41/04/20
الموضوع: - تنبيهات الاشتغال:
التنبيه الثامن:
هو في بادئ الأمر قال ما لفظه: وها هنا شبهة وهي أن التكليف الواقعي وإن لم يكن مانعاً من جريان الأصل إلا أنه بعد العلم به تترتب آثاره من حين حدوثه لا من حين العلم به كما هو الحال في العلم التفصيلي فإنه لو علمنا بأن الماء الذي اغتسلنا به للجنابة قبل أسبوع مثلا كان نجساً يجب ترتيب آثار نجاسة الماء المذكور من حين نجاسته لا من حين العلم بها، ثم بعد كلام قال: ففي المقام أيضا لا مناص من ترتيب آثار التكليف من حين حدوثه لا من حين انكشافه، وحينئذ لما كان حدوث التكليف قبل الاضطرار فلا بد من اعتبار وجوده قبله ولو كان منكشفا بعده، وعليه: فبعد طرو الاضطرار نشك في سقوط هذا التكليف الثابت قبل الاضطرار لأجل الاضطرار، لأنه لو كان في الطرف المضطر إليه فقد سقط بالاضطرار ولو كان في الطرف الآخر كان باقياً لا محالة، ما تعرض له المفروض أن يكون دليل مستقل ثم لما قال فيرجع إلى استصحاب بقاء التكليف أو قاعدة الاشتغال على خلاف بيننا وبين المحقق النائيني خصوصا التعبير بالاستصحاب، هنا المفروض يشير إلى الدليل الآخر الذي ذكرناه سابقاً، فالدليل الذي ذكرناه سابقا وهو دليل القول بالتنجيز، يقول بأنه عندي علم إجمالي بحدوث التكليف إما في ضمن الطرف الأول الذي اضطر إليه فيما بعد أو في ضمن الطرف الثاني الذي لم يضطر إليه إلى الآن فإن كان في الطرف الأول فقد زال بالاضطرار وإن كان في الثاني لا زال باقي استصحب بقاء هذا التكليف، هذا ما ذكرناه سابقاً.
إذا اتضحت هذه نقول في المقام: في أول الصبح وقعت النجاسة في أحد الإناءين وفي الظهر اضطر إلى ارتكاب أحد الإناءين بخصوصه وفي العصر علم بوجود نجاسة في أحد الإناءين، هذا العلم طبقاً للمقدمة المذكورة لم يؤخذ بنحو الصفتية في التنجيز حتى نقول الآن لم يوجد حين ما قبل الاضطرار في الوقت الأول لم يوجد علم والعلم مأخوذ بنحو الصفتية فانتفى، لا نقول هكذا، بل نقول هذا العلم الذي وُجد في العصر كاشف عن وجود النجاسة قبل الاضطرار يعني كاشف عن وجود التكليف قبل الاضطرار وبما أنه كاشف عن التكليف قبل الاضطرار فينبغي أن تترتب آثار المنكشف من حين حدوثه لا من حين العلم به، مثل العلم التفصيلي مثلما مثل السيد الخوئي (ره)، لو اغتسل بالماء النجس قبل أسبوع لم يكن يعلم بأنه نجس وبعد أسبوع انكشف له وعلم أن الماء الذي اغتسل به نجس، هنا يرتب آثار النجاسة من قبل أسبوع فنقول أعد الغسل والأمور التي لاقاها برطوبة تتنجس، فهنا رتبنا الآثار ليس من حين العلم وإنما رتبناها من حين حدوث التكليف، العلم الإجمالي بهذا النحو، لما انكشف أحد الإناءين نجس قبل الاضطرار يعني الآن علم بأن التكليف بالاجتناب عن أحدهما موجود من الصبح في المثال، الصبح وقعت النجاسة لم يعلم بها حين عدم العلم هو معذور عدم العلم فقط يكون معذراً ولكن لما انكشف الآن نقول ترتب الآثار من حين الانكشاف يعني من حين الحدوث من الصبح تبني على أن هذا أحد الإناءين نجس، إذا بنينا على أن أحد الإناءين نجس من الصبح قبل الاضطرار الآن نقول: قبل الاضطرار عندي علم بالتكليف قطعي بعد حصول الاضطرار لا أعلم إن كان النجس هو في الفرد المضطر إليه فقد انتفى وهذا الفرد الموجود لا شيء فيه وإن كان النجس في الفرد الموجود فلا زال الحكم بوجوب الاجتناب موجود، الآن تردد الحكم عندي هذا التردد معناه أنه عندي علم بالتكليف وهذا العلم بالتكليف يقتضي الفراغ اليقيني، الآن لا ندخل في الاستصحاب حتى نفرق بين أمس واليوم وهذه الشبهة ناظرة إلى هذه الجهة الشبهة الأولى يعني، أن عندنا علم بالتكليف وإن كان علماً إجماليا والآن نحتاج إلى إفراغ الذمة عن هذا التكليف لأنه نشك هل فرغت الذمة أو لم تفرغ؟ يجب الاجتناب عن أحدهما إن كان أحدهما هو الفرد المضطر إليه فانتهى لأجل الاضطرار انتفى الحكم، الثاني لا شيء فيه، وإن كان النجس في هذا الفرد الموجود فلا زال باقي، فإذاً عندي علم يقيني بالتكليف يحتاج إلى فراغ يقيني عن هذا التكليف، هنا الشبهة لا ربط لها إذاً بالاستصحاب ولا نحتاج أن نقول عندي علم بحدوث التكليف وهذا التكليف مردد بين الفرد القصير والفرد الطويل فأستصحب بقاء نفس التكليف، لا، الكلام من جهة أخرى أصلا الكلام من جهة الاشتغال لا من جهة الاستصحاب، عندي علم بالتكليف الاشتغال يقتضي الفراغ اليقيني بالحكم العقلي، فإذاً ما نحن فيه ليس شكاً في التكليف وإنما هو شك في سقوط التكليف بعد ثبوت التكليف، إذا كان كذلك هو مورد للاشتغال، عندنا كبرى وهي متى ما كان الشك في السقوط لا في ثبوت التكليف فهو مجرى للاشتغال، وما نحن فيه من هذا الباب، شك في سقوط التكليف لا شك في ثبوت التكليف فعليه: يكون مجرى للاشتغال، هذا حاصل الدليل.
في كلمات السيد الخوئي لم يتعرض له لأنه ذهب للاستصحاب، وإن كان فيه إشارة إلى أنه على خلاف بيننا وبين النائيني فيرجع إلى استصحاب بقاء التكليف أو قاعدة الاشتغال على خلاف بيننا وبين المحقق النائيني ولكن نقول أساساً جهة الاستدلال مغايرة، لا من جهة أنه مورد اشتغال أو استصحاب، أساساً جهة الاستدلال مختلفة فلهذا نلاحظ أن المحقق النائيني (قده) أراد أن يجيب عن نفس الاستدلال ببيان هذه النقطة التي قلنا هي كبرى أنه شك في السقوط لا في الثبوت.هذا الجواب الثاني على حسب ما ذكرنا من جواب الشيخ الوحيد على الجواب الأول يتضح الإشكال فيه، وذلك أن المستدل فعلاً لا يريد أن يتمسك بالعلم الإجمالي حتى تقول العلم الإجمالي لا يكون منجزا إلا إذا جرت الأصول في الأطراف وسقطت، المستدل يريد أن يستدل بقاعدة الاشتغال والعلم الإجمالي ما هو إلا كاشف عن ثبوت التكليف فقط دوره الكاشفية لا نريد أن نتمسك به فعلاً حتى نقول تجري الأصول أو لا تجري، نقول العلم الإجمالي كشف عن وجود تكليف سابق على الاضطرار الآن فعلاً هل لا زال ذمتي مشغولة بهذا التكليف أو لا؟ إن كان في الفرد المضطر ذمتي فارغة وإن لم يكن في المضطر إليه ذمتي ما زالت مشغولة أتمسك بقاعدة الاشتغال والتمسك بقاعدة الاشتغال يختلف عن التمسك بالعلم الإجمالي، فعليه: كلا جوابي المحقق النائيني غير ناهضين لرفع الدليل.