42/04/01
الموضوع: التزاحم/تنبيهات التزاحم
كان الكلام في اعتراضات السيد الخوئي (قده) على مناقشة المحقق النائيني للمحقق الثاني (قدهما)
الاعتراض الاول: ان الاوامر تتعلق بالطبايع لا بالافراد، والخصوصيات الفردية خارجة عن متعلق الامر ومن الواضح ان الامر اذا تعلق بالطبيعة لا يكون منافياً لوجوب شيء آخر في عرضه كما في محل الكلام فالأمر بالصلاة تعلق بطبيعة الصلاة وهذا لا يكون مناف للأمر بالازالة في عرض واحد
نعم الترخيص في تطبيق الطبيعة على جميع افرادها يخرج منه الفرد المزاحم
وما نقوله من عدم المنافاة بين الامر بالطبيعة وبين وجوب شيء آخر في عرضه لا يفرق فيه بين ان يقال ان منشأ اعتبار القدرة في التكليف هو حكم العقل بقبح تكليف العاجز او هو اقتضاء طبع التكليف لذلك فعلى كلا التقديرين يحكم بصحة الفرد الذي جاء به المكلف وإن كان مزاحماً للواجب المضيق فلو عصى المكلف الأمر بالمضيق وجاء بالصلاة يحكم بصحة صلاته لأن الطبيعة المأمور بها تنطبق على ما جاء به من الصلاة
اما اذا قلنا بأن منشأ اعتبار القدرة هو حكم العقل فواضح؛ لأن المحقق النائيني اساساً قال يصح كلام المحقق الكركي في هذه الصورة لان العقل يحكم بانه يكفي في صحته الامر بالطبيعة القدرة على بعض الافراد والمفروض ان المكلف في محل الكلام قادر على بعض افراد الطبيعة فيتعلق الامر بالطبيعة وتنطبق تلك الطبيعة المأمور بها على ذلك الفرد المزاحم اذا جاء به المكلف وعصى الامر بالمضيق
واما اذا قلنا بأن منشأ اعتبار القدرة هو اقتضاء طبع التكليف ذلك ففي هذه الحالة يرى المحقق النائيني ان ذلك يقتضي اختصاص التكليف بالحصة المقدورة من الطبيعة وحينئذ لا انطباق للمأمور به على المأتي به لأن المأمور به هو الحصة المقدورة من الطبيعة والمأتي به غير مقدور فينبغي ان يحكم ببطلان الصلاة لو جاء المكلف بالفرد المزاحم للازالة من الصلاة
ويرى السيد الخوئي انه حتى اذا قلنا بهذا المبنى نحكم بصحة الفرد المزاحم من الصلاة لانه على هذا المبنى لا بد ان نقول بأن الغرض من التكليف هو جعل الداعي للتحرك نحو الاتيان بمتعلقه فلا بد ان يكون متعلق التكليف مقدوراً لاستحالة جعل الداعي نحو غير المقدور ولكن هذا لا يقتضي اختصاص التكليف ومتعلقه بخصوص الافراد المقدورة والوجه في ذلك ان جعل الداعي للتحرك نحو امتثال الجامع بين الافراد ممكن فالجامع مقدور للمكلف لانه يكفي في القدرة عليه القدرة على بعض الافراد، وكأنه صار خلط بين ايجاد الداعي للتحرك نحو الفرد وبين ايجاد الداعي للتحرك نحو الجامع، والمحال هو الاول وهو ان يكون متعلق التكليف هو الفرد دون الثاني وهو ان يكون متعلق التكليف هو الجامع، فالتكليف معقول
اذن لا مشكلة في انطباق المأمور به على الفرد المزاحم من الصلاة وبالتالي تصحيح ذلك الفرد سواء قلنا بأن منشأ اعتبار القدرة في التكليف هو العقل او قلنا بأن المنشأ هو اقتضاء نفس التكليف ذلك فإن هذا لا يعني اختصاص التكليف بالحصة المقدورة، واذا كان متعلق التكليف هو الجامع تكون الصحة واضحة لأنه إن عصى الازالة وجاء بالصلاة ينطبق عليه الجامع المأمور به وهو الميزان في الامتثال
وهذا كله بناء على عدم اقتضاء الامر بالشيء للنهي عن ضده
الاعتراض الثاني: ان دعوى ان اعتبار القدرة في التكليف تنشأ من اقتضاء نفس التكليف ذلك، مبنية على ما هو المشهور بينهم من ان المنشأ بصيغة الامر انما هو الطلب والبعث والتحريك، ومن هنا يختص التكليف بخصوص الحصة المقدورة من الطبيعة
لكن هذا المبنى ليس صحيحاً والصحيح أن حقيقة التكليف هي اعتبار الفعل على عهدة المكلف، نعم هذا الاعتبار حيث انه امر نفسي فلا بد له من مبرز والمبرز هو هذه الصيغ الانشائية ف (صل) يبرز أن المتكلم اعتبر الصلاة في ذمة المكلف، ومن هنا فالامر بالصلاة لا يخرج عن هذين الشيئين الاعتبار النفسي وما يبرز هذا الاعتبار النفسي في الخارج وليس هناك شيء آخر وراء ذلك نسميه بالطلب والوجوب حتى يأتي ما ذكره المحقق النائيني من أن التحريك انما يمكن حيث يمكن التحرك وهو انما يمكن حيث يكون المتعلق مقدوراً فإن صل لا طلب فيه وانما الوجوب يستفاد من حكم العقل
واعتبار الفعل على عهدة المكلف -وهو حقيقة التكليف- لا يقتضي اختصاص الاعتبار بخصوص الافراد المقدورة لانه لا تحريك فيه ولا طلب فإنه مجرد اعتبار صرف، ولا مشكلة في أن يعتبر الجامع
كما ان ابراز ذلك الاعتبار بالمبرز لا يقتضي الاختصاص لانه ليس الا مجرد ابراز للاعتبار النفسي فمن اين يأتي الاختصاص
الاعتراض الثالث: ان ما ذكره المحقق النائيني من ان المناقشة مبنية على أن عبادية العبادة موقوفة على الأمر وان قصد الأمر هو المصحح للعبادة ولا يكفي قصد الملاك، واما اذا قلنا بكفاية قصد الملاك وعدم اعتبار قصد الامر في وقوع الشيء عبادة فلا بد ان يحكم بصحة الفرد المزاحم من العبادة على كلا التقديرين ولا تظهر الثمرة
اما اذا لم نقل بالاقتضاء فواضح اذ لا نهي، واما اذا قلنا بالاقتضاء فيأتي ما ذكره من ان هذا نهي غيري لا ينشأ من مفسدة في المتعلق حتى يكون كاشفاً عن عدم تمامية الملاك فالملاك موجود ويصح التقرب به
وذكر السيد الخوئي بان كبرى كفاية قصد الملاك في صحة العبادة مسلم، ولكن الكلام في الصغرى وهي اثبات ان الفرد المزاحم تام الملاك حتى نصحح العبادة اذا قصده،
وذكروا وجوهاً لإثبات ان هذا الفرد تام الملاك وإن ارتفع عنه الامر: منها ما قاله صاحب الكفاية من القطع بوجود الملاك، اذ لا يوجد فيه اي قصور فهو قطعاً تام الملاك