الأستاذ الشيخ نزار آل سنبل

بحث الأصول

42/05/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - قاعدة لا ضرر ولا ضرار:

النقطة الثالثة من فقه حديث لا ضرر:

تكلمنا حول معنى لا ضرر وقلنا بأن معناه الصحيح أن يكون بمعنى النقص المعتد به حتى يصدق عليه عرفاً أنه ضرر، أما مجرد حصول النقص بدون أن يؤثر أثراً هذا لا يعد ضرراً عرفاً بحيث يترتب عليه الأثر وننفيه بقاعدة لا ضرر، وقلنا بأن المقابلة بين الضرر والمنفعة هي تقابل الضدين باعتبار أن النقص أمر وجودي والمنفعة أيضاً أمر وجودي وليس تقابل الملكة والعدم وليس تقابل النقيضين.

والآن نتكلم حول معنى الضرار:

لأنه قلنا الكلام في معنى الضرر ومعنى الضرار ومعنى (لا) الموجودة في لا ضرر، بالنسبة إلى معنى الضرار أساساً الضرار مصدر وهو تارة يكون مصدر للثلاثي المجرد مثل أن يقال قام قياماً، فقيام وضرار فعال مصدر إذا قام هو ثلاثي مجرد، أو كتب كتاباً فكتاب أيضاً هنا مصدر للثلاثي المجرد، وقد يكون فعال مصدر لغير الثلاثي، يعني مصدر بتعبيرهم مصدر باب المفاعلة عندما نريد أن نطبقه هنا.

تارة نقول: ضره ضراراً هذا مجرد صار مصدراً للفعل المجرد، وتارة تقول: ضاره ضراراً فيكون مصدراً لباب المفاعلة، فيمكن أن تقول: ضاره مضارة وضاره ضراراً، فالمهم وزن فعال هذا الذي يأتي مصدر ربما يكون ربما يكون مصدراً للثلاثي المجرد وربما يكون مصدراً لباب المفاعلة.

الأقرب هنا في محل البحث ضرار أن يكون مصدراً لباب المفاعلة، كما ذكره غير واحد من الأعلام، والوجه في ذلك: أنه لو قلنا بأنه مصدر الثلاثي المجرد لكانت لا ضرار تحمل نفس معنى لا ضرر، لا ضرر ولا ضرار، ضرار عندما نقول هي مصدر للثلاثي المجرد يعني ضره ضراراً، فالرواية كما تنفي الضرر تنفي الضرار والضرار إذا كان مصدراً ثلاثياً مجرداً يكون بمعنى الضرر، فكأنه قال: لا ضرر ولا ضرر، فهذا يكون بمعنى التأكيد إذا أردنا أن نحمله على معنى صحيح، والتأكيد على خلاف الأصل، يعني الأصل في الكلام أن يكون على التأسيس فيكون لا ضرر تحمل معنى ولا ضرار تحمل معنى آخر، هذا هو مقتضى القاعدة في الكلام وظهور الكلام أو الاستعمال في الكلام، هذا مطلقاً، فما بالك بصدور مثل هذا الكلام من أفصح من نطق بالضاد فهنا لا بد أن يكون المعنى معنى آخر، فلا يريد أن يقول لا ضرر ولا ضرر، بل لا ضرر ولا ضرار التي هي بمعنى آخر غير معنى لا ضرر.

المعنى الثاني أن يكون مصدر باب المفاعلة، إذاً يكون الأقرب أن حمله على أنه مصدر لباب المفاعلة، فيكون بمعنى ضاره والمصدر ضاره ضراراً فينفي هذا النحو، هذا أولاً.

بعد هذا عندما وصلنا إلى هذه النقطة يأتي بحث وهو في معنى باب المفاعلة، باب المفاعلة كما يذكر الصرفيون يقولون: هو فعل للإثنين، طبعاً عند التدقيق هم يذكرون أن باب المفاعلة تأتي لعدة معاني ولكن كأنه الأصل فيها أن تكون باب المفاعلة للإثنين، يعني ضارب زيدٌ عمرواً يعني كل واحد ضرب الآخر، الضرب وقع من الإثنين من الأول للثاني ومن الثاني للأول، المقاتلة أيضاً بنفس المعنى.

فإذاً باب المفاعلة عندهم هو فعل الإثنين، مشاركة في الفعل، صدر الفعل من كليهما، هذا باب المفاعلة يذكرونه.

ولكن هناك اتجاه آخر، كما يقول السيد الخوئي (ره) وأول من تنبه لهذا الاشتباه هو بعض الأعاظم من مشايخنا المحققين، أن اشتباه الصرفيين وعلماء النحو اللذين قالوا: بأن باب المفاعلة فعل للإثنين يقول: بأن التتبع في موارد الاستعمالات يشهد بخلاف ذلك، وأول من تنبه لهذا المعنى الاشتباه الواقع عند النحويين والصرفين هو المحقق الأصفهاني (قده) وبحث هذه الجهة في كتابه نهاية الدراية تعليق على الكفاية وبحثه أيضاً في حاشيته على المكاسب، ففيها في باب المعاطاة هناك أيضاً بحث هذه الجهة وهي باب المفاعلة هل هو موضوع لفعل الإثنين وأنه يكون من باب المشاركة بين الإثنين أو لا؟

هو بحسب كلامه وبحسب دعواه وسنقرأ الآن بعض عباراته، يقول: أنا تتبعت كل القرآن فجميع الصيغ الموجودة في باب المفاعلة إما أنها لا يصح أن تستعمل في المشاركة أو أنها ظاهرها لغير المشاركة، يعني المعنى الموجود معنى آخر، ويقول هكذا: في المجلد الرابع في نهاية الدراية الصفحة 437 طبعة مؤسسة آل البيت في التعليق على قول المصنف كما أن الأظهر أن يكون الضرار بمعنى الضرر، كلام المحقق صاحب الكفاية، قال: لا يخفى عليك أن الضرار وإن كان مصدراً لباب المفاعلة، لأنه قال: فرضنا أن يكون المصدر من باب المفاعلة، وهو كما في المتن الأصل فيه أن يكون فعل الإثنين كما هو المشهور، المشهور عن الصرفيين أن الأصل في باب المفاعلة أن يكون فعل الإثنين، ربما يأتي لغير فعل الإثنين ولكن على خلاف الأصل، ولكن الأصل أن يكون فعل الإثنين، إلا أنه لا أصل له، هذا المشهور بأن الأصل أن يكون فعل الإثنين لا أصل له، كما تشهد له الاستعمالات الصحيحة الفصيحة القرآنية وغيرها، فإن فيها ما لا يصح ذلك، هذه الاستعمالات الصحيحة ومنها القرآنية لا يصح أصلاً حملها على المشاركة وعلى فعل الإثنين وفيها ما لا يراد منه ذلك، يعني بعض الاستعمالات حتى لو كان معنى الفعل الإثنين والمشاركة بالإثنين يمكن الحمل عليه لكن لا يراد منه ذلك، فإن فيها ما لا يصح ذلك وفيها ما لا يراد منه ذلك، حتى ولو كان المحمل صحيح لكن لا يراد.

كقوله تعالى: (يخادعون الله واللذين آمنوا) هنا يخادعون الله، خادع من باب المفاعلة، خادع مخادعة، إذا فسّرنا المخادعة هنا بما قالوا من أنه فعل الإثنين يكون المعنى أن هؤلاء الكفار يخادعون الله واللذين آمنوا والله واللذين آمنوا يخادعونه، مثل ضارب زيد عمرواً، هنا إذا فسرتموه بهذا التفسير معناه أن الله يخدعهم وهم يخدعون الله وتعالى الله عن ذلك، لا يمكن نسبة صدور هذا الأمر من الله سبحانه وتعالى ولا أيضاً يصدر من اللذين آمنوا أنهم يخادعون الكفار.

إذاً المخادعة كانت من طرف واحد وهم من طرف الكفار فقط، هم يخادعون الله، يعني في ظنهم أنهم يخدعون الله واللذين آمنوا، يعني عملهم عمل من يخدع لا أنه في الواقع أيضاً تحقق الخدع وأن الله خُدع منهم تعالى الله عن ذلك، وإنما هم عملاً يقومون بالعمل الذي يعتقدون بأنه خدعة إلى الله سبحانه وتعالى عن ذلك، فإذاً هذه من طرف واحد وليس فعل إثنين ولا يصح أصلاً، لهذا قال: فإن فيها ما لا يصح ذلك، أصلاً لا يصح أن نحمل المخادعة هنا على فعل الاثنين أصلاً غير معقول.

يقول: فإن الغرض نسبة الخديعة منهم إلى الله، هذا هو الغرض أنهم هم يريدون أن ينسبوا ذلك، يعني هنا أيضاً إشارة أخرى أشرنا إلى أن الخديعة تكون منهم وهم الغرض أن ينسبوا الخديعة منهم إلى الله، يعني هم بما أن الأمر ارتد عليهم فالنتيجة نتيجة من خُدع، الآن مثلاً زيد يريد أن يخادع عمرواً لما خادع عمرواً، عمرو كان ملتفت لخدعة زيد فرد عليه بخدعة أخرى وأسقط في يده زيد وارتد الأمر عليه، الآن لما ارتد الأمر عليه زيد هو الذي بدأ لكن يقول عمرو خدعني، لأنه تحققت المخادعة من الاثنين ولكن ارتدت على زيد فيقول عمرو خدعني، هم الآن يخادعون الله واللذين آمنوا، الخدعة منهم ولكن لما رأوا أن الأمر سقط عليهم ووقع عليهم وارتد عليهم نسبوا الخدعة إلى الله، فإذاً الفعل لم يتحقق فيه الاشتراك، فإن الغرض نسبة الخديعة منهم إلى الله، كأنه تعليل في الواقع إلى دفع توهم وهو: نحن قلنا أولاً: إن يخادعون هنا هو صدور الخدعة منهم أنفسهم الكفار، مثل أن تقول خدع زيدٌ عمرواً، فيأتي السؤال إذا لماذا لم يعبر يخدعون الله لما عبر يخادعون؟ يجيب عن ذلك، فإن الغرض نسبة الخديعة منهم إلى الله، لأنهم هم نسبوا الخديعة إلى الله عبر هذا التعبير، وسيأتي أيضاً فيما بعد إن شاء الله بيان أنه ما هو الفرق إذاً بين خدع ويخادع، إذاً هو من طرف واحد، أو ضر وضرار إذا كان هو من طرف واحد، يعني المهم باب المفاعلة مطلقاً، ما هي الفائدة من باب المفاعلة إذا كان من طرف واحد؟ هذا سيأتي بيانه إن شاء الله.

أيضاً قال: فإن الغرض نسبة الخديعة منهم إلى الله وإلى المؤمنين لا منهما إليهم، وليس الغرض نسبة الخدعة منهما إليهم أيضاً، يعني هم يخادعون الله، يعني الآن معنى آخر أيضاً، يعني الغرض من قبل الله سبحانه وتعالى أن يبين أنهم يخادعون الله، أنهم يعتقدون بأنهم يخادعون الله، لأن هنا عندي الآن في الضمن ذكرنا أمور لا بد من توضيحها بشكل أوضح.

الأمر الأول: الذي هو أساساً أراده، وهو أن يخادعون هنا باب مفاعلة ومع ذلك ليس هو فعل الاثنين، هذا أمر فرغنا منه.

الأمر الثاني: أنهم أيضاً ينسبون الخديعة إلى الله، لماذا؟ لأنه أسقط في أيديهم وارتد الأمر عليهم، فمن هذا الباب يمكن أن نقول: بأنهم هم أيضاً ينسبون الخديعة إلى الله.

الأمر الثالث: هذا الذي أراده أيضاً، إنما نسب يخادعون الله هنا يريد أن يقول: الغرض من قبل المولى أنهم الخديعة صدرت منهم ولم تصدر من الله ولا من المؤمنين، فإن الغرض نسبة الخديعة منهم إلى الله وإلى المؤمنين، بيان هذه الجهة: لا منهما من الله والمؤمنين إليهم إلى الكفار.

أيضاً قوله تعالى: (ومن يهاجر في سبيل الله) يهاجر أيضاً باب مفاعلة، هاجر يهاجر مهاجرةً، بينما يهاجر هاجر، من الذي هاجر اثنين اشتركا في المهاجرة؟ لا الكلام عن واحد، بحيث ينطبق على كل واحد واحد، مثلما يقال في القضية الحقيقة ينطبق على كل فرد فرد، ومن يهاجر في سبيل الله، فهنا النسبة إلى هذا الرد وهو واحد ومع ذلك قال هاجر يهاجر، يعني باب مفاعلة فلا نحمله أيضاً على فعل الاثنين.

أيضاً قوله تعالى: (يراؤون) وهي من باب المفاعلة، والمرائي هو يرائي بغض النظر أن غيره يرائي أو لا، باب مفاعلة ولكنه صدر من شخص واحد.

أو (وناديناه) أيضاً نادى مناداة، باب مفاعلة وصدور المناداة من واحد (وناديناه) وليست المناداة من الطرفين.

أو (ونافقوا) أيضاً نفس الكلام، و (شاقوا) و (مسجداً ضراراً) أيضاً من طرف واحد، (ولا تمسكوهن ضراراً) هذا بالنسبة إلى المطلقات، صدور الضرار من طرف واحد وهو الزوج، لا أنه هو صدر منه الضرر وهي صدر منها الضرر، هو بالنسبة له (ولا تمسكوهن) و (لا تؤاخذني) إلى غير ذلك، فهذه استعمالات قرآنية كلها تدل على أنها استعمل باب المفاعلة ولكن الفعل من طرف واحد وليس من طرفين.

أيضاً يقول: ومن الاستعمالات الفصيحة، غير الاستعمالات القرآنية، عاجله بالعقوبة، عاجل هنا أيضاً باب مفاعلة ولكن طرف واحد عاجله بالعقوبة، وبارزه بالحرب باشر الحرب، هو واحد الذي باشر بعد ذلك الثاني رد عليه شيء آخر، لكن المباشرة نفس المباشرة، ما نريده هو نفس المباشرة لا نفس الحرب، وساعده التوفيق وخالع المرأة الرجل هو الذي يخلع المرأة من طرف واحد، وواراه في الأرض الحي وارى الميت في الأرض، لم يحصل من الطرف الآخر أيضاً مواراة، فإن جميع ذلك بينما لا يصح فيه إرادة الانتساب إلى الاثنين وما لا يراد منه ذلك، إما أنه أساساً لا يصح النسبة إلى الاثنين أو إذا صح لا يراد منه معنى فعل الاثنين.

مع أنهم فرقوا بين المفاعلة والتفاعل بعد الاشتراك في التقوُّم بفعل الاثنين، التفاعل أيضاً تشارك، هم قالوا المفاعلة هي مشاركة والتفاعل أيضاً فيه مشاركة بين الاثنين، يقول: فرقوا بين المفاعلة والتفاعل بعد الاشتراك في التقوم بفعل الاثنين بالانتساب إليهما بالأصالة والصراحة في الثاني وبالأصالة إلى أحدهما والتبعية إلى الآخر في الأول، الصرفيون فرقوا بين باب المفاعلة وبين باب التفاعل بعد أن قال هناك نقطة اشتراك بين التفاعل وبين المفاعلة وهناك نقطة اشتراك.

نقطة الاشتراك أن كلا البابين يشتركان في التقوم بفعل الاثنين، يعني باب المفاعلة تتقوم بفعل الاثنين وباب التفاعل أيضاً يتقوم بفعل الاثنين، هذه نقطة الاشتراك.

نقطة الافتراق، قالوا بأن الانتساب إلى الاثنين بالأصالة والصراحة في التفاعل، باب التفاعل كلاهما أصيلان تشاركا في الأمر كلاهما أصيلان، يعني لما مثلاً رفعا صخرة واحدة هنا تشارك تشاركا هنا هما أصيلان فيه، وأيضاً صراحة في ذلك، أما باب المفاعلة الأصالة من جهة واحدة والتبعية من الجهة الأخرى، عندما تقول ضارب زيد عمرواً، المشاركة حصلت بين الاثنين في أصل الضرب ولكن الذي بدأ هو زيد، فالأصالة عند زيد وعمرو رد عليه، فلهذا بدأنا بزيد، ضارب زيد عمرواً، التشارك موجود ولكن الأصالة إلى زيد والتبعة إلى عمرو، هم هكذا فرقوا، مع أنه غير معقول، والوجه في ذلك أن كل هيئة لا تكون موضوعة إلا بإزاء نسبة خاصة من النسب، فليس مفاد هيئة تضارب زيد وعمرو نسبة ضرب زيد عمرواً ونسبة ضرب عمرو زيداً، بل ضرب كل منهما للآخر لوحظ نسبة واحدة بينهما، وعلى نهج إضافة مادة واحدة إلى طرفين، يعبر عنها بالفارسية بقولهم (بهمزدن) فزيد وعمرو طرفا هذه النسبة الوحدانية.

وعليه: فما كان ضارب زيد عمرواً إن كان هذه النسبة الخاصة فلا فرق بينها وبين التضارب، تضارب زيد وعمرو، فما وجه انتساب المادة إلى طرفيها كما في تضارب زيد وعمرو، هنا يريد أن يقول: هم فرقوا كما قلنا بين الهيئتين هيئة المفاعلة وبين باب التفاعل، أن في المفاعلة أن الأصالة من واحد والتبعية من الآخر، وفي مادة التفاعل النسبة الأصالة للاثنين والصراحة للاثنين يناقشهم أيضاً في هذا يقول: عندي قاعدة وهي أن الهيئة لا تكون موضوعة إلا بإزاء نسبة خاصة من النسب، هيئة لها نسبة واحدة وهي موضوعة لهذه النسبة، فعليه: لما نقول: تضارب زيد وعمرو هذه الهيئة هنا على حسب مدعاكم تكون هناك نسبتان نسبة ضرب زيد لعمرو ونسبة ضرب عمرو لزيد، فتكون نفس هيئة التضارب لها نسبتان، بينما الأمر ليس كذلك، الأمر هناك نسبة واحدة وهي ضرب كل منهما للآخر، هذه لوحظت نسبة واحدة ولم تلحظ كنسبتين، يقول: بل ضرب كل منهما للآخر لوحظ نسبة واحدة بينهما وعلى نهج إضافة مادة واحدة إلى طرفين يعبر عنها بالفارسية بقولهم (بهمزدن) كل واحد ضرب الثاني، فزيد وعمرو طرفا هذه النسبة الوحدانية، حتى تصير القضية واضحة نظير قولنا زيد قائم فيها لفظان ولكن هناك نسبة واحدة متقومة بالطرفين لا تكون نسبة ونسبة للقيام، وإنما نسبة واحدة، أيضاً تضارب زيد وعمرو هناك نسبة واحدة فقط هذه النسبة الواحدة تكون على نهج مادة واحدة إلى طرفين، يعني صدور الضرب من كل منهما نحن نلاحظ هذه صدور الضرب من كل منهما هذه نسبة واحدة واستعمل التضارب فيهما.

عليه يقول: مفاد ضارب زيد عمروا الذي هو باب المفاعلة إن كان هو هذه النسبة نفس نسبة تضارب زيد وعمرو فلا فرق بينهما، لا فرق ضارب زيد عمرواً وبين تضارب زيد وعمرواً، فلماذا تقول: انتسبت المادة إلى طرفيها، كما في تضارب زيد وعمرو، بعبارة أخرى نقول: بأن مفاد هيئة ضارب وهيئة تضارب مختلفة عندكم، بحيث ننسب في ضارب إلى اثنين لأنه اعتبرنا أصالة من طرف وتبعية من طرف بينما تضارب اعتبرناه أصالة من طرف فتكون النسبة واحدة، هي النسبة عادة واحدة لمعنى واحد، إذا كان المعنى المشترك موجود بينهما وهذه النسبة الخاصة موجودة بينهما فما هو وجه انتساب المادة إلى طرفيها كما في تضارب زيد وعمرو.

هذا قسم من كلامه وإن شاء الله يأتي تتمة ذلك فيما بعد.