42/03/29
الموضوع: التزاحم/تنبيهات التزاحم
كان الكلام في مناقشة المحقق النائيني (قده) لما ذكره المحقق الثاني (قده) وحاصلها:
ان كلام المحقق الكركي في بيان ثمرة مسألة ان الامر بالشيء يقتضي النهي عن ضده غير تام لأنه مبني على مبنى باطل وهو دعوى ان اعتبار القدرة في التكليف ناشيء من حكم العقل بقبح تكليف العاجز واما لو قلنا بأنه ناشيء من اقتضاء نفسس التكليف اعتبار القدرة في متعلقه فلا يتم ما ذكره
توضيح ذلك: ان هناك رأيان في مسألة اعتبار القدرة في التكليف
الاول: ان المنشأ لذلك هو حكم العقل بقبح تكليف العاجز
الثاني: ان طبيعة التكليف تقتضي ذلك لأن الغرض من التكليف ايجاد الداعي في نفس المخاطب للتحرك نحو الامتثال وهذا الغرض انما يكون ممكناً حينما يمكن للمكلف ان يتحرك نحو الامتثال واما اذا كان المكلف غير قادر على الاتيان بمتعلق التكليف فلا يعقل جعل الشارع تكليفاً لغرض ان يخلق داعي في نفسه للتحرك مع امتناع التحرك لانه مع امتناع التحرك يستحيل التحريك، فان كان المكلف قادراً على المتعلق فيعقل خلق الداعي في نفسه للتحرك واما اذا كان المكلف غير قادر على التحرك فلا يعقل خلق الداعي في نفسه للتحرك
بناء على الرأي الاول فكلام المحقق الثاني تام بمعنى انه تظهر الثمرة فإن قلنا بأن الامر بالشيء يقتضي النهي عن ضده فالفرد المزاحم للازالة من الصلاة يكون منهياً عنه فيقع باطلاً لأن النهي يقتضي الفساد، وإن لم نقل بأن الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضده فهذا الفرد لا يكون منهياً عنه وحينئذ يكون مصداقاً للطبيعة المأمور بها فلا داعي لخروجه عن كونه مصداقاً للطبيعة المأمور بها لأنه ليس متعلقاً للنهي، واذا كان مصداقاً للطبيعة المأمور بها تنطبق عليه الطبيعة المأمور بها قهراً، فإذا جاء به المكلف يكون امتثالاً للواجب، لأن الملاك في تحقق الامتثال هو انطباق المأمور به على المأتي به
والمكلف في محل الكلام قادر على بعض افراد الصلاة فالعقل لا يمنع من ان يؤمر بالطبيعة فاذا امر بالطبيعة والفرد المزاحم لا نهي به فيتحقق به الامتثال ويكون مجز
واما اذا قلنا بالمبنى الآخر وهو ان النوبة لا تصل الى حكم العقل بقبح تكليف العاجز بل ان القدرة معتبرة في التكليف لاقتضاء طبيعة التكليف ذلك فلازم هذا ان التكليف يختص بالحصة المقدورة من الطبيعة ولا يشمل الحصة غير المقدورة منها لأن طبيعة التكليف تقتضي ذلك
فهنا لا بد ان نقول بعدم الاجزاء وفساد ما يأتي به المكلف من الفرد المزاحم على كلا القولين في مسألة الاقتضاء،
اما على القول بأن الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضده فالأمر واضح
واما على القول بعدم الاقتضاء فلأن الطبيعة المأمور بها لا تشمل هذا الفرد لانها اختصت بالحصة المقدورة من الطبيعة وهذا الفرد المزاحم غير مقدور شرعاً وهو بحكم غير المقدور تكويناً فلا يكون مصداقاً للطبيعة المأمور بها لأن الطبيعة المأمور بها ليس هي مطلق الطبيعة بل خصوص الحصة المقدورة
والحاصل ان الفرد غير المقدور من الطبيعة وإن كان فرداً من الطبيعة الا انه ليس فرداً لها بما هي مأمور بها وحيث ان الفرد المزاحم من الصلاة غير مقدور شرعاً وهو في حكم غير المقدور عقلاً فلا يكون مصداقاً للطبيعة المأمور بها بما هي مأمور بها لأنها مقيدة بالقدرة والطبيعة المقيدة بالقدرة يستحيل انطباقها على الفرد غير المقدور ومعه لا يحصل به الامتثال ولا يكون مجزياً حتى اذا قلنا بعدم الاقتضاء فلا تظهر الثمرة وهذا بناء على ما هو المعروف عند القدماء من أن صحة العبادة تتوقف على قصد الأمر المتعلق بها فلا بد من فرض وجود أمر متعلق بها حتى يقصده المكلف، بمعنى انه لا يكفي في تصحيح العبادة قصد الملاك
واما اذا قلنا بكفاية قصد الملاك فلا بد من الالتزام بأن الفرد المزاحم يقع صحيحاً على كلا القولين في مسألة الاقتضاء فلا بد ان نقول بصحة الفرد المزاحم حتى اذا قلنا بالاقتضاء ومعناه ان الفرد المزاحم يقع منهياً عنه فنقول بصحته باعتبار ان هذا النهي نهي غيري لا نفسي، فلو كان نهياً نفسياً فهو يكشف عن مفسدة في المتعلق وهو كاشف عن عدم الملاك في المتعلق فلا يمكن قصد الملاك واما لو كان نهياً غيرياً فهو لا يكشف عن مفسدة في المتعلق ولا يكون دليلاً على عدم تمامية الملاك في الفرد المزاحم
والخلاصة ان الثمرة التي ذكرها المحقق الكركي لمسألة ان الامر بالشيء يقتضي النهي عن ضده غير تامة
فان قلنا باعتبار الامر في صحة العبادة فلما تقدم من ان الفرد المزاحم يقع باطلاً سواء قلنا بالاقتضاء او لم نقل به اما على القول بالاقتضاء فباعبتار النهي وهو يقتضي الفساد واما على القول بعدم الاقتضاء فلأن هذا الفرد ليس مصداقاً للطبيعة لأن متعلق التكليف هو الحصة المقدورة من الطبيعة وهي لا تنطبق على الفرد غير المقدور واما اذا قلنا بأنه يكفي في عبادية العبادة قصد الملاك فلا تظهر الثمرة لأنه لا بد أن نحكم بصحة الصلاة المأتي بها اما اذا قلنا بعدم الاقتضاء فواضح واما اذا قلنا بالاقتضاء فلأن الاقتضاء يعني النهي الغيري عن الفرد المزاحم وليس نهياً نفسياً كاشفاً عن مفسدة في المتعلق حتى يقتضي عدم تمامية الملاك فيه، فالملاك موجود فيمكن ان يقصد المكلف الملاك فتصح منه العبادة
واعترض السيد الخوئي (قده) بعدة اعتراضات على استاذه نذكر اثنين منها
الاول: ان التفصيل بين كون منشأ اعتبار القدرة حكم العقل بقبح تكليف العاجز او هو اقتضاء طبيعة التكليف ذلك فيتم كلام المحقق الكركي على الاول دون الثاني
غير صحيح اذ من الواضح ان الاوامر تتعلق بصرف الطبيعة اي بالجامع بين الافراد الطولية والعرضية ومن الامور الواضحة ان الوجوب اذا تعلق بالطبيعة المجردة عن الخصوصيات اي بالجامع بين الافراد فالتكليف بهذا الجامع لا يكون مناف لوجوب شيء آخر في عرضه فالواجب في مثالنا هو جامع الصلاة الذي له افراد طولية وعرضية فالوجوب المتعلق بأحد افراد الصلاة الطولية لا ينافي وجوب الازالة لا في عالم الجعل كما هو واضح ولا في عالم الامتثال فبامكان المكلف ان يمتثل الصلاة وان يمتثل الازالة
نعم لا بد ان نرفع اليد عن الترخيص في تطبيق الطبيعة على الفرد المزاحم فالفرد المزاحم لا يرخص للمكلف في تطبيق الطبيعة عليه وهذا لا يفرق فيه بين القولين في منشأ اعتبار القدرة في التكليف لأن المكلف على كلا التقديرين اذا عصى الواجب المضيق وجاء بالفرد المزاحم يقع هذا الفرد محكوماً بالصحة لانطباق المأمور به عليه على كلا التقديرين
اما اذا كان منشأ اعتبار القدرة هو حكم العقل بقبح تكليف العاجز فكون هذا الفرد مجز واضح باعتبار ان العقل لا يحكم بازيد من اعتبار القدرة على فرد من افراد الطبيعة والمكلف في المقام قادر على ذلك فيصح التكليف بهذه الطبيعة من غير تقييد، فالفرد الذي يأتي به المكلف وإن عصى لكنه يقع مصداقاً للطبيعة
واما اذا قلنا بانه ناشيء من طبيعة التكليف فذكر السيد الخوئي بان هذا لا يقتضي بطلان ما يأتى به من الفرد المزاحم