الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

32/11/29

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب النكاح \ أحكام الأولاد \ حضانة الأم \ مسألة 1392
  ( مسألة 1392 ) : إذا طلبت الأم أجرة للرضاع زائدة على غيرها أو وجد متبرع به وكان نظر الأب الإرضاع من غيرها ففي سقوط حق الحضانة إشكال والأظهر سقوطه " [1] .
 أدلة القول الأول
 استدل للسقوط بثلاثة أدلة
 الدليل الأول : أن الحضانة بالأصل للوالد خرج عنها الحضانة التابعة للرضاع لأنها هي المتيقنة من النص فيبقى غيرها على الأصل .
 وفيه :

أن ذلك يتم لو كان حق الحضانة للأم يثبت لها بتبع ثبوت حق الإرضاع وهو أول الكلام .
 والتعبير بالتبعية في العادة كما في بعض التعبيرات لا يعني تبعية حق الحضانة لحق الإرضاع شرعا وذلك لإمكان كون الولد في حضانة الأم مع كون رضاعه من امرأة أخرى إما بحمل الولد إلى المرضعة عند الحاجة إلى اللبن أو بإحضار المرضعة إلى محل الولد
 الدليل الثاني : لزوم العسر والحجر زمانا ومكانا في تفريقهما
 وفيه :

انه أخص من المدعى واستلزام الحرج لا يوجب رفع اليد عن الحق الثابت مطلقا بل بمقداره فلو لم يلزم الحرج فلا يسقط حق الحضانة ولذا قال الشهيد الثاني : " والضرر بذلك لا يبلغ حد إسقاط الحق الثابت " [2] وحينئذ فإن تعذر إتيان المرضعة إلى محل الصبي حمل الصبي إليها وقت الإرضاع خاصة فإن تعذر جميع ذلك اتجه سقوط حقها في الحضانة لأن الإرضاع واجب لإنقاذ حياة الطفل فهو مقدم على حق الحضانة فيرتفع مانعية الأب من نزعه منها لأن في عدم جواز نزعه منها حرج .
 الدليل الثالث : التمسك برواية داوود بن الحصين المتقدمة عن ابي عبد الله ( ع ) " ما دام الولد في الرضاع فهو بين الأبوين بالسوية ، فإذا فطم فالأب أحق به من الأم فإذا مات الأب فالأم أحق به من العصبة ، وإن وجد الأب من يرضعه بأربعة دراهم وقالت الأم : لا أرضعه إلا بخمسة دراهم فإن له أن ينزعه منها إلا أن ذلك خير له وأرفق به أن يترك مع أمه " [3] .
 وبمفهوم رواية ابي الصباح المتقدمة

" إذا طلق الرجل المرأة وهي حبلى أنفق عليها حتى تضع حملها وإذا وضعته أعطاها أجرها ولا يضارها إلا أن يجد من هي أرخص أجرا منها فإن هي رضيت بذلك الأجر فهي أحق بابنها حتى تفطمه" [4]
 وبمفهوم رواية أبي العباس البقباق

" قال : قلت له الرجل أحق بولده أم المرأة ؟ قال - عليه السلام - : ( لا بل الرجل فإن قالت المرأة لزوجها الذي طلقها أنا أرضع ابني بمثل ما تجد من ترضعه فهي أحق به " [5]
 إلى غير ذلك من الأخبار المقيدة لاطلاق دليل الحضانة.
 وأورد على الاستدلال بها الشهيد الثاني
  أولا : بأن الأخبار ضعيفة السند
 ثانيا : إمكان حملها على أن المراد نزعه من جهة الرضاع لا مطلقا .
 والجواب
  أولا : أن ما ذكره من ضعف الأخبار يتم في الخبرين الأخيرين ولا يتم في الخبر الأول لأنه موثق والموثق حجة عندنا
 ثانيا : حمل الرواية على إرادة النزع بعيد جدا عن سياق الخبر الأول والثالث فإن السؤال في رواية أبي العباس عن الحضانة لتردده بين الأم والأب وهذا لا يناسب السؤال عن الإرضاع .
 وكذلك في رواية بن الحصين فقد فرض فيه أن الولد في مدة الرضاع بين الأبوين وهذا لا يلاءم الإرضاع لأن الأم هي التي ترضع أو غيرها والأب إنما له الحضانة وكذلك باقي سياق الرواية فإنه ظاهر في الأحقية بلحاظ الحضانة مع ملاحظة التعبير بالنزع المنافي لحق الحضانة وكذلك قوله وأرفق به أن يترك مع أمه فإنه لو أريد الإرضاع فقط لكان الأنسب أن لا يعبر بالأرفق مع الظرفية والمناسبة لإرادة الحضانة مع الإرضاع .
 نعم لو لم يستظهر جواز أخذ الأب الولد من الأم في تلك الحال واحتمل احتمالا قويا إرادة نزع الولد من اجل الاسترضاع فإنه لا مجال للقول بالسقوط لأن الأدلة الأخرى الدالة على الحضانة مطلقة تشمل صورة ما إذا سقط حق الإرضاع كقوله ( ع ) الأم أحق ما لم تتزوج وكذلك قوله الأم أحق إلى سبع سنيين ومعه لا معنى للتمسك باستصحاب بقاء حق الحضانة عند الشك في ثبوتها بعد سقوط حق الارضاع .
 فتحصل أن الأقوى هو ما ذهب إليه السيد الماتن وجملة من مراجع العصر وفاقا للمشهور .


[1] منهاج الصالحين السيد الخوئي ج 2 ص 286
[2] مسالك الأفهام ج 8 ص 436
[3] وسائل ب 81 من أبواب أحكام الأولاد ح 1
[4] الوسائل باب 70 من أبواب أحكام الأولاد حديث 5
[5] الوسائل باب 81 من أبواب أحكام الأولاد حديث 3