الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الأصول

42/03/15

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: التزاحم/تنبيهات التزاحم

كان الكلام في ما اذا كان الواجبان المتزاحمان طوليين وكان المتأخر منهما اهم من المتقدم مع كون القدرة المأخوذة فيهما عقلية والكلام في امكان ان يؤمر بالمتقدم مترتباً على ترك المتأخر

 

وذهب المحقق النائيني (قده) الى عدم امكان ذلك واستدل له بان المتصور في الامر الترتبي للمهم وجوه كلها محالة

الوجه الاول: تقييد الامر بالمهم بعصيان الامر بالاهم المتأخر فيكون العصيان المتأخر شرطاً في وجوب المتقدم، والشرط المتأخر عنده محال، وتقدمت مناقشته

 

واما الوجه الثاني: وهو ان يكون الامر بالمتقدم مشروطاً بعدم تعقب امتثال الاهم او قل مشروطاً بتعقبه بعصيان الاهم والتعقب عنوان انتزاعي ففي وقت الاهم اذا لم يأتي به يصدق من البداية انه تعقبه عصيان الاهم

وناقشه بان هذا لا يدفع التنافي بين الامر بالمتقدم وبين الامر بوجوب حفظ القدرة للواجب المتأخر لأن افتراض ان المتأخر اهم يستدعي انه يجب على المكلف ان يحفظ قدرته للواجب الاهم ووجوب حفظ القدرة للأهم ينافي وجوب المهم والتنافي بين هذين الوجوبين لا يحله هذا الوجه الثاني، مضافاً الى انه لا دليل على ان الشرط هو تعقبه بعصيان الامر بالأهم وما ذكره يمكن الجواب عنه، اما بالنسبة الى انه لا يدفع التنافي بين وجوب المهم ووجوب حفظ القدرة على الاهم فجوابه ان وجوب حفظ القدرة ليس خطاباً شرعياً وانما هو خطاب عقلي فليس له محركية زائدة على محركية التكليف بالاهم والمفروض عدم وجود التنافي بين محركية الامر بالاهم وبين محركية المهم اذا اخذ بنحو الترتب اي عندما يقيد الامر بالمهم على تعقب عصيان الامر بالاهم

واما انه لا دليل على ان الشرط هو تعقب الامر بالمهم بعصيان الاهم، فجوابه ان الدليل عليه هو نفس اطلاق الامر بالواجب المهم لحالة تعقبه بعصيان الامر بالاهم، لان الامر بالمهم مطلق ولكن اطلاق الامر بالمهم لحالة عدم تعقبه بعصيان الاهم ساقط فنرفع اليد عنه لان عدم تعقبه بعصيان الاهم معناه تعقبه بحالة الاشتغال بالاهم ومن المحال ان يؤمر بالمهم في حالة الاشتغال بالاهم لانهما ضدان لا يمكن المكلف الجمع بينهما

واما اطلاقه لحالة تعقبه بعصيان الامر بالاهم فلا موجب لسقوطه فيثبت الامر الترتبي

فالدليل هو التمسك باطلاق الامر بالمهم لحالة تعقبه بعصيان الامر بالاهم، لان اطلاقه لحالة عدم عصيان الامر بالاهم ساقط ، فيختص بصورة تعقبه بعصيان الامر بالاهم

واما الوجه الثالث: وهو ان يكون الامر بالمهم مشروطاً بعصيان خطاب وجوب حفظ القدرة فيكون الشرط مقارناً لا متأخراً، واستدل على كونه محالاً بما ذكرناه من ان عصيان وجوب حفظ القدرة اما ان يتحقق بالاتيان بالواجب المهم او بالاتيان بضد اخر لهما وعلى كلا التقديرين هو محال، لأنه يلزم على التقدير الاول طلب الحاصل لأن الامر بالمهم مشروط بالاتيان بالمهم، وعلى الثاني يلزم طلب الجمع بين الضدين لان وجوب المهم مشروط بالضد الثالث وهو طلب للجمع بين الضدين لان المفروض ان الثالث ضد للمهم فكيف يطلب منه الاتيان بالمهم في حالة الاتيان بضده

 

وجوابه اولاً: بالنقض بمورد التزاحم بين وجوب الصلاة في آخر وقتها وبين وجوب الازالة فان ترك الصلاة في الخارج اما ان يتحقق بفعل الازالة او بفعل آخر وهنا نقول بانه على الاول يلزم من الامر بالازالة مشروطاً بعصيان الامر بالصلاة طلب الحاصل كانه يقال له اذا ازلت يجب عليك الازالة، وان تحقق ترك الصلاة بفعل آخر فيلزم طلب الجمع بين الضدين لان الامر بالازالة يكون مترتباً على ترك الصلاة وترك الصلاة تحقق بفعل النوم مثلا فكأنه يقال له اذا نمت يجب عليك الازالة فيلزم طلب الجمع بين الضدين ومن الواضح بأن الترتب في المقام ممكن بلا اشكال ولم يستشكل احد فيه مع انه يلزم منه ما ذكره فما يجاب به على هذا النقض يكون هو الجواب في محل الكلام

 

وثانياً: ان ما ذكر مبني على دعوى ان ترك التحفظ على القدرة على الواجب المتأخر في محل الكلام هو عين الفعل الذي يتحقق به هذا الترك ، فاذا تحقق بالازالة فهو عين الازالة، ولكن هذه الدعوى غير صحيحة فإن حفظ القدرة للواجب المتأخر امر وجودي يتحقق عصيانه بترك التحفظ، نعم ترك التحفظ ملازم لفعل المهم او لفعل آخر غير المهم لا انه نفس فعل المهم، فالصلاة امر وجودي ويتحقق عصيانها بترك الصلاة وترك الصلاة ملازم لفعل من الافعال لا انه عين ذلك الفعل، ومن الواضح بان مايثبت لأحد المتلازمين لا دليل على انه يجب ان يثبت لملازمه ولذا يجوز للمتلازمين ان يختلفا في الحكم

والا لكان وجوب الصلاة ينشأ منه وجوب شرعي آخر بوجوب عدم فعل شيء ينافي الصلاة لأن الصلاة ملازمة لترك فعل آخر فاذا وجبت الصلاة وجب ترك الفعل الآخر فنقول اذا وجبت الصلاة وجب ترك الفعل الآخر فمثلاً الصلاة وترك النوم امران متلازمان فالحكم الثابت للصلاة لا يلازم ان يكون ثابتاً لملازمه

وفي بعض المناطق استقبال القبلة يلازم استدبار الجدي فبحثوا انه اذا حرم استدبار الجدي يبقى استقبال القبلة واجباً ويدخلان في باب التزاحم، فلا دليل على ان ما ثبت لاحد المتلازمين يجب ان يكون ثابتاً لملازمه

وبناء على هذا لا يلزم من اشتراط وجوب المهم بعصيان الامر بالتحفظ اشتراطه بفعل نفسه حتى يلزم طلب الحاصل او بفعل آخر حتى يثبت طلب الجمع بين الضدين

لانه ليس نفسه بل ملازمه ولا دليل على ان ما ثبت لاحد المتلازمين لا بد ان يكون ثابتاً للآخر