الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

32/11/20

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب النكاح \ أحكام الأولاد \ حضانة الأم \ مسألة 1390
 مسألة ( 1390) ( لو ماتت الأم في مدة الحضانة فالأب أولى به من وصيها وأبيها وأمها وغيرهما من أقاربها وإذا فقد الأبوان فأبو الأب أولى به ومع فقده فالوصي لأحدهما ومع فقده فثبوت الحضانة للأقرب من الأقارب إشكال) [1] .
 تعرض السيد الماتن في هذه المسالة الى فرعين
 الأول : فيما لو ماتت الأم في مدة الحضانة فالأب أحق من أي شخص آخر من وصي لها أو قريب لها
 الثاني : فيما لو فقد الأبوان فأب الأب أولى من غيره ومع فقده فالوصي لأحدهما أولى ومع فقده استشكل في ثبوت الحضانة للأقرب من الأقارب بحسب طبقات الإرث فالأحوط وجوبا الاستئذان من الحاكم الشرعي .
 الفرع الأول :
 أجمع الأعلام قديما وحديثا على انتقال الحضانة إلى الأب في فرض موت الأم في مدة حضانتها بلا أي خلاف من أحد حتى من استشكل في مسألة موت الأب بعد انتقال الحضانة إليه كالشيخ بهجت .
 ويمكن الاستدلال عليه مضافا الى الإجماع والتسالم بنصوص الحضانة الدالة على أن الحق منحصر بينهما فإذا انتفى عن الآخر لموت أو غيره من الموانع ثبت للآخر لا سيما أن الأب له الولاية والولد منه ولا يحتمل تقديم غيره عليه , بل حتى لو قيل بانتقالها إلى الأقارب بحسب الميراث بالترتيب , فالأب أولى , إذ لا يوجد غيره حينئذ من الطبقة الأولى المقدم على سائر الطبقات
  وكما هو أولى من سائر الأقارب كذلك أولى من وصي الأم ويستفاد ذلك من دليل منع وصي الأب أن ينتزع الولد من حجر الأم بعد موت الأب فمنع وصي الأم من حضانة الولد مع وجود الأب أولى لان وصي الأم لا ولاية له على الأولاد حيث لا يزيد الفرع عن الاصل أي الأم الموصية كما لا يخفى.
 الفرع الثاني :
 اختلف الاصحاب في حكم الحضانة مع فقد الأبوين على أقوال :
 القول الأول : ما عن الشيخ في المبسوط وابن إدريس في السرائر والعلامة في غير المختلف والمحقق في الشرائع وهو أن تكون الحضانة لأب الأب مقدما على غيره من الإخوة والأجداد وان شاركوه في الإرث.
 القول الثاني : ما عن الأكثر وهو ثبوت الحضانة لباقي الأقارب بحسب الترتيب الارثي فينظر الى الموجود من الأقارب ويقدم لو كان وارثا فعلا ويحكم له بحق الحضانة فإذا اتحد اختص وإذا تعدد أقرع بينهما.
 القول الثالث : ما عن العلامة في القواعد وهو ثبوت الحق للأجداد ويقدمون على الإخوة ومع فقدهم ينتقل الى سائر المراتب
 القول الرابع : ما اختاره الشيخ المفيد في المقنعة وهو أنه مع فقد الأبوين ينتقل الحكم الى أم الأب فان لم يكن له أم وكان له أب قام مقامها وإذا لم يكن للأب أب ولا أم كانت أم الأم التي هي الجدة أحق به من غيرها
 القول الخامس : ما عن ابن الجنيد من أن قرابة الأم أحق من قرابة الأب لحكم النبي صلى الله عليه وآله بابنة حمزة لخالتها دون أمير المؤمنين عليه السلام وجعفر وقد طالبا بها لأنها ابنة عمهما جميعا وقال أمير المؤمنين عليه السلام عندي ابنة رسول الله صلى الله عليه وآله وهي أحق بها فقال الرسول صلى الله عليه وآله ادفعوها الى خالتها فان الخالة أم .
 قال في الحدائق : " والمسألة لعدم النص لا تخلو من الإشكال إلا أن الظاهر أن ما ذكره ابن إدريس هو الأقرب الى جادة الاعتدال حيث قال : بعد أن نقل عن الشيخ في الخلاف كلاما طويلا يتضمن تعدية ولاية الحضانة الى باقي الورثة وتقديم بعضهم على بعض كما صورته ما ذكره الشيخ في الخلاف من تخريجات المخالفين ومعظم قول الشافعي وبناهم على القول بالتعصيب وذلك عندنا باطل , ولا حضانة عندنا إلا للأم نفسها والأب فأما غيرهما فليس لأحد عليه ولاية سوى الجد من قبل الأب خاصة " [2] .
 وفي نهاية المرام قال : " وعلى هذا فلو فقد الأبوان والجد ، فإن كان للولد مال استأجر الحاكم عليه من يربيه من ماله ، وإن لم يكن له مال كان حكم تربيته حكم الإنفاق عليه ، فيجب على المؤمنين كفاية ، والله تعالى أعلم بحقائق أحكامه " [3] .
 وفي الجواهر : " فإن عدم أي أب الأب قيل كانت الحضانة للأقارب وترتبوا ترتب الإرث نظرا إلى أولوية الأرحام في الآية وفيه تردد أو منع إذ المتجه حينئذ كون الحضانة للوصي للأب ثم للوصي للجد ، لكونهما نائبين عنهما وقائمين مقامهما ، ومنها حضانة الطفل وتربيته والسعي في مصالحه ومفاسده ، وربما استفيد من مرسل ابن أبي عمير ثبوت حق في الجملة للوصي وإن كانت الأم أحق منه ، لكن لم أجده قولا لأحد من الأصحاب مع كثرة أقوالهم في المسألة وتشتتها ..إلى أن قال .. والذي يقوى في النظر كونها للجد من قبل الأب بعد فقد الأبوين ثم للوصي المتأخر موته منهما ، ثم للأرحام على مراتبهم في الإرث ، ثم للحاكم ، ثم للمسلمين كفاية ، والله العالم " [4] .
 هذا تمام الكلام في أقوال العلماء أما مراجع العصر فيأتي الكلام
 


[1] منهاج الصالحين ج 2 ص 286
[2] الحدائق الناضرة ج 25 ص 96
[3] نهاية المرام ج 1 ص 472
[4] جواهر الكلام ج 31 ص 298