الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الأصول

42/04/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: التزاحم/تنبيهات التزاحم

كان الكلام في امكان تطبيق المرجحات السندية في موارد التزاحم الملاكي وقلنا انه لا ينبغي الاشكال في عدم امكان تطبيق المرجحات السندية في موارد التزاحم بين اطلاقي الخطابين فانه في هذه الحالة لا يسري التعارض الى السند فلا يتحقق شرط الترجيح بالمرجحات السندية لأن التزاحم ليس في تمام مدلوليهما بل في اطلاقهما فيبقى سند كل من الخطابين حجة في الموارد التي تخصه

واما اذا كان التعارض في أصل الخطابين كما في موارد الضدين اللذين لا ثالث لهما من قبيل الحضر والسفر فإذا امر بالحضر وامر بالسفر فيقال بأن التزاحم بينهما بين أصل الخطابين وفي هذ الحالة قد يقال بأنه يمكن تطبيق هذه المرجحات اذا كان إحراز وجود الملاكين في مورد التزاحم بدليل خارجي بخلاف ما اذا احرزنا وجود الملاكين من نفس الخطابين فلا يمكن تطبيق المرجحات السندية

والوجه في هذا التفصيل هو انه اذا احرزنا وجود الملاكين من الخارج لا نحتاج الى التعبد بالسند لإثبات الملاك وانما نحتاج الى التعبد بالسند لإثبات الحكم الفعلي في مورد المزاحمة ولكن المفروض أن الخطابين يتعارضان بلحاظ الحكم الفعلي وهذا معناه أن التعارض سوف يسري الى السندين فيتحقق شرط الترجيح بالمرجحات السندية

وهذا بخلاف ما اذا كان احراز وجود الملاكين من نفس الخطاب فلا يمكن تطبيق المرجحات السندية باعتبار أن تطبيقها يستلزم الغاء التعبد بصدور الآخر وهذا لا وجه له لأن الغاء التعبد بصدور الآخر يستلزم الغاء التعبد به في مدلوله الالتزامي لأنه يدل بالالتزام على وجود الملاك ودلالته على وجود الملاك في متعلقه ليس لها معارض، فالدليلان لا يتعارضان في مدلولهما الالتزامي بقطع النظر عن المطابقي وإنما التعارض بينهما بلحاظ الدلالة المطابقية

فتطبيق المرجحات السندية يلزم منه الغاء الآخر بالمرة حتى في مدلوله الالتزامي وهذا لا وجه له لأن دلالته على ثبوت الملاك في متعلقه ليس لها معارض

والحاصل ان سند الخطاب الآخر باق على حجيته في مدلوله الالتزامي أي في اثبات الملاك في متعلقه لعدم المعارض له فيكون تطبيق المرجحات السندية المستلزم لالغاء التعبد بالخطاب الآخر بلا وجه

لكن الصحيح انه لا وجه لهذا التفصيل بل الصحيح انه يمكن تطبيق المرجحات السندية فيما اذا كان التعارض بين اصل الخطابين من دون فرق بين ان يكون احراز الملاكين بدليل خارجي او بنفس الخطاب

نعم اذا كان التعارض بين اطلاقي الخطابين لا يمكن تطبيق المرجحات السندية لأنه يستلزم الغاء أحد الخطابين وهذا لا وجه له لانه بلا اشكال يكون حجة في الموارد التي تخصه

واما ما ذكر من دليل للتفصيل فيلاحظ عليه

اولاً: بأن موضوع الاخبار العلاجية التي هي المدرك للترجيح السندي هو اختلاف الحديث وهو متحقق في محل الكلام سواء احرزنا وجود الملاكين بدليل خارجي او احرزنا وجود الملاكين من نفس الخطاب، فاذا صدق موضوع الاخبار العلاجية نعمل بها فنرجح ما فيه المرجح السندي ونلغي التعبد بصدور الآخر وإن استلزم هذا التقديم الغاء الآخر حتى بلحاظ دلالته الالتزامية

وثانياً: انه في موارد احراز الملاكين من نفس الخطاب ففي هذه الحالة

إن كان المراد به هو إحراز الملاك على أساس بقاء الدلالة الالتزامية على الحجية بعد سقوط الدلالة المطابقية المبني على القول بعدم تبعيتها للمطابقية في الحجية فاذا سقط المدلول المطابقي بالمعارضة يبقى المدلول الالتزامي لانه لا معارض له

وبعد فرض أن الملاك لازم لأصل صدور الخطاب لا لإطلاق الخطاب، فلا نحتاج لإثبات الملاك الى التعبد بظهور الخطاب وحجية الاطلاق وانما هو لازم لأصل الصدور

واذا قلنا بأن حجية لوازم الامارات باعتبار انها في عرض المدلول المطابقي للامارة وانها مما قامت عليه الامارة، بإعتبار أن الامارة تحكي عن مدلولها المطابقي ومدلولها الالتزامي بحيث يصدق على المدلول الالتزامي انه مما قامت عليه الامارة

فيكون للراوي حينئذ شهادتان وإخباران إخبار بالمدلول المطابقي وإخبار بالمدلول الالتزامي، فالراوي له حكايتان الاولى عن صدور أصل الخطاب وحكاية عن وجود الملاك في المتعلق

فلو أن القائل بالتفصيل يقول بهذه الامور، فحينئذ نقول لا يلزم من الغاء التعبد بسند الحكاية الاولى التي يدل عليها الخبر بالمطابقة الغاء التعبد بسند الحكاية الثانية التي يدل عليها الخبر بالالتزام، لانهما حكايتان وخبران وكل منهما موضوع مستقل لدليل الحجية، فيمكن تطبيق المرجحات السندية حتى اذا كان احراز الملاكين بنفس الخبر

وعليه فالصحيح هو التفصيل بين ما اذا كان التعارض بين اطلاقي الخطابين فلا يمكن تطبيق المرجحات السندية وبين ما اذا كان التعارض بين أصل الخطابين فيمكن تطبيق المرجحات السندية بلا فرق بين الحالتين