقد الدائم بشرط التمكين الكامل في كل زمان ومكان يسوغ فيه الاستمتاع ، فلا نفقة للصغيرة ولا للناشزة ولا للساكتة بعد العقد ما لم تعرض التمكين عليه ) [7]
 ومثله في الدر المنضود
 وفي جامع المقاصد أن النفقة عوض التمكين وفي رسائله إذا صارت الصغيرة في محل التمكن ومكنت وجبت نفقتها وإلا فلا .
 وفي الروضة: (تجب نفقة الزوجة بالعقد الدائم دون المنقطع سواء في ذلك الحرة والأمة المسلمة والكافرة بشرط التمكين الكامل وهو أن تخلي بينه وبين نفسها قولا وفعلا في كل زمان ومكان يسوغ فيه الاستمتاع فلو بذلت في زمان دون زمان ، أو مكان كذلك يصلحان للاستمتاع ، فلا نفقة لها ، وحيث كان مشروطا بالتمكين . فلا نفقة للصغيرة التي لم تبلغ سنا يجوز الاستمتاع بها بالجماع - على أشهر القولين - لفقد الشرط وهو التمكين من الاستمتاع . وقال ابن إدريس : تجب النفقة على الصغيرة لعموم وجوبها على الزوجة ، فتخصيصه بالكبيرة الممكنة يحتاج إلى دليل ) [8]
 وفي نهاية المرام: (اختلف الأصحاب في اعتبار هذا الشرط ، فذهب الأكثر إلى اعتباره وإن العقد بمجرده لا يوجب النفقة ، وإنما يجب بالتمكين إما بجعله تمام السبب أو سببا تاما أو شرطا في الوجوب . وربما قيل بوجوب النفقة بالعقد كالمهر لكنها تسقط بالنشوز . والمعتمد ، الأول اقتصارا فيما خالف الأصل على موضع الوفاق وليس فيما وصل إلينا من الأدلة النقلية ما ينافي ذلك صريحا ولا ظاهرا ) [9] .
 وفي كفاية الأحكام: (وهل يجب النفقة بمجرد العقد ، والنشوز مسقط ، أم تجب بالتمكين ؟ فيه قولان ، أشهرهما الثاني . ولعل الأقرب الأول ، لعموم الأدلة الدالة على وجوب نفقة الزوجة ، ويسقط النشوز بدليل من خارج ) [10]


[1] - المبسوط ج 6 ص 11
[2] - السرائر ج 2 ص655
[3] - شرائع الإسلام ج 2 ص 569
[4] - إرشاد الأذهان ج 2 ص 36
[5] - قواعد الأحكام ج 3 ص 103
[6] - إبضاح الفوائد ج 3 ص 268
[7] - اللمعة الدمشقية 177
[8] - الروضة ج 5 ص 465
[9] - نهاية المرام ج 1 ص 475
[10] - كفاية الأحكام ج 2 ص 297