42/04/14
الموضوع: التزاحم/تنبيهات التزاحم
كان الكلام في كيفية اثبات الملاكين في المجمع حتى يتحقق التزاحم الملاكي في مقام التأثير بالرغم من سقوط الدليلين بالتعارض بناء على امتناع اجتماع الامر والنهي
الوجه الثاني: التمسك باطلاق المادة بتقريب ذكره المحقق النائيني (قده) لإثبات وجود الملاك في حالة العجز وبالتالي إثبات أن القدرة المعتبرة في التكليف عقلية لا شرعية بمعنى أنها ليست دخيلة في الملاك ويستلزم ذلك أن الملاك موجود حتى في حالة العجز، ولإثبات ذلك ذكر ما خلاصته أن المادة في الخطاب يحمل عليها محمولان في عرض واحد احدهما الحكم والآخر الملاك، وكما أن اطلااق المادة يقتضي ثبوت الحكم في تمام حالاتها كذلك إطلاق المادة يقتضي ثبوت الملاك في جميع حالات المادة ولا يختص بحالة معينة فهو يثبت في حالة ما اذا كانت مقدورة او غير مقدورة، هذا بمقتضى الوضع الطبيعي للخطاب، وحكم العقل او غيره من الوجوه المتقدمة التي تقتضي اختصاص الحكم بخصوص الحصة المقدورة من المادة تقيد اطلاق المادة بلحاظ الحكم لأن من حالات المادة حالة عدم القدرة على المادة، وهذا يسري بالنسبة الى المحمول الاول على المادة وهو الحكم فيقتضي اختصاص المادة بخصوص الحصة المقدورة منها
واما الملاك فليس هناك ما يقتضي اختصاصه بخصوص الحصة المقدورة بنظر العقل فيبقى على اطلاقه وهو يقتضي ثبوت الملاك في تمام حالات المادة وهذا ينتج أن الملاك موجود في الحصة المقدورة وغير المقدورة من حالات المادة، نعم هذا الاطلاق لا يتم بالنسبة الى الحكم لوجود الحكم العقلي
وبهذا اثبت أن الملاك موجود حتى في حالات العجز وبهذا اثبت ان القدرة عقلية وليست دخيلة في الملاك
وفي محل الكلام يطبق هذا فيقال في موارد اجتماع الامر والنهي لا يعقل ثبوت اطلاق المادة بلحاظ المحمول الاول بمعنى أن الحكم يستحيل أن يثبت في جميع حالات المادة بل لا بد أن يختص بخصوص الحصة المقدورة من المادة بمعنى أن خطاب صل في المثال لا يشمل الصلاة في الارض المغصوبة لانها غير مقدورة شرعاً وغير المقدور شرعاً كغير المقدور عقلاً وهذا معناه أن الحكم يختص بالصلاة في الارض المباحة
ونفس الكلام نقوله في دليل (لا تغصب) فهو لا يشمل الحصة الواجبة من الغصب لنفس السبب المتقدم لأن هذه الحصة لما كانت واجبة فالمكلف لا يكون قادراً على تركها شرعاً لأن الشارع الزمه بها
فكل من الدليلين لا يشمل مورد الاجتماع، هذا بالنسبة الى اطلاق المادة بلحاظ الحكم، واما اطلاق المادة بلحاظ الملاك فلا موجب لرفع اليد عنه فنتمسك باطلاق المادة لإثبات الملاك في الحصة المباحة من الصلاة والحصة المحرمة وهي المجمع، وبنفس الكلام نثبت وجود ملاك النهي في المجمع
فيقع التزاحم بينهما بالرغم من سقوط الدليلين على الحكمين
ويلاحظ عليه ما تقدم سابقاً من ان الظاهر انه ليس للمادة الا محمول واحد وهو الحكم والسر في هذا ان الخطاب ليس له الا مدلول واحد وهو الحكم ومن الواضح بان ما يحمل على المادة في خطاب صلّ هو مدلول صلّ ولا معنى لأن نقول بأن شيئاً ليس مدلولا للخطاب يحمل على المادة
فاذا كان مدلول الخطاب هو كل من الحكم والخطاب صح ما ذكره فيكون كل منهما محمولاً على المادة
ولكن مدلول الخطاب هو الحكم عرفاً وأما الملاك فهو ليس مدلولاً للخطاب وإنما هو يستكشف بالدلالة العقلية الالتزامية لا بالدلالة العرفية اللفظية فبعد فرض ثبوت الحكم نستكشف وجود الملاك وليس هو مدلولاً للخطاب
فاذا لم يثبت الحكم في مورد لأي سبب من الاسباب لا يمكن استكشاف الملاك وانما نستكشف الملاك حيث يكون الحكم ثابتاً
فإطلاق المادة يثبت به الحكم في تمام حالاتها الا ان ثبوته كذلك يواجهه حكم العقل باستحالة تكليف العاجز فلا بد من تقييده بخصوص الحصة المقدورة فالحصة غير المقدورة ليس فيها حكم فلا يمكن ان نستكشف فيها الملاك، لانه بعد فرض ثبوت الحكم يستكشف ثبوت الملاك بحكم العقل
فالجواب ليس عندنا محمولان على المادة بل هناك محمول واحد وهو الحكم وهو مقيد حتماً بالحصة المقدورة ولا يشمل الحصة غير المقدورة
ومن هنا يتبين عدم إمكان إثبات وجود الملاكين في المجمع بناء على الامتناع
وهناك كلام في انه على تقدير امكان اثبات وجود الملاكين في المجمع فهل يمكن تصحيح الصلاة التي يصليها المكلف في الارض المغصوبة باعتبار وجود الملاك فيها فيما اذا فرضنا انه يتأتى منه قصد القربى؟
بناء على كفاية الملاك في عبادية العبادة
نقول حتى اذا سلمنا تمامية أحد الوجهين السابقين لإثبات وجود الملاك في المجمع او كليهما لا يمكن تصحيح هذه الصلاة لوجود ما يعارض ذلك وينفي وجود الملاك في المجمع وهو اطلاق الهيئة، بتقريب انه بناء على امتناع الاجتماع وتقديم خطاب النهي على خطاب الأمر فهذا معناه أن الواجب هو الصلاة في غير هذا المكان، فتختص الصلاة الواجبة بالصلاة في الارض المباحة فاذا فرضنا انه صلى في الارض المغصوبة وشككنا بعد ذلك ان الواجب هل سقط بهذه الصلاة او لا؟ فمقتضى اطلاق الهيئة بقاء الوجوب لأنه لم يأتي بمتعلقه، وافتراض ان ما جاء به يسقط الوجوب على خلاف القاعدة واطلاق الهيئة ينفيه
وبقاء الوجوب يعني ان الصلاة في الارض المغصوبة ليس فيها ملاك، وهذا هو المعارض
فحينئذ لا يمكن الاعتماد على هذين الوجهين في اثبات الملاك حتى لو سلمنا تماميتهما