44/08/20
الموضوع: المشتركات
(مسألة 783): المعادن على نوعين: الأول:المعادن الظاهرة، وهي الموجودة على سطح الأرض، فلا يحتاج استخراجها إلى مؤنة عمل خارجي، وذلك كالملح والقير والكبريت والموميا والفيروزج وما شاكل ذلك.
الثاني:المعادن الباطنة وهي التي يتوقف استخراجها على الحفر والعمل، و ذلك كالذهب والفضة (1)
(أما الأولى) فهي تملك بالحيازة، فمن حاز منها شيئا ملك قليلا كان أو كثيرا، وبقي الباقي على الاشتراك.
و(أما الثانية) فهي تملك بالإحياء بعد الوصول إليها وظهورها: وأما إذا حفر، ولم يبلغ نيلها، فهو يفيد فائدة التحجير.
1-ذكرنا أن الذي يستفاد من أدلة وجوب الخمس في المعدن هو الإذن في الحصول على المعدن وتملك أربعة أخماسه
وننبه أن هذا الاذن من الامام في استخراج المعدن وتملك أربعة أخماسه ليس حاله حال الأحكام الشرعية الاخرى من جهة الدوام، فالاحكام الاخرى لا يتصور فيها التبدل والتغير بتغير المصلحة، بينما هذا الحكم أشبه بالحكم الولائي فيمكن افتراض أن يتبدل هذا الحكم تبعاً للمصلحة بأن لا يرى الامام المصحة في أن يأذن باستخراج المعدن لكل أحد
فيمكن أن يتبدل الحكم باختلاف المصالح التي يدركها الحاكم الشرعي
ثم إن الحكم بتملك أربعة أخماس المعدن المستخرج بالحيازة بالشكل المتقدم هل يختص بالشيعي او انه موجود في حق غيره أيضاً ولو كان كافراً ذمياً؟
قد يقال بأنّ ما دلّ على الإذن في حيازة المعدن بعد استخراجه والتصرف فيه إن كان شاملاً لغير الشيعي، فالحكم بتملك أربعة أخماس المعدن لغير الشيعي ثابت أيضاً كما هو الحال في الشيعي، باعتبار أن الاذن في الحيازة واستخراج المعدن يلازم تملك أربعة أخماسه عرفاً
ومن جهة اخرى يقال بأن القدر المتيقن من أدلة وجوب الخمس في المعدن هو أن الحصول على المعدن يكون بالطريقة المأذون بها شرعاً، فاذا فرضنا اختصاص الإذن بالاستخراج والتصرف بالشيعي فهل يمكن أن نثبت تملك أربعة أخماس المعدن لغير الشيعي عندما يستخرج معدناً
قد يقال بأنه لا يملك أربعة أخماسه؛ إذ ما دام المالك لم يأذن بهذه الحيازة والاستخراج فلا يترتب عليها تملك المعدن ولو بمقدار أربعة أخماسه
وفي المقابل قيل بأن الأمر ليس هكذا فبالامكان أن نثبت تملك غير الشيعي ولو كان كافراً ذمياً لأربعة أخماس ما يحوزه من المعادن باعتبار أن المستفاد من أدلة الحيازة هو وجود سببية مطلقة بين الحيازة والتملك، ولا ضير في التمسك بإطلاق هذه السببية حتى اذا فرضنا أن هذه الحيازة غير مأذون بها شرعاً
فبالرغم من حصوله على إثم لكن هذا لا يمنع من القول بترتب الملك على حيازته
كما لو زرع بذراً في أرض غيره من دون إذن الغير فهو يملك الزرع الذي يخرج من هذا البذر وإن كان عاصياً في زرعه،
بل يدل على هذا اتفاق الفقهاء على تملك الكافر للأرض الموات التي هي من الأنفال بالإحياء حتى إذا لم يؤذن له في إحيائها بناء على أن الاحياء يوجب الملك، وإن كان تصرفه فيها غير مأذون به من قبل مالك الارض وهو الامام
وهكذا الحال في المعادن
إذ لا اشكال في تحليل الارض الموات بالاحياء باعتبار ما دلّ على أن من أحيا ارضاً ميتة فهي له، فهذا إذن بالاحياء وإذن بتملك ما يحييه الانسان على القول بترتب الملكية على الاحياء
ومقتضى اطلاق هذه الادلة عدم الفرق في المحيي بين أن يكون موافقاً او مخالفاً بل حتى لو كان كافراً
بل تقدم في الصحيح أن الكافر اذا أحيا أرضاً مواتاً فهي له محمّد بن مسلم قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن الشراء من أرض اليهود والنصارى ؟ فقال : ((ليس به بأس قد ظهر رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) على أهل خيبر فخارجهم على أن يترك الأرض في أيديهم يعملونها ويعمرونها فلا أرى بها بأساً لو أنّك اشتريت منها شيئاً وأيّما قوم أحيوا شيئاً من الأرض وعملوها فهم أحقّ بها وهي لهم))[1]
والظاهر أنه لا اشكال في أن الموات من الانفال، وفي تملك من يحييها لها وإن لم يكن شيعياً بل وإن لم يكن مسلماً
وأما المعادن فتارة يدعى استفادة التحليل فيها من أدلة تحليل الخمس واخرى يدعى استفادته من الاخبار الدالة على تحليل الانفال
وليس في هذين الدليلين ما يشير الى اختصاص التحليل المستفاد منهما بالشيعي
فاذا كان الدليل على التحليل في المعادن هو هذا فهو لا يقتضي الاختصاص
أما الروايات الدالة على التحليل المطلق في الخمس فذكرناها في بحث الخمس وتبين عدم تمامية سندها جميعاً
نعم بعض هذه الروايات يدل على التحليل في موارد معينة
المورد الاول: المناكح والفروج
المورد الثاني: ما ينتقل الى الشيعي من غيره وقد تعلق به حق الامام (عليه السلام)
المورد الثالث: اذا كان أداء حق الامام (عليه السلام) يوقع الانسان في العوز والفاقة
ففي هذه الموارد نلتزم بتحليل الانفال أيضاً، فإطلاق هذه الروايات يجعلنا نلتزم في الانفال بما التزمنا به في الخمس لعدم اختصاص بعضها بالخمس
منها: معتبرة يونس بن يعقوب قال : كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فدخل عليه رجل من القماطين ، فقال : جعلت فداك، تقع في أيدينا الأرباح والأموال وتجارات نعلم أنّ حقّك فيها ثابت، وأنّا عن ذلك مقصّرون، فقال أبو عبد الله (عليهالسلام): ((ما أنصفناكم إن كلّفناكم ذلك اليوم))[2] وقد فهم الفقهاء منها التحليل، وموردها ما يقع بيد الشيعي من غيره ويتعلق به حق الامام وهو أعم من الخمس والانفال
وقد رواها الشيخ الصدوق باسناده الى يونس بن يعقوب وسنده اليه صحيح فتكون معتبرة
ومنها: معتبرة الفضيل ، عن أبي عبد الله (عليهالسلام) قال : ((من وجد برد حبّنا في كبده فليحمد الله على أوّل النعم ، قال : قلت : جعلت فداك ، ما أوّل النعم ؟ قال : طيب الولادة ، ثمّ قال أبو عبد الله عليهالسلام : قال أمير المؤمنين عليهالسلام لفاطمة عليهاالسلام : أحلّي نصيبك من الفيء لآباء شيعتنا ليطيبوا ، ثمّ قال أبو عبد الله (عليهالسلام) : إنّا أحللنا اُمّهات شيعتنا لآبائهم ليطيبوا))[3]
وهي مختصة بالمناكح والفروج والظاهر أنها مطلقة من ناحية حقهم فإن قول الامام في ذيلها عام شامل لكل الحقوق فلو كانت الاموال بيده من الانفال وتزوج بها امراءة جاز
ومنها: صحيحة ابي خديجة عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قال رجل وأنا حاضر : حلّل لي الفروج ؟ ففزع أبو عبد الله (عليهالسلام) ، فقال له رجل : ليس يسألك أن يعترض الطريق إنّما يسألك خادماً يشتريها ، أو امرأة يتزوّجها ، أو ميراثاً يصيبه ، أو تجارة أو شيئاً أعطيه ، فقال : ((هذا لشيعتنا حلال ، الشاهد منهم والغائب ، والميّت منهم والحيّ ، وما يولد منهم إلى يوم القيامة فهو لهم حلال ، أما والله لا يحلّ إلاّ لمن أحللنا له ، ولا والله ما أعطينا أحداً ذمّة ، ( وما عندنا لأحد عهد ) ولا لاحد عندنا ميثاق))[4] وموردها المناكح والظاهر أنها مطلقة من حيث الخمس والانفال لأن الموجود فيها هذا لشيعتنا حلال
ومنها: صحيحة علي بن مهزيار قال : قرأت في كتاب لأبي جعفر عليهالسلام من رجل يسأله : أن يجعله في حلّ من مأكله ومشربه من الخمس فكتب بخطّه : ((من أعوزه شيء من حقّي فهو في حلّ))[5] وموردها ما اذا كان دفع الحق موجباً للاعواز والوقوع في الفاقة، وحكم الامام (عليه السلام) بأنه في حلّ