الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الأصول

42/04/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: التزاحم/تنبيهات التزاحم

كان الكلام في ابراز معارض للوجوه السابقة التي يستدل بها -اذا تمت- على وجود الملاك في المجمع وهو اطلاق الهيئة فهو يقتضي بقاء الوجوب بعد الإتيان بالصلاة في الارض المغصوبة وهذا يعني عدم وجود الملاك فيها

وذكرنا جواب المحقق العراقي عن اشكال التعارض هذا

وناقشه السيد الشهيد (قده) بعدة وجوه ذكرنا الوجه الاول منها،

الوجه الثاني: لدفع جواب المعارضة الذي ذكره المحقق العراقي وهو مبني على على القول بان التكليف يسقط بالامتثال او على ما يراه السيد الشهيد من ان التكليف لا يسقط بامتثاله وانما ما يسقط بالامتثال هو فاعلية التكليف ومحركيته وهذا مبني على ان حقيقة التكليف هو الحب والشوق ومن الواضح بأن الحب لا يسقط بتحقق المحبوب في الخارج وهذا معناه أن التكليف لا يسقط بتحقق الامتثال بدليل ان المحبوب لا يخرج عن كونه محبوباً بتحققه في الخارج، وهذا معناه ان تحقق الفعل في الخارج والذي عبر عنه بالامتثال لا يسقط التكليف، والذي يسقط بالامتثال هو فاعلية هذا الحب ومحركيته

وفي محل الكلام نقول ان كون التكليف يسقط بالامتثال او ان محركيته تسقط بالامتثال هل هو ثابت بدلالة نفس الخطاب عليه او انه ثابت بحكم العقل؟

فإذا قلنا بأن الدلالة على سقوط التكليف او سقوط فاعلية التكليف عند الامتثال دلالة لفظية اي ان الخطاب يدل على سقوط الخطاب عند الاتيان بمتعلقه فحينئذ لا يمكن القول بأن خطاب صلّ يدل على سقوط التكليف بالإتيان بمتعلقه وهو طبيعة الصلاة لان المقيد منفصل لا يهدم الظهور فاذا جاء المكلف بطبيعي التكليف ولو في ضمن الحصة المحرمة يسقط التكليف وبهذا يثبت أن الحصة المحرمة فيها ملاك ويرى السيد الشهيد (قده) بأن هذه الدلالة اذا سلمناها فهي ليست ثابتة بالخطاب وإنما هي ثابتة بحكم العقل والعقل يلاحظ جميع ما يدل على تحديد متعلق التكليف ولا يقتصر على الخطاب فيلحظ حتى الدليل المنفصل اذا كان يحدد ما هو متعلق التكليف لأن المخصص المنفصل يقول ان متعلق التكليف هو الصلاة في الارض المباحة

 

فالعقل يحكم بأن فاعلية التكليف تسقط عند الاتيان بمتعلق التكليف الذي حددته كل الادلة الدخيلة في المقام وهو يلحظ حتى المخصص المنفصل وهو يقول بان متعلق التكليف هو الصلاة في الارض المباحة والحاصل اننا لو سلمنا وجود دلالة على سقوط التكليف او فاعلية التكليف بالامتثال فهي دلالة عقلية وليست دلالة لفظية ثابتة بنفس الخطاب والعقل ياخذ بنظر الاعتبار كل ما يكون دخيلا في متعلق التكليف وهو يشير الى ان متعلق التكليف بالصلاة هو الحصة المباحة وهذا معناه ان المكلف حين يأتي بالحصة المحرمة لم يسقط التكليف لأنه لم يأتي بمتعلق التكليف

الوجه الثالث: لو سلمنا أن سقوط فاعلية التكليف عند الامتثال تكون بدلالة الخطاب مع ذلك نقول إن ما يثبت بذلك هو أن فاعلية التكليف تسقط اذا جاء المكلف بمتعلق التكليف الواقعي وبعبارة اخرى إن مفاد الخطاب هو أن الامتثال الواقعي يكون مسقطاً للتكليف أي الاتيان بمتعلق الوجوب الواقعي، فتكليف صلّ مفاده -بحسب الفرض- وجوب الصلاة وأن الامتثال الواقعي لهذا الوجوب يسقط هذا التكليف لا أن مفاده وجوب الصلاة وأن الاتيان بالصلاة اي الطبيعة يوجب سقوط التكليف

فاذا فرضنا قيام الدليل المنفصل على ان متعلق الوجوب هو الحصة المباحة من الصلاة فهذا يكون كاشفاً عن أن المسقط للوجوب هو الاتيان بهذه الحصة لأن هذا هو الامتثال الواقعي للتكليف وبعبارة اخرى ان الدليل المنفصل لا يوجب تغييراً في ظهور صلّ لكنه يقول ان مصداق الامتثال الواقعي يتحقق بالاتيان بالصلاة في الارض المباحة

وهذا معناه ان ما ذكره المحقق العراقي حتى على تقدير التنزل وتسليم ان هذا ظهور للخطاب لا يتم

والظاهر ان الوجهين الاخيرين اللذين ذكرهما السيد الشهيد تامان ومن هنا يظهر أن اشكال المعارضة للادلة التي استدل بها لوجود الملاك في المجمع تام ووارد وأن جواب المحقق العراقي (قده) عنه ليس تاماً

المقام الثاني: هل تجري احكام التزاحم الامتثالي في التزاحم الملاكي او انه تجري فيه مرجحات باب التعارض ؟

اذا فرضنا تمامية الوجوه التي ذكرت لاحراز الملاك في المجمع فحينئذ يقع التزاحم بين الملاكين في المجمع فهل نطبق قواعد واحكام باب التزاحم الامتثالي او قواعد باب التعارض

والكلام يقع في مقامين:

أولاً: في تطبيق مرجحات باب التزاحم الامتثالي

كما اذا فرضنا أن أحد الملاكين المتزاحمين أهم من الآخر او كان أحدهما مشروطاً بالقدرة العقلية والآخر مشروط بالقدرة الشرعية، ومع ثبوت الترجيح بهذه المرجحات يرتفع التعارض بين دليلي الحكمين، فلا بد من الكلام عن كل واحد من مرجحات باب التزاحم

المرجح الاول: الترجيح بالأهمية وتقدم أنه يتضمن ثلاث مرجحات: ترجيح معلوم الاهمية والترجيح باحتمال الاهمية والترجيح بقوة احتمال الاهمية

اما الترجيح بمعلوم الاهمية والترجيح باحتمال الاهمية فهذان المرجحان يمكن تطبيقهما في محل الكلام بأن يقال بأن وجود الملاك الأهم من الملاكين تارة يفترض ثبوته بدليل خارجي وحينئذ يتقدم الحكم الأهم على الحكم الآخر فيتقدم الحكم الذي يقتضيه هذا الملاك على الحكم الذي يقتضيه الآخر، لأنه بعد قيام الدليل الخارجي ولنفترض انه قطعي على أن هذا أهم فحينئذ يعلم بأن الخطاب الآخر كاذب لأنه يستحيل جعل الخطاب الآخر في هذا المورد بعد فرض فعلية الحكم والملاك الأهم فلا يكون اطلاق الدليل الثاني حجة فنتمسك باطلاق الخطاب الاول لإثبات حكمه فيكون حجة فنحن نعلم بكذب اطلاق الخطاب الآخر لمحل الاجتماع