الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

33/01/16

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب النكاح \ أحكام الأولاد \ حضانة الأم \ مسألة 1395
  ( مسألة 1395 ) : الظاهر أن الأم تستحق الأجرة على الحضانة إلا إذا كانت متبرعة بها أو وجد متبرع بالحضانة [1]
 تعرض السيد الماتن في هذه المسألة إلى أن الأم تستحق الأجرة على الحضانة لو طالبت بالأجرة بشرط أحد أمرين:
 أولا: عدم كونها حال القيام بأعمال الحضانة ناوية للتبرع والمجانية
 ثانيا: أن لا يكون هناك متبرع بالحضانة
 ومع أحدهما فلا أجرة لها فإما أن تتبرع أو ينزع الولد منها إذا امتنعت عن حضانته مجانا ويعطيه للمتبرع .
 ثم إن هذه المسألة بالخصوص لم يتعرض لها الأصحاب في كلامهم إلا ما يظهر من صاحب المسالك من التسالم على عدم الأجرة على حضانة الأم لولدها وقد صرح بذلك الشيخ مغنية في كتابه الفقه على المذاهب الخمسة من أن الإمامية لا ترى استحقاق الأم الأجرة على الحضانة فيما يظهر من صاحب الجواهر عكس ذلك .
 قال في الجواهر: (إن كان المراد أنها ولاية كغيرها من الولايات التي لا تسقط بالإسقاط وأنه تجب على الأم مراعاة ذلك على وجه لا تستحق عليه الأجرة - كما صرح به في المسالك - منهما ليس في شئ من الأدلة ما يقتضي ذلك ، بل فيها ما يقتضي خلافه ، كالتعليق على مشيئتها والتعبير بالأحقية ، بل ظاهرها كون هذه الأحقية مثلها في الرضاع ، وحينئذ لا يكون ذلك واجبا عليها ، ولها إسقاطه والمطالبة بأجرته) [2]
 فقهاء العامة
 اختلف الفقهاء في المذاهب الأربعة في جواز أخذ الأجرة على الحضانة أو عدمه على أقوال:
 قالت الحنفية: بأن أجرة الحضانة ثابتة للحاضنة وهي غير أجرة الرضاع وغير نفقة الولد فتجب على الأب أو من تجب عليه النفقة وتثبت أجرة الحضانة إذا لم تكن الزوجية قائمة أو لم تكن معتدة فإن كانت زوجة أو معتدة لأب الطفل فإنه لا حق لها في أجرة الحضانة .
 وقالت المالكية: ولا أجرة للحاضنة وهذا هو المشهور ومقابله قول بلزوم الأجرة ومحل الخلاف إذا كانت غنية
 وفصل بعضهم بين أن يكون حق الحضانة للأم فلا تستحق الأجرة وبين أن يكون للطفل فتستحق
 وقالت الحنابلة: أحق الناس بحضانة الطفل والمعتوه أمه بلا نزاع ولو كان بأجرة المثل كالرضاع .
 وقالت الشافعية: ومؤونة الحضانة في مال المحضون فإن لم يكن له مال فعلى من تلزمه نفقته لأنها من أسباب الكفاية كالنفقة .
 فقهاء العصر
 ذهب إلى استحقاق الأم الأجرة على الحضانة كل من الماتن والسيد محسن الحكيم والشهيد الصدر والسيد محمود الهاشمي والسيد السيستاني والسيد محمد الروحاني والسيد صادق الروحاني والشيخ وحيد الخرساني والشيخ اسحاق الفياض.
  فيما ذهب السيد سعيد الحكيم إلى عدم استحقاقها الأجرة فلو طالبت بالأجرة كان للأب انتزاع الصبي منها ودفعه لغيرها ولو بالأجرة نعم للأب أن يستأجرها بما يتفقان عليه فتستحق الأجرة ,
 وعلق السيد تقي القمي على عبارة السيد الماتن بقوله لم يظهر لي وجه الاستحقاق ومقتضى الأصل عدمه
 ولم يستبعد عدم استحقاقها الأجرة الشيخ فاضل اللنكراني وذلك لعدم إشعار شيء من الروايات الواردة في هذا المجال على الاستحقاق مع دلالة جملة منها عليها بالإضافة إلى الرضاع فتدبر جيدا
 ولم يتعرض لهذه المسألة الإمام الخميني والسيد القائد تبعا لصاحب الوسيلة
 أقول:على القول بأن الحضانة من باب الولاية فعدم الاستحقاق واضح لأن المفهوم منها الإتيان بالحضانة على وجه المجانية وعليه يصح كلام صاحب المسالك كما أوضحه صاحب الجواهر وأما على القول بأن الحضانة من الحقوق كما هو الحق حينئذ يتأتى الكلام عن استحقاقها للأجرة وعدمه .
 ولما كانت الحضانة تتمثل في خدمة الطفل والقيام بشؤونه فهي عمل من الأعمال المشروعة يمكن الاعتياض عنه بالمال تؤديه الحاضنة الأم لحساب والد الصغير أي لمصلحة الأب ويسمى ذلك العوض عند العرف بأجرة الحاضنة غير أن ذلك العوض ليس أجرة خالصة بل فيه شبه بالنفقة ولذا كانت الأجرة على الأب أو من مال الطفل إذا كان له مال .
 إذا مقتضى استحقاق الأجرة موجود فيما إذا لم تكن متبرعة والقائل بالمنع عليه أن يأتي بالدليل على ذلك وما يمكن أن يذكر من دليل على المنع مطلقا أو في بعض صور الحضانة أحد أمور يأتي الحديث عنها إن شاء الله .


[1] - منهاج الصالحين السيد الخوئي ج 2 ص 286
[2] - جواهر الكلام ج 31 ص 283