الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

32/11/07

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب النكاح \ أحكام الأولاد \ حضانة الأم \ مشألة 1388
 
 كان الكلام في الشرط الأول من شروط الحضانة وهو الحرية وقلنا أنه محل اتفاق وبقي الحديث حول الأخبار لكن قبل الحديث حولها نجيب على إشكال على الجمع الذي ذكرناه بين الروايات حيث قلنا أن الروايات التي تحدثت حول السنتين تدل على أن بعد السنتين يحق للأب أن ينزع الولد من أمه وروايات السبع تدل على أنه لا يحق للأب أن ينزع الولد من أمه بعد السنتين ولا يمكن الجمع الموضوعي ولا الجمع الحكمي ولا يوجد ترجيح بالأشهرية ولا موافقة الكتاب ولا مخالفة السنة رجعنا الى الرواية التي تثبت الحضانة للأب منذ الولادة الى البلوغ وقلنا هذا العام ليس مخصص بالزمان نعم في السنتين مخصص لعدم تنافي رواية السبع والسنتين في هذه الفترة وبالتالي نتمسك بهذا العام ونثبت الحضانة للأب بعد السنتين إلى البلوغ .
 إن قلت يكفي التعارض بين الروايتين فيتساقطا فتثبت الحضانة للأب
 قلنا : هذا الكلام مردود لأنه ثبتت الحضانة بعد السبع للأب وقبل السنتين للأم لكن ما بينهما مشكوك فيها فإذا لم يكن عندنا عام فوقاني نتمسك به حينئذ نستصحب حضانة الأم الثابتة إلى السنتين ومع وجوده فهو مانع من التمسك بالاستصحاب لأنه مع وجود الدليل الاجتهادي لا يرجع الى الأصول العملية
 إن قلت هذا الاستصحاب معارض باستصحاب عدم الجعل الزائد
  قلنا : أنه أثبتنا في علم الأصول عدم صحة التعارض فراجع
 
 الدليل الثالث : الأخبار
 منها : صحيح فضيل بن يسار
 محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن الفضيل بن يسار ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : " أيما امرأة حرة تزوجت عبدا فولدت منها أولادا فهي أحق بولدها منه وهم أحرار ، فإذا أعتق الرجل فهو أحق بولده منها لموضع الأب " [1]
 مناقشة الرواية
 الرواية من جهة السند صحيحة أما من جهة الدلالة فهي مطلقة من حيث الزمان فتثبت الحضانة للأب مع عدم وجود المانع والعبودية مانع مع ارتفاعها تثبت الحضانة له "
 منها : صحيح داوود
  محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن داود الرقي قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن امرأة حرة نكحت عبدا فأولدها أولادا ثم إنه طلقها فلم تقم مع ولدها وتزوجت ، فلما بلغ العبد أنها تزوجت أراد أن يأخذ ولده منها وقال : أنا أحق بهم منك إن تزوجت ، فقال ع : " ليس للعبد أن يأخذ منها ولدها وإن تزوجت حتى يعتق هي أحق بولدها منه ما دام مملوكا ، فإذا أعتق فهو أحق بهم منها " [2]
 مناقشة الرواية
 والرواية صحيحة السند واضحة الدلالة ولا يضيرها عدم الوضوح في سؤال الراوي حيث قال " طلقها ولم تقم مع ولدها " ثم قال " بلغ العبد أنها تزوجت أراد أن يأخذ ولده منها " لأن الاعتبار لكلام الإمام لا السائل
 منها : صحيح جميل
  عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن أبي حمزة والحكم بن مسكين جميعا ، عن جميل وابن بكير جميعا في الولد من الحر والمملوكة قال : يذهب إلى الحر منهما " . [3]
 مناقشة الرواية
 الرواية صحيحة السند لكن موضوعها في الولد من الأمة والحر وذكرها الفقهاء هنا من باب اثبات أن شرط الحرية في الأب والأم
 
 الشرط الثاني : الإسلام
 اشترط الفقهاء قديما وحديثا في الحاضن والحاضنة الإسلام إذا كان الولد مسلما
 قال الشيخ في المبسوط : " وإن كان أحدهما مسلما فالمسلم أحق به عندنا و عند أكثرهم " [4]
 وقال في الشرائع : " فالأم أحق بالولد مدة الرضاع . وهي حولان ، ذكر أكان أو أنثى ، إذا كانت حرة مسلمة . ولا حضانة للأمة ولا للكافرة مع المسلم " [5]
 وقال في الجواهر : " وأما الكافر فإنه وإن لم يكن فيه نص إلا أن من المعلوم عدم ولايته على المسلم وعدم معارضته له ، لأن " الإسلام يعلو ولا يعلى عليه " فهو حينئذ أنقص من المملوك بالنسبة إلى ذلك ، فيكون أولى منه بالحكم " [6]
 وقال في موضع آخر : " و ) كذا ( لا ) حضانة ( للكافرة مع ) الأب ( المسلم ) لكون الولد حينئذ مسلما ، بإسلام أبيه ولم يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا بناء على أنها ولاية ، بل وإن قلنا : إنها أحقية ، فإن " الإسلام يعلو ولا يعلى عليه " والمسلم أحق من الكافر الذي يخشى على عقيدة الولد ببقائه عنده ونموه على أخلاقه وملكاته ، نعم لو كان الولد كافرا تبعا لأبويه فحضانته لها إلى أن يفطم إن ترافعوا إلينا ، بل في المسالك أنه لو وصف الولد الإسلام نزع من أهله ، ولم يمكنوا من كفالته ، لئلا يفتنوه عن الإسلام الذي قد مال إليه " [7]
 وأما أهل السنة فقد اختلفوا في الاشتراط وعدمه فذهب الحنابلة والشافعية إلى أن الحضانة ولاية فلا تثبت لكافر على مسلم وذهبت المالكية إلى أن الأم الكافرة أحق بالصغير مدة الرضاع فإذا بلغ من السن الاستغناء ومبلغ الفهم فلا حضانة للكافرة فيما لم يشترط الحنفية إسلام الحاضنة .
 وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين


[1] وسائل الشيعة باب 73 أبواب أحكام الأولاد ح 1
[2] نفس المصدر ح 2
[3] نفس المصدر ح 3
[4] المبسوط ج 6 ص 40
[5] شرائع الإسلام ج 2 ص567
[6] جواهر الكلام ج 31 ص 294
[7] جواهر الكلام ج 31 ص 287