42/03/24
الموضوع: التزاحم/ تنبيهات التزاحم
كان الكلام في ان التزاحم هل يجري في الواجبات الضمنية كما يجري في الواجبات الاستقلالية او لا؟ فاذا كان تزاحم بين واجبين ضمنيين فهل نطبق عليهما قواعد باب التعارض او ان المقام قد يدخل في باب التعارض
والتزاحم بين الواجبات الضمنية يتصور عندما يكون واجب مركب من مجموعة اجزاء ففي بعض الاحيان يدور امر المكلف بين ان يترك هذا الجزء او ذاك الجزء عندما لا تكون له قدرة على الاتيان بكلا الجزئين فيقع التزاحم بين الواجبين الضمنيين كما اذا فرضنا ان المكلف لا يتمكن من القيام في كلتا الركعتين فاما ان يقوم في الركعة الاولى او يقوم في الركعة الثانية او اذا دار امر المكللف بين ترك القراءة وبين ترك السجود من دون فرق بين ان يكون هذا في الاجزاء او الشرائط
وهنا ذهب المحقق النائيني الى جريان قواعد باب التزاحم في المقام كما تجري في الواجبات الاستقلالية
واستدل له بان كلاً من الامرين الضمنيين يقتضي الاتيان بمتعلقه فوجوب القيام يقتضي الاتيان بالقيام في الصلاة ووجوب الركوع يقتضي الاتيان بالركوع في الصلاة فاذا فرضنا ان المكلف قادر على الاتيان بهما معاً ينتفي التزاحم
واما اذا فرضنا ان المكلف غير قادر على امتثالهما معاً وانما هو قادر على امتثال احدهما فقط فاذا ركع يكون عاجزاً عن السجود واذا سجد يكون عاجزاً عن الركوع ففي هذه الحالة يقع التزاحم بين الامر الضمني للسجود وبين الامر الضمني للركوع باعتبار ان ملاك التزاحم بين الواجبات النفسية موجود في الواجبات الضمنية وهو عدم قدرة المكلف على امتثال كلا التكليفين ولو صرف قدرته في امتثال احدهما يكون عاجزاً عن امتثال الآخر وهذا الملاك بعينه موجود في الواجبات الضمنية فان المكلف غير قادر على امتثال الوجوبين الضمنيين للركوع والسجود ولو صرف قدرته في امتثال احدهما يكون عاجزاً عن امتثال الآخر فتطبق قواعد باب التزاحم ويرجع الى مرجحات باب التزاحم
واذا لم يوجد مرجح فالعقل يحكم بالتخيير بينهما فيكون وجوب كل واحد منهما مشروطاً بترك الآخر لأن وجوبهما معاً محال لأن المكلف غير قادر على امتثالهما معا بحسب الفرض
وذهب السيد الخوئي (قده) الى ان التزاحم في الواجبات الضمنية يوجب وقوع التعارض بين دليليهما ولا تطبق عليهما قواعد باب التزاحم وذكر في مقام الاستدلال بأن ما ذهب اليه المحقق النائيني (قده) مبني على دعوى حاصلها ان الامر الذي يتعلق بالمركب من اجزاء لا يسقط بتعذر بعض اجزاءه وشرائطه واذا توجه الامر الاستقلالي للمركب كالصلاة فكل جزء يتوجه اليه امر ضمني ومجموع الاوامر الضمنية هي عبارة عن الامر الاستقلالي وفي الحقيقة ان الوجوب الاستقلالي ينحل الى وجوبات ضمنية بعدد الاجزاء، وبناء على هذه الدعوى يتم كلام المحقق النائيني فاذا دار الامر بين الركوع والسجود حينئذ فلا محالة بناء على هذه الدعوى يقع التزاحم بين الوجوبين الضمنيين لأن المفروض بقاء الامر بالمركب وعدم سقوطه بتعذر بعض اجزاءه والمفروض ان كلاً من الجزئين مقدور في حد نفسه وحينئذ لا مانع من الالتزام بالامر الضمني لاحدهما عند عدم الاتيان بالآخر فيكون كل منهما ماموراً به بنحو الترتب، فما نقوله في الواجبات الاستقلالية نقوله في الواجبات الضمنية بدعوى ان الامر بالصلاة لا يسقط مع العجز عن بعض الاجزاء
فاذا كان الجزء المتعذر من الصلاة معين يسقط الامر به فقط ويبقى الامر بسائر الاجزاء
واما اذا كان ما عجز عنه مردد كما هو في محل الكلام فيقع التزاحم بين هذه الاوامر الضمنية وهذه هي نكتة الترتب فلا داعي لرفع اليد عن اصل التكليف بل نرفع اليد عن اطلاق التكليف
وذكر السيد الخوئي (قده) بأنه لا يعقل بقاء الامر بالمركب مع تعذر بعض اجزاءه او شرائطه
باعتبار ان الاجزاء لهذا المركب لها وجوبات ضمنية لكنها وجوبات ارتباطية وتكون كلها مجعولة بجعل واحد وهو الجعل الذي تعلق بالمركب من هذه الاجزاء وهذا التكليف يكون مشروطاً بالقدرة على متعلقه كسائر التكاليف الاخرى ومتعلقه مجموع الاجزاء فاذا عجز المكلف عن الاتيان بأحد هذه الاجزاء المعين فهو عاجز عن الاتيان بالمركب ونفس الكلام نقوله عندما يعجز عن احد الجزئين اي لا يقدر على الجمع بينهما فلا فرق في سقوط الامر بالمركب عند عجز المكلف عن احد الاجزاء لا بعينه او عند عجزه عن احد الاجزاء المعين وعند عدم القدرة على الاتيان بمتعلق التكليف لا بد ان يسقط ذلك التكليف والا كان من التكليف بغير المقدور وهو محال ومع سقوط التكليف بالمجموع المركب من الاجزاء فلا معنى لفرض التزاحم بين الواجبات الضمنية للاجزاء اذ معه لا تبقى وجوبات ضمنية للاجزاء حتى يقع التزاحم بينها لانها مستمدة من الوجوب الاستقلالي بالمركب بل هذه الواجبات الضمنية هي نفس الواجب الاستقلالي بالمركب ومع انتفاء الوجوبات الضمنية لا معنى للتزاحم
قد يقال بان الوجوب الاستقلالي بالمجموع المركب يسقط بتعذر بعض اجزاءه ولكن يوجد امر استقلالي اخر يتعلق بالاجزاء الباقية، فتوجد اوامر ضمنية بالاجزاء، فاذا كان المتعذر معين فيتعلق الوجوب الاستقلالي بالباقي من الاجزاء واما اذا كان المتعذر مردد بين هذا وبين ذاك كما في محل الكلام فحينئذ هذا يوجب سقوط الامر بالمجموع المركب لعدم القدرة على الاتيان بمتعلقه ولكن يوجد امر بالمركب من الاجزاء الباقية غير ذاك الامر، فتكون وجوبات ضمنية غاية الامر ان احد الوجوبات الضمنية مردد بين ان يكون متعلق بهذا الجزء عندما يفترض ان المتعذر هو الآخر وبين ان يتعلق بالآخر عند تعذر هذا فلا يمكن القول بسقوط الوجوب الاستقلالي بالمركب دفعة وبالمرة،
وجوابه انه لا دليل على وجوب الباقي فهو على خلاف القاعدة
نعم، في بعض الواجبات المركبة وجد هذا الدليل وهو مختص بباب الصلاة فقد ورد انها لا تترك بحال فاذ تعذر بعض اجزائها يجب عليه الاتيان بالباقي ولا يمكن تسرية هذا الامر الى باقي الواجبات كالصوم مثلا فاذا تعذر على المكلف الامساك في ساعة معينة سقط عنه الصوم
ففي محل الكلام في باب الصلاة اذا تعذر بعض اجزاء الصلاة فالامر يدور بين وجوب سائر الاجزاء مع الجامع بين الجزئين اللذين تعذر على المكلف الجمع بينهما وهذا مرده الى ان المكلف مخير بينهما، وبين وجوب الاتيان بسائر الاجزاء مع احد الجزئين اللذين دار الامر بينهما المعين، وهذا ليس بابه باب التزاحم بل مرجعه الى الشك في التكليف فالمكلف يشك في انه مكلف بالجامع بين الجزئين او انه مكلف باحدهما تعييناً فيرجع فيه الى الاصول العملية ومقتضاها نفي التعيين والانتهاء الى نتيجة التخيير وان الجزء في المركب هو الجامع بينهما
والسيد الخوئي (قده) هنا يدخل المقام في باب التعارض