42/03/09
الموضوع: التزاحم/مرجحات باب التزاحم
اتضح مما سبق من الاعتراضات التي وجهناها على ما ذكر من عدم امكان الترتب في المثال السابق بان الترتب ممكن وذلك بان يءمر بالوضوء على تقدير عصيان الامر بالانقاذ فيدخل الامر في باب التزاحم فالامر بالوضوء لا يسقط ويكون هذا الامر يكون هو المصحح للوضوء لو جاء به المكلف والوجه في هذا هو ان دعوى استحالة الترتب في المثال تتوقف على امور ثلاثة ليست مسلمة
الاول اثبات اخذ القدرة في خطاب الوضوء الثاني انها فدرة شرعية دخيلة في الملاك الثالث انها بمعنى عدم الامر بالمنافي
فاذا تمت هذه الامور يثبت ما ذكروه من استحالة الترتب وبهذا يخرج المورد من باب التزاحم ويدخل في باب التعارض
وهذه الامور الثلاثة حتى اذا سلمنا الامر الاول منها وقلنا بانه يمكن استفادته من الاية المباركة وان القدرة ماخوذة في خطاب الوضوء باعتبار ما تقدم من ان البدل لما كان مقيدا بعدم وجدان الماء فلازم تقييده بذلك ان يكون الوضوء المذكور قبله مقيدا بوجدان الماء بمقتضى ما تقدم من ان التفصيل قاطع للشركة ويراد به القدرة على استعماله ولو بقرينة ذكر المرض مع السفر في اية التيمم
ولكن لا نسلم الامر الثاني ولا الامر الثالث
اما الامر الثاني وهو كون القدرة شرعية فتقدم بانه كلا الدليلين اللذين استدل بهما لاثبات ان القدرة دخيلة في الملاك ليس تاما
واما الامر الثالث فحتى لو سلمنا بانها دخيلة في الملاك فلا يمكن اثبات انها بمعنى عدم الامر بالخلاف لما قلناه سابقا من ان الظاهر من القدرة هي القدرة التكوينية في مقابل العجز التكويني، ولو سلمنا فنسلم انها بمعنى عدم الاشتغال بواجب اخر لا بمعنى عدم الامر بواجب اخر ومن هنا يظهر ان دعوى استحالة الترتب غير تامة ولذا يدخل في باب التزاحم ويمكن تصحيح الوضوء بالامر الترتبي بان يقال اذا لم تمتثل الامر بالانقاذ يجب عليك الوضوء ويكون هذا الامر الترتبي هو المصحح للوضوء
المثال الثاني: ما اذا توقف الوضوء على مقدمة محرمة كما اذا انحصر الماء في الماء الموجود في الاناء المغصوب بان كان نفس الماء مباحاً لكنه موجود في الاناء المغصوب
وتارة يفترض بان الوضوء بهذا الماء يعد نحو تصرف في الاناء المغصوب ويكون غصباً محرماً ففي هذه الحالة لا اشكال في فساد الوضوء باعتبار انه محرم فيستحيل ان يكون مصداقاً للواجب
واما اذا قلنا بان الوضوء ليس تصرفاً في الاناء المغصوب بل لدينا امران مختلفان فالوضوء عبارة عن الغسلات والمسحات اي غسل الوجه واليدين وهذا غير اخذ الماء من الاناء المغصوب فالحرام هو اخذ الماء من الاناء باعتبار انه تصرف بالمغصوب واما غسل الوجه فليس حراماً لانه ليس تصرفاً في الاناء المغصوب
نعم اخذ الماء من الاناء المغصوب مقدمة محرمة للوضوء فاذا لم تكن هذه المقدمة منحصرة فحرمتها لا تمنع من وجوب الوضوء واذا انحصرت يحصل التزاحم بين حرمة المقدمة وبين وجوب الواجب فيطبق عليهما قواعد باب التزاحم
وفصل المشهور فالتزم في صورة الانحصار بفساد الوضوء والتزم بصحة الوضوء مع عدم الانحصار
اما الحكم بالفساد حال الانحصار فاستدلوا عليه بأن اخذ الماء من الاناء المغصوب لما كان حراماً فحينئذ يكون المكلف غير واجد للماء باعتبار ان المراد من وجدان الماء في الآية الشريفة هو القدرة على استعماله لا وجدانه خارجاً والمراد بالقدرة على استعماله هي القدرة على استعماله تكويناً وشرعاً ومع حرمة اخذ الماء من الاناء شرعاً لا يكون المكلف قادراً على الوضوء شرعاً فيكون الوضوء ممتنع شرعاً والممتنع شرعا كالممتنع عقلاً وبهذا يثبت عدم قدرة المكلف على الوضوء في المقام شرعاً لأن الشارع نهاه عن اخذ الماء من الاناء المغصوب فيسقط عنه الامر بالوضوء وتكون وظيفته التيمم وبهذا يثبت بطلان الوضوء في صورة الانحصار
واما الصحة في صورة عدم الانحصار فلأن المكلف قادر على استعمال الماء فلا يكون الوضوء بالنسبة اليه ممتنعاً عقلاً ولا شرعاً فيكون الوضوء مشروعاً بحقه فيؤمر بالوضوء غاية الامر انه حين اتى بالوضوء ارتكب مقدمة محرمة وهي انه اخذ من الاناء المغصوب ماء وتوضأ به وهذا لا يمنع من صحة الوضوء وان ارتكب حراماً
والكلام في المقام في صورة الانحصار مع افتراض ان الوضوء هو الوضوء المتعارف لا في الوضوء الارتماسي لوضوح انه مصداق للحرام ففي هذه الحالة ذهب المشهور الى بطلان الوضوء باعتبار ان الشارع نهاه عن اخذ الماء من هذا الاناء وهذا معناه انه يكون فاقداً للماء وغير قادر على الماء لاستعماله في الوضوء