42/04/27
الموضوع: التزاحم/تنبيهات التزاحم
قلنا بان الكلام في تطبيق قواعد واحكام باب التعارض البحت الذي لا نحرز فيه وجود الملاكين على باب التزاحم الملاكي يقع اولا في امكان تطبيق مرجحات باب التعارض وثانيا في التساقط كاصل يرجع اليه عند فقد المرجحات وتقدم الكلام في الاول
واما الكلام عن التساقط فهل يصار الى التساقط كقاعدة عند فقد المرجحات في التزاحم الملاكي عندما نحرز وجود الملاكين، فهل يصار الى التساقط كقاعدة فيسقط الدليلان عن الحجية وحينئذ يكون المرجع هو العموم الفوقاني ان وجد والا فالاصل العملي؟
ذكر السيد الشهيد (قده) انه لا بد من التفصيل بين قولين القول بان مقتضى تعارض الدليلين مع عدم الترجيح هو تساقطهما الجزئي اي انهما يسقطان عن الحجية في اثبات مدلولهما ومفادهما ولكنهما لا يسقطان عن الحجية في نفي الثالث لانهما لا يتعارضان في ذلك بل يتفقان على نفي الثالث، والقول بأن مقتضى التعارض هو تساقط الدليلين مطلقاً حتى في نفي الثالث فكما لا يمكن إثبات مفادهما بهما كذلك لا يمكن نفي الثالث بهما
والفرق بين القولين هو ان كل واحد من الدليلين المتعارضين يبقى حجة في نفي الثالث على هذا القول، فلا يجوز تخطي مدلولي الدليلين والالتزام بامر ثالث مخالف لهما لان كل واحد من الدليلين حجة في نفي الثالث فلا يمكن ان يصار الى القول الثالث ومن هنا لا يرجع الى العام الفوقاني او الى الاصول العملية فيما لو كانت مخالفة لمدلولي الدليلين لأن كل واحد من الدليلين حجة في نفي ذلك
بينما على الثاني فلا مانع من الالتزام بالثالث اذا كان مقتضى العموم الفوقاني او الاصل العملي باعتبار ان كل واحد من الدليلين ليس حجة في نفيه، فيمكن الأخذ به اذ لا يوجد في مقابله ما يكون حجة في نفيه
فاذا قلنا بالاول اي التساقط الجزئي في باب التعارض فالكلام يقع في انه هل يجري التساقط الجزئي في التزاحم الملاكي إذا قلنا به في التعارض البحت
فهل نقول به في التزاحم الملاكي بين صل ولا تغصب اذا احرزنا وجود الملاكين فلا يجوز الرجوع الى العام الفوقاني اذا كان مقتضاه الاباحة او الى الاصول اذا كان مقتضاها نفي الوجوب فلا يجوز ان نلتزم بالاباحة لان الاباحة حكم ثالث ينفيه كل واحد من الدليلين لان المفروض انهما حجة في نفي الثالث.؟
اذا قلنا بالتساقط الجزئي فحينئذ لا يختلف الحال بين التعارض البحت وبين التزاحم الملاكي فكما نقول هناك بسقوط الدليلين في مدلوليهما مع بقائهما حجة في نفي الثالث وعدم جواز الرجوع الى العام الفوقاني او الاصول العملية اذا كان مقتضاها مخالف لمدلولي الدليلين وكذلك نقول هنا
واما اذا قلنا بالتساقط المطلق اي سقوط الدليلين عن الحجية حتى في نفي الثالث بحيث ينفتح المجال للرجوع الى العمومات الفوقانية والاصول العملية حتى اذا كانت مخالفة للدليلين
كما اذا دل دليل على وجوب شيء وآخر على حرمته فيقع التعارض بينهما وبعد التساقط يرجع الى البراءة لنفي الوجوب والحرمة ولا مانع منه بناء على التساقط المطلق فلا مانع من تخطي مدلولي الدليلين والالتزام بثالث منافي لهما
والكلام في انه هل يجري هذا في موارد احراز الملاكين في التزاحم الملاكي.؟
والفرق بين التعارض البحت والتزاحم الملاكي هو ان الاول تعارض بين دليلين مع عدم احراز وجود الملاكين بينما في التزاحم الملاكي هو تعارض بين دليلين مع احراز الملاكين
وذكر السيد الشهيد انه لا يمكن ذلك في بعض الحالات اذ قد يحصل من الرجوع الى الاصول العملية الترخيص في المخالفة العملية وهو غير جائز
وذكر لذلك مثالين
الاول ان يقع التزاحم بين امرين متعلقين بضدين التضاد بينهما دائمي ولهما ثالث ويمكن ان نمثل له بالقيام والجلوس وثالثهما لاانحناءفاذا امره بالقيام وامره بالجلوس فالتعارض يقع بين اصل الخطابين لا بين اطلاقي الخطابين فبناء على القول بالتساقط المطلق ذكر السيد ان الرجوع الى الاصول العملية يستلزم الترخيص في المختالفلة العملية وهو غير جائز باعتبار ان الرجوع الى الاصول العملية يؤدي الى تجويز ترك كل منهما للمكلف لان المكلف يشك هل يجب عليه القيام والمفروض انه لا دليل على وجوب القيام فيكون مشكوكاً والاصل العملي ينفي الوجوب وكذلك وجوب الجلوس فهو مشكوك اذ لا دليل على وجوبه ومقتضى الاصل العملي عدم وجوب الجلوس ومعنى ذلك انه يجوز للمكلف ان يترك كل منهما مع ان هذا تفويت لملاك فعلي باعتبار ان الملاك التام بمعنى المحبوبية لا مانع في ان يكون موجوداً في الضدين معاً
فإذا جوزنا للمكلف أن يترك كلاً منهما فهذا تفويت للملاك التام الفعلي على كل حال فهو ترخيص في المخالفة القطعية للملاك التام
ففي هذه الحالة لا يجوز اجراء البراة لنفي الوجوبين لان ذلك يؤدي الى جواز تركهما الى ثالث وهو تفويت للملاك الفعلي وهو غير جائز لاننا نقول ان الملاك التام لا مانع من وجوده في كلا الضدين
ويمكن التعبير عنه بأن تجويز الرجوع الى الاصول العملية في هذا المثال هو ترخيص في المخالفة القطعية للتكليف المعلوم، باعتبار انه في المقام نحن نعلم اجمالاً اما بوجوب الجلوس تعييناً او القيام تعيناً او وجوب الجامع بينهما لانه في الواقع اما ان يكون ملاك القيام اقوى فيكون هو الواجب تعيينا او يكون ملاك الجلوس اقوى فيكون هو الواجب تعيينا او يتساويان في الملاك فيكون الواجب هو الجامع بينهما
فكأنه يدخل المقام في دوران الامر بين التعيين والتخيير، فاذا كان علم اجمالي بوجوب شرعي متعلق بأحدهما تعييناً او باحدهما تخييراً فكيف يجوز الرجوع الى الاصول العملية التي تؤدي الى نفي كلا الوجوبين وتجويز ترك كل منهما والحال ان احدهما معلوم الوجوب تعييناً او تخييراً
نعم اذا ادخلنا المقام في دوران الامر بين التعيين والتخيير فلا اشكال في اجراء البراءة لنفي التعيين عن كل منهما فيثبت التخيير بينهما، لكن لا نجوز له تركهما معاً بالرجوع الى الاصول العملية لانها مخالفة قطعية لتكليف معلوم بالاجمال
المثال الثاني اذا فرضنا احراز الملاكين في المتعارضين بنحو التباين مع كون احدهما اعم من الآخر ولكن بنحو لا يمكن تخصيصه بالاخص ومثل له بما اذا ورد تصدق على كل فقير ولا يجوز التصدق على الفقير القادر على العمل فهما متباينان وموضوع الاول اعم من الثاني والاول لا يمكن تخصيصه بالثاني مع افتراض ندرة الفقير غير القادر على العمل لان معنى التخصيص حمل الاول على الفرد النادر وهو غير جائز