الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

33/01/23

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب النكاح \ النفقات \ أقسام النفقات \ نفقة الزوجة
 انتهى بنا الحديث إلى باب النفقات قال الماتن:
 ( الفصل العاشر ( في النفقات ) وهي أقسام : نفقة الزوجة ونفقة الأقارب ونفقة المملوك إنسانا كان أو حيوانا . أما نفقة الزوجة الدائمة فتجب على الزوج وهي الإطعام والكسوة والسكنى والفراض والغطاء وآلة التنظيف وسائر ما تحتاج إليه بحسب حالها بشرط أن تكون عنده فإذا خرجت من عنده تاركة له من دون مسوغ شرعي لم تستحق النفقة والمشهور أن وجوب النفقة مشروط بعدم النشوز وهو التمرد على الزوج بمنعه عن حقوقه أو بفعل المنفرات له عنها وإن كان مثل سبه وشتمه وفيه إشكال ) [1] .
 النفقة لا تجب من حيث هي وإن وجبت من حيث توقف حفظ النفس المحترمة وإنما تجب بعنوانها بأحد أسباب ثلاثة: الزوجية والقرابة والملك بإجماع الأمة وقد بدأ السيد الماتن بنفقة الزوجية إما لمناسبة المقام أو لقوة إيجابه لوجوب قضاء الفائت ووجوبها للمرأة الغنية والفقيرة .
 وقد ذكر الماتن شرطين لوجوب النفقة على الزوجة
 الأول: أن يكون الزواج بالعقد الدائم
 الثاني: أن لا تخرج من بيته إلا بمسوغ شرعي من إذن الزوج أو غيره من مسوغات الخروج كالذهاب إلى الحج الواجب أو لزوم الضرر والحرج من بقائها في منزل الزوج.
 ولم يشترط مطلق عدم النشوز ولا التمكين التام خلافا للمشهور
 الأدلة
 استدل على وجوب النفقة على الزوجة في الجملة بإجماع المسلمين قاطبة وبالكتاب والسنة المتواترة .
 الدليل الأول: الكتاب
 ﭧ ﭨ ﭽ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﭼ [2]
 قال الفخر:
 ( دلت على وجوبها حال انشغالها بولدها عن استمتاع الزوج فدلالتها حل عدم انشغالها اولى ) [3] .
 وقيل انها واردة في اجرة الرضاع.
 ﭧ ﭨ ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭛ ﮃ ﭼ [4]
 ﭧ ﭨ ﭽ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﭼ [5]
  ﭧ ﭨ ﭽ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﭼ [6]
 إلى غير ذلك من الآيات وإن كانت تحتاج إلى بعض التأمل
 الدليل الثاني: السنة
 إن النصوص الواردة في السنة الدالة على المدعى فاقت حد التواتر على ما في الجواهر ومن هذه النصوص:
 منها: صحيح ربعي والفضيل بن يسار فقد روى محمد بن علي بن الحسين بإسناده ، عن ربعي بن عبد الله والفضيل بن يسار جميعا ، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى : ( " ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله " قال : إن أنفق عليها ما يقيم ظهرها مع كسوة وإلا فرق بينهما ) [7] .
 منها:صحيح عاصم بن حميد ، عن أبي بصير يعني المرادي قال: (سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول:من كانت عنده امرأة فلم يكسها ما يواري عورتها ويطعمها ما يقيم صلبها كان حقا على الإمام أن يفرق بينهما ) [8]
 منها: موثقة إسحاق بن عمار أنه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن حق المرأة على زوجها ، قال : ( يشبع بطنها ويكسو جثتها وإن جهلت غفر لها ) [9]
 منها: صحيح ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج قال: لا يجبر الرجل إلا على نفقة الأبوين والولد ، قال ابن أبي عمير : قلت لجميل : والمرأة قال: قد روى عنبسة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (إذا كساها ما يواري عورتها ويطعمها ما يقيم صلبها أقامت معه وإلا طلقها ، قلت : فهل يجبر على نفقة الأخت ؟ فقال : لو أجبر على نفقة الأخت كان ذلك خلاف الرواية) [10]
 منها: صحيح عبد الرحمن بن الحجاج ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال: ( خمسة لا يعطون من الزكاة شيئا : الأب ، والأم ، والولد ، والمملوك ، والمرأة ، وذلك أنهم عياله لازمون له ) [11]
 وفي حديث آخر قال: ( لأنه لا يجبر على النفقة عليهم ) [12]
 منها: صحيح الحلبي عن أبي عبد الله ( ع ) قال: ( قلت: من الذي أجبر على نفقته ؟ قال: الوالدان والولد والزوجة والوارث الصغير ) [13]
 إلى غير ذلك من النصوص الآتية في طيات مسائل النفقة
 والكلام إنما في الشروط ومقدار النفقة واللواحق .قلنا أن السيد الماتن قد ذكر شرطين لوجوب النفقة على الزوجة .

  الأول: دوام الزوجية .

 والثاني: عدم الخروج من بيته من دون مسوغ شرعي .

 الشرط الأول:
  أجمع الأصحاب على عدم وجوب النفقة على الزوجة المتمتع بها بلا أي خلاف يذكر مع ان ظاهر أدلة وجوب النفقة إما مطلقة تشمل المتمتع بها أو مخصوصة بالدائم بدون لسان ينفي وجوبها عن المنقطع ولذا نحتاج إلى مخصص معتبر للخروج عك الاطلاق ولا يكفي الإجماع مع احتمال مدركيته .
 لاحتمال أن يكون المجمعون اعتمدوا

في التخصيص على الأخبار التي دلت على أن المتمتع بها كالمستأجرة والأجير لا نفقة له .
 وفيه: ما مر من ان التشبيه بالمستأجرة من حيث تقريب الموضوع إلى الأذهان فهي كالمستأجرة والتي ينقص مهرها بقدر التخلف وإلا فلو كانت مستأجرة حقيقة لما لزم دفع المهر بمجرد العقد أو هبة الأجل لها أو لكان للرجل حق المطالبة ببقية المهر عند وفاتها من ورثتها مضافا إلى أن الرجل بعد دفعه المهر للزوجة يتمتع هو وهي على حد سواء .
 أو اعتمدوا

على رواية هشام بن سالم عن أبي عبد الله ( ع ) في حديثه في المتعة قال: ( لا نفقة ولا عدة عليك ) [14]
 وفيه: أنها ضعيفة بموسى بن سعدان فقد ضعفه النجاشي وابن الغضائري .
 أو اعتمدوا

على ما نقله الكليني عن علي إبراهيم عن أبيه عن عمرو بن عثمان عن إبراهيم بن الفضل عن أبان بن تغلب في حديث صيغة المتعة أنه قال لأبي عبد الله عليه السلام : (فاني أستحي أن أذكر شرط الأيام قال : هو أضر عليك ، قلت : وكيف ؟ قال : لأنك إن لم تشرط كان تزويج مقام ولزمتك النفقة في العدة وكانت وارثا ، ولم تقدر على أن تطلقها إلا طلاق السنة ) [15]
 وتقريب الدلالة أن النفقة تلزم في العقد الدائم وهذا ما يميزه عن المتعة وأن المتعة لا نفقة لها وعليه تصلح لتخصيص تلك العمومات .
 وفيه:
 أولا: ضعيف السند فإن إبراهيم بن الفضل الوارد في السند مجهول الحال ولم يوثق في كتب الرجال .
 ثانيا: ضعف الدلالة لأن لزوم النفقة في العدة للمطلقة رجعيا لا يستلزم عدم النفقة للمتمتع بها حال الزوجية باعتبار أن نفقة المطلقة في العدة الرجعية لكونها زوجة وأما العدة بعد انتهاء المتعة فهي عدة بائنة ولا نفقة في المعتدة بائنا نعم لو كانت العبارة هكذا كان نكاح مقام ولزمتك النفقة في هذا الحال بخلاف ما لو ذكر الأجل كانت الرواية دليلا على عدم وجوب النفقة في المنقطع .
 
 
 


[1] - منهاج الصالحين ج 2 ص 287
[2] - البقرة 233
[3] إيضاح الفوائد ج 3 ص 266
[4] - البقرة: ٢٣١
[5] - النساء: ١٩
[6] - الطلاق: ٧
[7] - الوسائل باب 1 من أبواب النفقات ح 1
[8] - الوسائل باب 1 من أبواب النفقات ح 2
[9] - الوسائل باب 1 من أبواب النفقات ح 3
[10] - الوسائل باب 1 من أبواب النفقات ح 4
[11] - الوسائل باب 13 من أبواب المستحقين للزكاة ح 1
[12] - الوسائل باب 13 من أبواب المستحقين للزكاة ح 4
[13] - الوسائل باب 1 من أبواب النفقات ح 9
[14] - الوسائل باب 47 من ابواب المتعة ح 1
[15] - الوسائل باب 47 من ابواب المتعة ح 2