الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

32/11/08

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب النكاح \ أحكام الأولاد \ حضانة الأم \ مسألة 1388
 
 قلنا باعتبار الاسلام في الحاضن وأنه محل اتفاق قديما وحديثا وسنبحث الآن الأدلة على هذا الشرط
 الأدلة
 الدليل الأول : الإجماع
 فبعد التتبع وجدنا أن هناك إجماع غير محتمل المدركية يمكن أن نستكشف منه وجود سيرة متشرعية لأنه بناءا على مبنى السيد الشهيد يكون الإجماع حجة باعتبار أنه كاشف عن سيرة متشرعية والسيرة المتشرعية واضح أنها معلول للبيان الشرعي تكشف كشفا إنيا عن البيان الشرعي وبالتالي تكون حجة .
  فإن قيل أن دلالة الآية والرواية تكشف عن وجود مدركية للإجماع
 قلنا : لا اعتبار لذلك لأن الاستدلال بهما على المطلب بالخصوص انما حصل بعد الإجماع .
 الدليل الثاني : قوله تعالى ( ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ) [1]
 وتقريب الاستدلال بالآية أن الحضانة ولاية وسلطنة فجعلها للكافر موجب لجعل السبيل له على المؤمن وهذا منفي بنص الآية
 وأورد على هذا الاستدلال بعدة إيرادات

 الإيراد الأول :

أن الآية تخصص بنصوص الحضانة الشاملة للكافر كما خصصت في تملك الكافر للمسلم في بعض الفروع
 ويرد عليه

 1 أن الثابت في تلك المسألة هو الملكية لا السلطنة ولا والولاية على التصرف ولذلك يجبر على بيعه من المسلم فلا تخصيص
 2 أن النسبة بين الآية ونصوص الحضانة عموم من وجه والمقدم هو الآية لقطعيتها سندا
 3 أن الآية لسانها لسان الحكومة فهي مقدمة قطعا على أدلة الأحكام الأولية ومنها نصوص الحضانة
 الإيراد الثاني : أن السبيل المنفي في الآية هو الحجة لا التسلط عليه ولذا يثبت للكافر السلطنة على أجيره المسلم حيث يجب عليه تنفيذ ما استأجره عليه
 الإيراد الثالث : أن الحضانة كما سيأتي ليست من الولايات وإنما هي من الحقوق فلا تكون مشمولة بالآية
 الإيراد الرابع : الظاهر أن المراد من الآية الجعل التكويني فيما يتعلق بأمور الآخرة لا الجعل التشريعي ويستفاد ذلك من قرينة السياق لما قبلها وهو قوله تعالى ( فالله يحكم بينهم يوم القيامة ) ومن وجود حرف الاستقبال.
 مضافا إلى أنه يمكن دعوى انصراف السبيل في خصوص ما لو كان السبيل للكافر تعود فيه المصلحة اليه بخلاف ما لو كانت المصلحة عائدة للمؤمن فلا مشكلة
 الدليل الثالث : استدلوا بقول النبي ص " أن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه " [2]
 وتقريب الاستدلال بالحديث أن الأحكام الشرعية روعي فيها علو المسلمين على الكفار وعليه فجعل الحضانة للكافر موجب لعلوه على المسلم وهو منفي بالحديث
 وأورد على هذا الاستدلال
 1 من حيث السند فالحديث نبوي ضعيف لا يجبره عمل المشهور به ولا نسبة الصدوق إلى النبي ص بنحو الجزم
 2 ومن حيث الدلالة فإنه مجمل يحتمل معان خمسة
 أ علو الإسلام من حيث أنه أشرف الأديان
 ب علوه من حيث الحجة والبرهان لأن حقيقة الإسلام مستندة إلى الحجج الواضحة والبراهين الساطعة يفهمها كل عاقل مميز حتى الصبيان وهذا بخلاف سائر الأديان فإنها تبنى على خيالات واهية .
 ج علوه بمعنى الغلبة على سائر الأديان
 د علوه بمعنى أن لا ينسخ
 ه ما فهمه الفقهاء وهو إرادة بيان الحكم الشرعي الجعلي بعدم علو غيره عليه
 فالحاصل مع وجود الاحتمال يبطل الاستدلال وتفسيره بعلو المسلم على الكافر مخالف للوجدان بداهة مشاهدة علو الكفار على المسلمين في كثير من الأزمان .
 فلم يبق إلا الإجماع المدعى وهو الحجة في المقام ولا بد من الاقتصار على كون الولد مسلما فما ذكره الشهيد الثاني في المسالك من أن الولد لو وصف الإسلام ولم يسلم ينزع من أهله هو في غير محله إذ هو مخالف لمقتضى الأدلة التي لا يصلح للخروج عنها باعتبارات لا دليل عليها من الشرع .
 وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين


[1] سورة النساء آية 141
[2] وسائل الشيعة ج 17 ص 460