الأستاذ الشيخ نزار آل سنبل

بحث الأصول

42/04/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - قاعدة لا ضرر ولا ضرار:

 

البحث في سند الطائفة الرابعة من الروايات:

تقدم الكلام في علي بن الحسين السعد آبادي هل هو من الثقاة أو لا؟ وذكرنا أوجهاً أربعة ذكرها العلامة شيخ الشريعة الأصفهاني (ره) وقلنا بأن وجهين ضعيفان ولكن هناك وجهان آخران يمكن تقويتهما وخصوصاً الوجه الرابع مع الإضافة التي أضفناها التي تصلح أن تكون وجهاً مستقلاً.

على كل حال تبين لنا من خلال ذلك أنه يمكن القول بوثاقة علي بن الحسين السعد آبادي القمي.

ثم نفس شيخ الشريعة (ره) أضاف أمرين لتصحيح الرواية نفسها بغض النظر عن وثاقة الراوي السعد آبادي وعدم وثاقته:

الوجه الأول: هو ما ذكره في ذيل الوجه الأول، وذكرناه سابقاً وهو الذي قال عنه: مضافاً إلى أنه لا يضر ضعفهم بعد تواتر الكتاب الذي أجازوا روايته، وهذا قدمنا الكلام فيه، ولكن فنيّاً حتى يكون البحث متسلسلاً، نقول: أقام أربعة أوجه للقول بوثاقته وهي الأوجه الأربعة المتقدمة، وأقام وجهين لتصحيح الرواية، هذا الذي ذكره في ذيل الوجه الأول يصلح أن يكون مستقلاً لتصحيح الرواية، وهو الذي ذكره بهذا اللفظ: (مضافاً إلى أنه لا يضر ضعفهم بعد تواتر الكتاب الذي أجازوا روايته)

وكان ينبغي له أن يفرده بالذكر حتى يكون أوضح، المهم أن هذا تقدم الكلام فيه وفي دعوى تواتر الكتاب إلى الشيخ الصدوق مع عدم العلم أنه أي كتاب هو خصوصاً أن الشيخ الصدوق لم يلتزم صريحاً بأنه عندما يبدأ بالسند براوٍ فهو ينقل عن كتابه، لم يلتزم بذلك كما التزم الشيخ الطوسي، نعم يمكن أن تبقى هذه الدعوى قائمة ولو لم يلتزم وهذا محل بحث.

الوجه الثاني: يقول شيخ الشريعة (ره): بأن للشيخ الصدوق (ره) طريقاً آخر إلى البرقي، ذلك الطريق صحيح بالاتفاق، يعني لا يمر بالسعد آبادي، الشيخ الصدق عنده هذه الرواية عن محمد بن موسى بن المتوكل عن السعد آبادي عن البرقي، يقول: هناك طريق آخر للشيخ الصدوق عن البرقي لا يمر بالسعد آبادي وذلك الطريق صحيح بالاتفاق، باعتبار أنه يروي عن أبيه ومحمد بن الحسن بن الوليد كليهما عن سعد بن عبد الله الأشعري القمي عن البرقي، هذا السند صحيح بالاتفاق، في طبقة واحدة أبوه وابن الوليد وكلاهما ثقتان وكلاهما عن سعد بن عبد الله وهو ثقة عن البرقي، فهذا طريق صحيح إلى البرقي، فيقول: لو أغمضنا النظر عن كل ما سبق كان هذا طريقاً صحيحاً إلى البرقي، فلا يضر ضعف الطريق الآخر، لو سلم بأن الطريق الآخر غير صحيح فعندنا هذا الطريق الثاني.

ولبيان كلامه بشكل أوضح، نقول: عندما نرجع إلى مشيخة الصدوق في الفقيه، نلاحظ أنه ذكر طريقين له إلى أحمد بن أبي عبد الله البرقي، هذان الطريقان طبعاً حتى لا يُتوهم أو ربما البعض يرجع إلى نقطة ولا يرجع إلى الثانية، نلاحظ أن الشيخ الصدوق ذكر طريقه إلى البرقي مرتين في المشيخة، مرة اقتصر فيه على الطريق الأول الذي هو: محمد بن موسى بن المتوكل عن علي بن الحسين السعد آبادي عن أحمد بن عبد الله البرقي، وذكره مرة ثانية وذكر الطريقين، فذكر عن أبيه ومحمد بن الحسن بن الوليد عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، وذكر في نفس ذلك المورد الطريق الآخر وعن محمد بن موسى بن المتوكل عن علي بن الحسين السعد آبادي عن أحمد بن عبد الله البرقي، فلا يخفى أنه ذكره مرتين، ربما بعضهم يرجع إلى المورد الأول ويقول لم نجد طريقاً آخر، بل نقول في المورد الثاني ذكر الطريقين.

فالمهم الشيخ الصدوق ذكر هذين الطريقين في المشيخة والطريق الثاني صحيح ويكفي لصحة هذه الرواية، لأن هذه الرواية في سندها أحمد بن أبي عبد الله البرقي فإذاً هو له طريق إلى البرقي ومن البرقي إلى آخره نكمل الرواية، هذا ما أفاده شيخ الشريعة.

لكن هذا الوجه غير تام؛ لأن الشيخ الصدوق في هذه الرواية لم ينقل أو يبدأ بأحمد بن أبي عبد الله البرقي أو لم يصرح أنه ينقل هذه الرواية عن كتاب أحمد بن أبي عبد الله البرقي، لو ابتدأ السند بأحمد بن عبد الله البرقي لقلنا أن الشيخ الصدوق له طريقين إلى البرقي أحدهما ضعيف والثاني صحيح، أيضاً لو نقلها عن كتاب البرقي وصرح بذلك لقلنا أيضاً الشيخ الصدوق عنده طريقان للبرقي، الملاحظ أن الشيخ الصدوق هنا نقلها عن الحسن الصيقل ولم ينقلها عن البرقي، وتعبيره في المشيخة عن البرقي هكذا: يقول: (وما كان فيه عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي فقد رويته عن أبي ومحمد بن الحسن رضي الله عنهما عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي ورويته أيضاً عن أبي ومحمد بن موسى بن المتوكل ري الله عنهما عن علي بن الحسين السعد آبادي عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي) فنلاحظ أنه هنا ذكر الطريقين ولكن بهذا النحو: يقول: وما كان فيه عن أحمد بن عبد الله، يعني الموجود في كتاب الفقيه وابتدأت عن أحمد بن عبد الله البرقي فيه فأنا أرويه عن هذا الطريق، ولم يقل أروي كل روايات البرقي بهذين الطريقين، هناك فرق، يقول: وما كان فيه عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي فقد رويته، إذاً ظاهر كلام الصدوق أنه ذكره للروايات التي ابتدأ فيها باسم أحمد بن أبي عبد الله البرقي، وليس هذا الطريق إلى كل الروايات التي وقع البرقي في طريقها، إذاً يختلف الأمر، لو كان طريق الشيخ الصدوق وظاهر عبارته أنه طريق إلى كل الروايات التي وقع فيها البرقي لتم ما أفاده شيخ الشريعة، ولكن لما كان ظاهر عبارته أن ما ابتدأت فيه باسم البرقي فأنا أرويه بهذا الطريق فتكون هذه الدعوى أجنبية عن كلامه، فإذاً هذا الوجه لا يفيدنا.

نتيجة الكلام: نقول: بالنسبة إلى علي بن الحسين السعد آبادي يمكن القول بتوثيقه بأحد الوجهين المتقدمين، إما لأنه من مشايخ ابن قولويه المباشرين وإما من ناحية تعبير تلميذ السعد آبادي أبو غالب الزراري الذي عبر عنه بقوله (مؤدبي) هذا التعبير يكشف عن جلالة السعد آبادي مضافاً إلى رواية الأعلام الأجلاء عنه الذي يضم كقرينة.

أما بالنسبة إلى الراوي الثالث:

الذي وقع الكلام فيه وهو الذي روى الرواية عن الحذَّاء وهو الحسن بن زياد الصيقل، هذا أيضاً لم يرد في حقه توثيق، ولكن ذكر شيخ الشريعة الأصفهاني (ره) بعض الأوجه لإثبات وثاقته:

الوجه الأول: رواية خمسة من أصحاب الإجماع الذين أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه، عبارته هكذا: يقول: (فيدل وثاقته رواية خمسة من أصحاب الإجماع ومن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم، وهم يونس بن عبد الرحمن كما في السند المبحوث عنه في جميع ما رواه في الفقيه عن الصيقل، وحماد بن عثمان كما في الكافي في باب الكذب، وفضالة بن أيوب كما في الكافي في باب الورع،) فضالة فيه كلام هل هو من جملتهم أو لا؟ لأنه في بعض الأشخاص مردد هو أو غيره، (وفي باب ما فرض الله عز وجل من الكون مع الأئمة، وأبان بن عثمان كما في الكافي في باب التفكر والتهذيب في باب لحوق الأولاد بالآباء وفي باب كيفية الصلاة من أبواب الزيادات وفي الفقيه في باب أحكام المماليك والإماء، وعبد الله بن كثير) لعل هنا ذكر عبد الله بن كثير لعله اشتباه، لعله يريد عبد الله بن مسكان، المهم يقول: (فهؤلاء الخمسة من أصحاب الإجماع المستدل برواية أحدهم عن شخص على وثاقته بناءً على ما هو المشهور من معنى هذه العبارة وأن مفادها وثاقة هؤلاء المجمع عليهم ووثاقة من بعدهم)

حاصل هذا الوجه الذي أفاده شيخ الشريعة: يقول: بأن الحسن بن زياد الصيقل روى عنه خمسة من أصحاب الإجماع وهم الذين ورد عنهم كما في الكشي أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عن جماعة منهم ستة من أصحاب أبي جعفر عليه السلام، إلى آخره وهم ثمانية عشر راوي، هذه العبارة استفاد منها على ما يذكره شيخ الشريعة (ره) أنها تدل على وثاقتهم إجماعاً وتدل على وثاقة من قبلهم إلى الإمام الذين رووا عنهم ووثاقة من بعدهم الذي رووا عنه، فتدل على وثاقته، فيقول واحد منهم إذا روى عن شخص نحكم بوثاقة هذا الشخص فكيف إذا كان خمسة من أصحاب الإجماع رووا عنه فهذا يبعث الاطمئنان، هذا على المشهور، لو لم نقل بما فهمه المشهور، أيضاً نقول بأن رواية كثير من الأجلاء والأعاظم عن واحد يدل على وثاقته، هذا تقدم الكلام فيه، المهم الوجه الأول.

نقول: بأن هذه العبارة التي أوردناها من كلامه:

تارة يراد منها أن رواية أحد أصحاب الإجماع عن راوٍ دليل على وثاقته، كما فسرت عبارة الكشي، وعبارة الكشي هكذا: في بعض العبارات: أجمعت العصابة على ما يصح من هؤلاء وتصديقهم لما يقولون وأقروا لهم بالفقه من دون أولئك الستة الذين عددناهم ستة آخرون جميل بن دراج عبد الله بن مسكان وعبد الله بن بكير حماد بن عيسى حماد بن عثمان وأبان بن عثمان، هذه عبارة الكشي فاستفيد منها كما قال شيخ الشريعة وثاقة هؤلاء الخمسة ووثاقة من بعدهم، لكن هذه العبارة صارت محل بحث طويل، والآن من النظريات وكليات علم الرجال المبحوث عنها نظرية أصحاب الإجماع والأقوال المختلفة فيها والمحتملات الموجودة منها، ولكن يمكن أن نتقول الآن: بأن العبارة تدل على وثاقتهم هم لا وثاقة من يروون عنه، ولكن للفرق بينهم وبين غيرهم أنهم حصل إجماع على وثاقتهم بحيث لا نقاش في ذلك، أما غيرهم فربما هناك واحد وثقه وواحد عارضه وهكذا، فالمهم يمكننا أن نقول بأن العبارة لا تدل على ذلك ولا أقل أنها محل خلاف في هذا الباب، هذا الذي يمكن أن يرد عليه أن العبارة لا تدل إلا على جلالة قدرهم ووثاقتهم، إذا هم رووا فنقلهم صحيح أما من نقلوا عنه هل هو ثقة أو غير ثقة؟ هذا لا يدل عليه.

أما إذا كان مراد شيخ الشريعة ما يظهر من ذيل كلامه فهو روايته من حيث إنه من الأجلاء، فروى عنه الأجلاء لأنه عبر في الأخير (لظهور رواية كثير من الأجلاء والأعاظم عن واحد بوثاقته) فيرد عليه نفس ما تقدم، إذاً هذ الوجه لا يمكن الأخذ به.

الوجه الثاني الذي ذكره شيخ الشريعة: يقول: رواية جعفر بن بشير عنه، جعفر بن بشير قال عنه النجاشي: (روى عن الثقاة ورووا عنه) وجعفر بن بشير روى عن الصيقل فهم إذاً ثقة، هكذا استفاد شيخ الشريعة، يقول: (فإذا انضم إلى ما سبق رواية جعفر بن بشير أيضاً الذي ذكروا فيه أنه روى عن الثقاة هنا روى عن الصيقل) ثم أضاف (ورواية الجليل العظيم الحلبي وغيره إلى آخره...)

النقطة المهمة في رواية جعفر بن بشير، بعضهم حتى غير شيخ الشريعة، استفاد من كلمة النجاشي أنه روى عن الثقاة، أن جعفر بن بشير ممن لا يروي إلا عن الثقاة فلهذا بما أنه روى عن الصيقل فالصيقل ثقة.

لكن هذه العبارة لا تدل على هذه الدعوى، عندما قال عنه النجاشي: روى عن الثقاة ورووا عنه، لا تدل على أنه لا يروي إلا عن الثقاة، فرق بين أن نقول روى عن الثقاة وبين أن نقول: لا يروي إلا عن الثقاة، ما بنفعنا في المقام هي العبارة الثانية وهي أنه لا يروي إلا عن الثقاة، أما العبارة الأولى، روى عن الثقاة هذا لا يفيدنا شيء لأنه لا يفيد الحصر، روى عن الثقاة.

تقول: نعم هذا التعبير في مقام المدح، لما النجاشي ذكره يمدح الرجل، فيقول: روى عن الثقاة ورووا عنه، فإذا كان في مقام المدح يعني لا بد أن يكون من رووا عنه ثقاة، أما لو كان يروي عن الثقاة وغيرهم هنا لا يكون في مقام المدح، مثله مثل غيره، فغيره روى عن الثقاة وغيرهم، فلهذا لماذا يُمدح بأنه روى عن الثقاة فمدحه بذلك إشارة إلى أنه لا يروي إلا عن الثقاة، ربما يقال هكذا.

ولكن هذا يُناقش: بأنه ربما يكون مدحه بهذا التعبير، إشارة إلى أن أكثر ما يرويه عن الثقاة، يعني في مقام من ذُم بأنه يروي عن الضعاف أو أكثر عن الضعاف، فاعتبر نوع من التوهين إلى رواياته، لا تضعيف فيه، لو كان عنده كتاب ويكثر عن الضعاف نقول: هذا الكتاب ليس بهذا الاعتبار، أما هو جعفر بن بشير فلأنه أكثر الرواية عن الثقاة وأقل الرواية عن الضعاف يصح أن يُمدح فيقال عنه: روى عن الثقاة، وينبه على هذا المعنى، أنه في التعبير ورووا عنه الثقاة، أما لو استفدنا الحصر يعني لا يروي إلا عن الثقاة معناه أيضاً نستفيد الحصر في الجملة الثانية فنقول لا يروي عنه إلا الثقاة، فهذا مستحيل، لأنه إذا روى عن الثقاة فهذا أمر بيده يمكن أن يختار ويتخير من الرواة خصوص الثقاة ويروي عنهم، ويلتزم بعدم الرواية عن الضعفاء، أما قوله روى عنه الثقاة ليس بيده هو حدَّث بحديث في مجلسٍ هناك ثقة وهناك غير ثقة ورووا عنه، هل يُذم لأنه روى عنه الضعاف؟ لا يُذم، فأيضاً لا يُمدح بأنه روى عن الثقاة، بل هذا المعنى أنه من روى عنه لا يكون إلا ثقة، رووا عن نفس جعفر بن بشير هذا لم يتم حتى للإمام المعصوم عليهم السلام، فالإمام المعصوم عليه السلام يروي عنه الثقة ويروي عنه غير الثقة، كل من سمع منه يروي عنه.

إذاً لما نضم العبارتين روى عن الثقاة ورووا عنه، نقول: هذا ديدنه هكذا، أصحابه الذين يحدثهم ثقاة عادة، ومن يأخذ منهم الحديث ثقاة عادة، هذا في حد نفسه مدح، بخلاف من لا يبالي روى عن الضعاف أو روى عنه الضعاف حدث الضعاف أو لم يحدث الضعاف، هذا نوع من الوهن يكون في روايته.

إذاً ما يقال في حق جعفر بن بشير أنه لم يروِ إلا عن ثقة استناداً عن عبارة النجاشي روى عن الثقاة ورووا عنه هذه غير تامة.

إلى هنا: يتبين لنا أنه لا وجه مصحح للحسن الصيقل، بقية الرواة المتقدمين أمكن تصحيحهم وتوثيقهم أما الحسن بن زياد الصيقل لا وجه واضح، نعم ما ذكروه من القرائن لا تخفى، ولكن هذه القرائن لا تصل إلى درجة الجزم، وإنما تفيد بنحو الظن، فعليه: فإن رواية الشيخ الصدوق لم تثبت صحتها، يعني الرواية ضعيفة لعدم ثبوت وثاقة الحسن بن زياد الصيقل.

إلى هنا اتضح عندنا ملخصاً: تعرضنا إلى أربع طوائف من الروايات، الأولى: يوجد فيها (لا ضرر ولا ضرار) فقط، الثانية: موجود فيها (لا ضرر ولا ضرار في الإسلام)، الثالثة: (لا ضرر ولا ضرار على مؤمن)، الرابعة: (أنت رجل مضار) وتبين لنا من خلال البحث أن الثابت صحتها خصوص الطائفة الأولى التي هي (لا ضرر ولا ضرار) برواية زرارة وأيضاً رواية سمرة وحديث الشفعة، وحديث لا يمنع فضل ماء ليمنع من فضل كلاء، هذه الروايات ثبتت صحتها، أما الطوائف الثلاث الأخرى فلم تثبت صحتها.

فعليه: نقول: ينبغي البحث فيما فيه (لا ضرر ولا ضرار) ولو أدعي كما يدُعى أن هناك تواتر في الرواية فلا نحتاج إلى سند الحديث.

فنقول: لو ثبت هذا التواتر بعد ضم رواياتنا بجميع طوائفها إلا الأخيرة لأنها ليس فيها لا ضرر، والمرسلات وضممنا أيضاً روايات العامة فلو جمعنا كل ذلك فالتواتر المدعى لا يمكن أن يثبت به إلا هاتين الجملتين (لا ضرر ولا ضرار) وأما ما كان فيه قيد في الإسلام أو على مؤمن، فلم تتعدى طرقهما ليثبت بها التواتر كما مر، فهي ليست كثير فلهذا لا يفيد.

إذاً الذي يتلخص لنا: أن من ادعى التواتر فهو مقبول في الجملة في خصوص لا ضرر ولا ضرار ولا يفيدنا أكثر، وإذا لم نقبل التواتر فالثابت عندنا هو خصوص لا ضرر ولا ضرار، إذاً الأبحاث التي تترتب على وجود قيد في الإسلام أو على مؤمن لا معنى لها ولا حاجة لاستعراضها كما أنه لا حاجة للتوسع في نقل روايات العامة في المقام لأنها سوف لن تفيدنا شيئاً، يعني لو أفادتنا في لا ضرر ولا ضرار في الإسلام هذه الجملة نعم التوسع فيها يمكن أن يفيد، أما أنه التوسع فيها لا يفيد لأنه لا يفيدنا أكثر من لا ضرر ولا ضرار، فالتوسع لا حاجة له.

فإذاً نكتفي بهذا المقدار في الجهة الأولى وهي مدرك القاعدة، وتبين لنا أن القاعدة مدركها صحيح ولكن في خصوص جملتي (لا ضرر ولا ضرار). والحمد لله رب العالمين.