الأستاذ الشيخ نزار آل سنبل

بحث الأصول

42/03/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - خاتمة في شرائط العمل بالأصول العملية:

ترك التقليد والاجتهاد:ما أفاده السيد الخوئي (قده):

لازال الكلام في الجمع بين القول بتمامية الصلاة من ترك القصر إلى التمام جهلاً أو ترك الجهر إلى الإخفات أو الإخفات إلى الجهر جهلاً الجمع بين صحة صلاته وبين استحقاق العقاب وذكرنا الجمع الذي أفاده صاحب الكفاية والإشكال فيه والثاني الذي ذكره الشيخ كاشف الغطاء والإشكال فيه.

الآن نذكر ما أفاده السيد الخوئي (ره) نتيجة ما يريده: يقول: إن هنا أساساً لا يستحق العقاب، صلاته صحيحة ولا يستحق العقاب، فإذاً عليه يرفع أساس الموضوع، يعني الدعوى أنه يستحق العقاب وصلاته صحيحة فيأتي الإشكال كيف نجمع بين ذلك؟ يقول هو أساساً لا يستحق العقاب، بيان ذلك: يقول: إن مسألة استحقاق العقاب مسألة عقلية، العقل هو الذي يحكم باستحقاق العقاب وعدم استحقاقه، فإذاً لا مدخلية للشهرة وللإجماع فيه أبداً.

أما خصوص الشهرة: فالشهرة لا حجية فيها أساساً في نظر السيد الخوئي (ره) حتى في المسائل الشرعية فضلاً عن المسائل العقلية، وهذا ما يذكره في محله.

وبالنسبة إلى الإجماع: فأولاً لا يوجد عندنا إجماع، يعني نناقش في صغرى الإجماع باعتبار أن المسألة غير مطروحة سابقاً فإذا لم تكن المسألة مطروحة سابقاً لا نعرف آراء المتقدمين فيها فكيف يُدعى الإجماع، فأساساً يناقش في الإجماع نفس الإجماع غير محقق، وعلى فرض تحقق الإجماع فالإجماع إنما يتم إذا كان كاشفاً عن رأي المعصوم أما في مثل هذا المورد فهو ربما يستند إلى حكم ولو الحكم العقلي فيكون هذا الإجماع مدركياً وهو غير حجة.

مضافاً إلى أن الإجماع كما قلنا على فرض حجيته فهو حجة في الأمور الشرعية أما في الأحكام العقلية لا حجية فيه، بحيث نستدل على حكم العقل بالإجماع هذا لا معنى له، فالمسألة كما أفاد أولاً مسألة استحقاق العقاب وعدمه مسألة عقلية لا يعتمد فيها لا على الشهرة ولا على الإجماع.

عليه: إذا قلنا بأنه الإجماع والشهرة لا مدخلية لهما هل نقول هنا باستحقاق العقاب أو لا؟ السيد الخوئي يقول بعدم استحقاق العقاب، من جهة نقول بصحة العمل المأتي به ومن جهة أخرى نقول لا يستحق العقاب على مخالفته للواقع من أجل تقصيره.

وتوضيح ذلك: أن الجاهل المقصر والجاهل بوجوب القصر في السفر لو افترض صلى قصراً، الآن كنا نفترض أنه صلى تماماً في موضع القصر فقلنا بصحة صلاته، الآن نفترض أنه كان حكمه الواقعي قصراً وصلى قصراً جاهلاً بحيث حصل منه قصد التقرب، يعني هذا نجعله أصل مسلم أنه حصل منه قصد التقرب عندما صلى قصراً، فهنا بالنسبة إلى حكم صلاته لا يخلو الأمر: إما أن نقول بصحة صلاته وعدم وجوب الإعادة عليه بعد ارتفاع جهله، صلى قصراً جاهلاً وتحقق منه قصد التقرب وبعد أن انتهى من الصلاة أُخبر بأن المسافر يصلي قصراً وأنت مسافر، إما أن نحكم بصحة صلاته، أو نحكم بفساد صلاته ووجوب الإعادة عليه، لا يخلو الأمر من هذين.

أما بالنسبة إلى الأول: وهو أن نحكم بصحة صلاته فهذا لا مناص من الالتزام بأن المطلوب عليه في الواقع هو التخيير، وبما أنه جاهل بالحكم فنقول إن الجاهل بحكم التقصير مخير في الواقع بين التمام والتقصير، لا بد أن نقول بهذا، فعليه: نحكم بصحة القصر بمقتضى الإطلاقات الدالة على وجوب صلاة القصر على المسافر، ونرفع اليد عن هذا الوجوب التعييني، يعني الإطلاقات مفادها وجوب تعييني بصلاة القصر، وبالنسبة إلى الجاهل بمقتضى هذه الإطلاقات نقول يجب عليه القصر ولكن ليس وجوباً تعيينياً بل وجوباً تخييرياً، استفدنا الوجوب التخييري من الدليل الدال على صحة التمام وأنه قام الدليل عندنا على صحة الصلاة تامة فنقول هذا الجاهل بالحكم بمقتضى إطلاقات أدلة وجوب التقصير على المسافر حكمه التقصير وبمقتضى الحكم بصحة صلاته تامة لو أتى بها تامة عن جهل نقول: نرفع اليد عن الوجوب التعييني المستفاد من الإطلاق ونقول بالتخيير، ونقول جمعاً بين الدليلين نقول إن حكمه هو التخيير بين القصر والتمام، هذا على الفرض الأول، ويقول أيضاً باستبعاد أن نحكم ببطلانه وفساد صلاته بحيث نقول له أعد الصلاة قصراً بلا زيادة ولا نقصان، هو صلى قصراً جهلاً وتحقق منه قصد التقرب، الآن لما فرغ من الصلاة علم بالحكم نقول له أعدد الصلاة قصراً، هذا بعيد، فإذاً نتيجة الجمع بين الدليلين أن نقول: هو مخير الجاهل بوجوب القصر مخير بين القصر والتمام حتى لو لم يكن ملتفتاً للتخيير، هو في نفسه غير ملتفت للتخيير لو كان ملتفت للتخيير لكان ملتفت لجهله ولو التفت لجهله يتعين عليه القصر، فحتى لو لم يكن ملتفتاً إلى التقصير حكمه التخيير، إذا كان على هذا الفرض أن حكمه التخيير إذاً لا موجب لاستحقاق العقاب لأنه أتى بوظيفته وظيفة الجاهل الواقعية هو التخيير بين القصر والتمام وقد أتى بوظيفته فعليه لا موجب لاستحقاق العقاب عندما أتى بالصلاة تامة وترك التقصير.

فإذاً من صلى قصراً في السفر جهلاً بالحكم وتحقق منه قصد التقرب نحكم بصحة صلاته، ومن جهة أخرى قامت عندنا الأدلة بصحة صلاة من صلى تماماً في موضع القصر جمعاً بين دليل وجوب التقصير على المسافر ودليل صحة صلاة من صلى تماماً جهلاً نقول: إن حكم الجاهل المقصر في السفر هو التخيير بين الصلاة تامة والصلاة قصراً، فإذا صلى تامة لا يستحق العقوبة لأنه أتى بوظيفته.

أما على الفرض الثاني: لو التزمنا بأن الذي صلى قصراً لو فرضنا بفساد صلاته وبطلان صلاته، لا مناص من الالتزام بأن التمام يجب عليه تعييناً لأنه من صلى تماماً في موضع القصر جاهلاً نحكم بصحة صلاته بمقتضى الأدلة، فنحن الآن فرضنا أنه صلى قصراً ولم يصلِّ تماماً جاهل ولكن صلى قصراً وتحقق منه قصد القربى، إذا حكمنا بفساد صلاته معنى ذلك أن الصلاة التامة تجب عليه تعييناً ولا تجب عليه صلاة القصر، وهذا لا يمكن الالتزام به، طبعاً على هذا لا يستحق العقوبة وهذه هي النقطة الأساسية وهي أن يرفع استحقاق العقوبة، إذا قلنا بأن صلاته القصر في السفر عن جهل فاسدة وقلنا من جهة أخرى بمقتضى الأدلة أن صلاته التامة صحيحة في السفر جهلاً معنى ذلك أن الإتمام في السفر بالنسبة إلى الجاهل يجب عليه تعييناً فلا موجب لاستحقاق العقاب.

إذاً على الفرضين: على فرض صحة صلاته يكون الجاهل المقصر حكمه التخيير بين التمام والقصر فإذا صلى تماماً أتى بوظيفته فلا يستحق العقوبة، وإن حكمنا بفساد صلاته القصر معنى ذلك أن وجوب الإتمام عليه وجوب تعييني فإذا أتى به بالتمام لا يستحق العقوبة، لكن لا يمكن فرض أن نحكم بفساد صلاة من صلى قصراً، الآن فرضناه لإثبات عدم استحقاق العقوبة ولكن نقول كفرضية: هذا غير تام، يعني نفترض بأن صلاة المسافر قصراً صلاة فاسدة هذا لا يمكن المصير إليه، يعني من أتى بوظيفته الواقعية عن جهلٍ صلاته فاسدة ومن خالف وظيفته الواقعية عن جهل صلاته صحيحة، هذا لا يمكن الالتزام به، ولهذا هو السيد يمثل ويقول: لو فرضنا شخصين كلٌ منهما جاهل بحكم الإخفات والجهر في الصلوات، فصلى أحدهما صلاة الصبح جهراً عن جهل ولم يعلم بوجوب الجهر ولكنه صلى جهراً، والآخر صلى إخفاتاً جهلاً، هذا الذي صلى عن إخفات جهلاً نحكم بصحة صلاته بمقتضى أدلة صحة الصلاة، ومن صلى جهراً إذا حكمنا بفساد صلاته صار أسوء حالاً من الجاهل المخالف للواقع، الجاهل الموافق للواقع حكمنا بفساد صلاته والجاهل المخلف للواقع حكمنا بصحة صلاته إذاً صار الجاهل الموافق للواقع أسوء حالاً من الجاهل المخالف للواقع، وهذا لا يمكن الالتزام به.

وأيضاً أمثلة ذلك كثيرة إذا التزمنا بهذا الالتزام، يعني من صلى جهلاً بالستر، يجهل أن من شرائط المصلي هو الستر وصلى بالستر جهلاً نحكم ببطلان صلاته وهكذا، من صلى مستقبلاً للقبلة جاهلاً بالحكم يجهل أنه يجب استقبال القبلة في الصلاة ولكنه صلى مستقبلاً للقبلة نحكم بفساد صلاته وهكذا، فهذا لا يمكن الالتزام به.

على كل حال حاصل ما أراده السيد الخوئي (ره) يقول: بأن استحقاق العقوبة حكم عقلي لا شأن للإجماع ولا للشهرة فيه، وهذا الحكم العقلي يبتني على أداء الوظيفة وعدم أداء الوظيفة، ومن صلى تماماً في موضع القصر فقد أدى وظيفته المطلوبة لأن وظيفته المطلوبة في الواقع هو التخيير بين القصر والتمام وهو أتى بأحد فردي التخيير فصلاته صحيحة وموافقة للأمر ولم يخالف الأمر فلا يستحق العقوبة، هذا حاصل كلام السيد الخوئي (ره).

هذا الكلام وقع موقع الإشكالّ، الشيخ الوحيد (حفظه الله) قال: نحن عندما نريد أن نبحث الموضوع لا بد أن نلاحظه من جهة ثبوتية ومن جهة إثباتية، الجهة الثبوتية تامة يعني ثبوتاً هل يمكن أن يكون الجاهل المقصر مخيراً في الواقع بين القصر والتمام أو لا يمكن؟ ثبوتاً نقول ممكن ولا محذور فيه، ولكن الشأن في جهة الإثبات هل هذا الممكن ثبوتاً يوجد عليه دليل إثباتاً أو لا؟ يقول: لا يوجد عليه دليل إثباتي، بل الدليل الإثباتي يكون على خلافه، وذلك: لأن الروايات المصححة لمن صلى تماماً في موضع القصر أو صلى جهراً في موضع الإخفات تعبر هذا التعبير من صلى جهراً في موضع الإخفات يعني جهر فيما لا ينبغي الجهر فيه، إذاً الفرض أنه لا ينبغي الجهر فيه، إذا كان هو مخيراً في الواقع بين القصر والتمام لا يُطلق عليه أنه جهر فيما لا ينبغي الجهر فيه بل هو جهر فيما ينبغي الجهر فيه في الواقع، جهر فيما لا ينبغي الجهر فيه مؤداه أنه جهر في المورد الذي ليس حكمه فيه الجهر، إذا حلمناه على التخيير مقتضاه أنه ما ينبغي فيه، التخيير أتيت بأحد فردي التخيير لا يقال لي لا ينبغي أن تأتي به، أتيت بأحد فردي التخيير ينبغيـ إذاً نفس تعبير الروايات جهر فيما لا ينبغي يستفاد منها عدم كون حكمه التخيير في الواقع، فما أفاده السيد الخوئي (ره) غير مقبول إثباتاً وإن كان يقبل ثبوتاً أو ممكن ثبوتاً، ولكن لا دليل عليه إثباتاً وترتيب استحقاق العقاب على الحكم التخييري يعني ترتيب نفي استحقاق العقاب على إثبات الحكم التخييري يرتفع، لأنه أثبتنا أولاً أنه مخير واقعاً نتج وترتب على ذلك عدم استحقاقه للعقاب، فإذا لم نثبت التخيير الواقعي ينتفي قوله: لا يستحق العقاب، هذا حاصل ما أفاده الشيخ الوحيد (حفظه الله).

هنا طبعاً كلام الشيخ الوحيد (حفظه الله) من هذه الجهة سديد، ولكن ربما يناقش بأن الرواية هذه كانت في لسان السائل، الرواية كما في أبواب القراءة في الصلاة الباب السادس والعشرين الحديث الأول، (عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) في رجل جهر فيما لا ينبغي الإجهار فيه وأخفى فيما لا ينبغي الإخفاء فيه، فقال: أي ذلك فعل متعمداً فقد نقض صلاته وعليه الإعادة فإن فعل ذلك ناسياً أو ساهياً أو لا يدري فلا شيء عليه وقد تمت صلاته) هذا التعبير (لا ينبغي) ورد في لسان السائل ولم يرد في لسان الإمام (عليه السلام) فلهذا يمكن أن يقال: إن نفس تعبير (أو لا يدري فلا شيء عليه وقد تمت صلاته) يمكن أن نستفيد تأييداً للسيد الخوئي من هذه الجهة، يعني السيد الخوئي يقول: لا يدري قد تمت صلاته، نفس الحكم بصحة صلاته نستفيد منه الحكم التخييري وتعبير (لا ينبغي) لم يرد في لسان الإمام (عليه) فلا نقول إن الجهر بالنسبة إلى الجاهل لا ينبغي، هذا بحسب مقتضى القاعدة في ذهن السائل أنه حكم صلاة الصبح الجهر وحكم صلاة الظهر الإخفات فيريد أن يسأل الإمام (عليه السلام) لو أن واحداً جهر في صلاة الظهر، الإمام يقول بما أنه جاهل تمت صلاته، فرفعنا كلمة (لا ينبغي) لأنها تعبير من نفس السائل وهو ناشئ من الحكم الأولي الذي يعرفه السائل أن وظيفة المصلي في الظهر هي الإخفات فبدل أن يقول جهر في صلاة الظهر، سؤال عام جهر فيما لا ينبغي الجهر فيه، الإمام (عليه السلام) قال: تمت صلاته، فنأتي إلى كلام الإمام، السيد الخوئي يستطيع أن يقول نأتي إلى كلام الإمام والإمام حكم بالصحة، والسيد الخوئي حكم بالصحة جمعاً بين الدليلين دليل أن الحكم الإخفاتي الأول والدليل الثاني نقول هو مخير يمكن أن ينتصر للسيد الخوئي بذلك.

ولكن مع ذلك نقول: الآن مع السيد الخوئي في أصل المطلب، نحن لا بد أن نعرف هذه القاعدة الأولية الأساسية، أن من خالف الحكم المخاطب به واقعاً عن جهل تقصيري يستحق العقوبة، هذا أمر أساسي أصل أولي، إذا ورد ما يرفع هذا الأصل من جهة الشارع يقول: لا عقوبة عليه، فنأخذ به، إذا لم يرد لا نأخذ به، هنا التعبير الآن مثلاً (أي ذلك فعل متعمداً فقد نقض صلاته وعليه الإعادة فإن فعل ذلك ناسياً أو ساهياً أو لا يدري فلا شيء عليه وقد تمت صلاته) هذا التعبير (فلا شيء عليه وقد تمت صلاته) يدل على صحة الصلاة وقبول هذه الصلاة من طرف الشارع، هل هذا يرفع استحقاقه العقوبة لجهله أو لا، بعبارة أخرى: هل نستفيد أن حكمه التخيير في الواقع فبالتالي نقول أدى وظيفته الواقعية فلا يستحق العقوبة أو لا؟

هنا من هذا التعبير يمكن أن نستفيد أن هذا تفضل من الشارع، الشارع هنا لم يأتِ ليثبت حكماً واقعياً، أن حكمك الواقعي هو التخيير، لا، بل بما أنك جاهل بالحكم فتفضلاً من الشارع نقول هذه الصلاة ولا تحتاج إلى إعادة، الحكم التفضلي غير أن نقول حكمه الواقعي التخيير، حكمه الواقعي هو مثله مثل العالم بالحكم وهو الإخفات في هذا الفرض، جهر فيما لا ينبغي الإخفات فيه، حكمه الواقعي الإخفات ولكن تفضلاً من الشارع قبل بهذه الصلاة وإن كانت ناقصة، كما هو الحال في مسألة لا تعاد حكم الجاهل الواقعي وجوب القراءة ولكن بما أنه نسي أو بما أنه جاهل جهلاً مركباً على القول بأن قاعدة لا تعاد تشمل الجاهل المركب، بما أنه جاهل قصوري الشارع قال: نقبل منك هذه الصلاة التي صليتها وإن كانت ناقصة، لا نستفيد من تلك الأدلة أن حكمه التخيير، بمجرد أن الشارع صحح الصلاة وقال نقبل بذلك إذاً الجاهل حكمه التخيير بين القراءة وعدم القراءة، لا، نستفيد أن هذا تفضل من الشارع اكتفى الشارع في مقام الامتثال بهذا الناقص، هنا أيضاً نفس الكلام اكتفى بهذا الناقص، فعليه: مقتضى القاعدة يستحق العقوبة ومن جهة أخرى الشارع يقول نحن نقبل هذا الناقص، فإذاً الحكم بصحة الصلاة تفضلي فلا محذور من الجمع بين أن يستحق العقوبة لأنه ترك الواقع جهلاً تقصيرياً، ومن جهة نحكم بالصحة يعني تفضلاً من قبل الشارع قال لا تعيد، هذا الذي يمكن أن نستظهره.

الشيخ الوحيد (حفظه الله) هنا يظهر منه أنه يقول: بأنا نستفيد من هذه الرواية أن الشارع يقول: لا تستحق العقوبة لأن الشارع قال: (فإن فعل ذلك ناسياً أو ساهياً أو لا يدري فلا شيء عليه) يستفيد من عبارة (فلا شيء عليه) الإطلاق يعني لا إعادة عليه ولا قضاء عليه ولا عقوبة عليه، فإذاً الشارع هو نفى العقوبة فحتى لو فرضنا أن العقل يقول باستحقاق العقوبة الشارع هنا يقول: لا تستحق العقوبة، هذا أيضاً وجه آخر.

فإذاً حاصل المطلب في هذا: أن الحكم بالصحة حكم تفضلي من قبل الشارع هذا الحكم التفضلي لا يعني نفي استحقاق العقوبة إذا حكم العقل باستحقاقها، أو نقول بمقالة الشيخ الوحيد (حفظه الله) من أن نفس الشارع بقوله (لا شيء عليه) نفى استحقاق العقوبة.