42/03/07
الموضوع: التزاحم/مرجحات باب التزاحم
كان الكلام في المثال الاول الذي ادعي بانه مثال لاختلال احد الشرطين لامكان الترتب وهو ما اذا وقع التزاحم بين الوضوء وبين انقاذ نفس محترمة وهنا حكم المحقق النائيني (قده) باستحالة الترتب الذي يعني سقوط الامر بالوضوء مطلقاً وانه يكون مستحيلاً حتى على نحو الترتب فتنتقل وظيفة المكلف الى التيمم
وما يمكن ان يستدل به على كون القدرة شرعية بمعنى انها دخيلة بالملاك هو احد امرين:
الامر الاول: ان الوضوء له بدل بينما الانقاذ ليس له بدل وتقدم ان ما له بدل يكون مشروطاً بالقدرة الشرعية ولذا يتقدم عليه ما ليس له بدل، لان الامر بالبدل مقيد بعدم القدرة على المبدل لانه بدل اضطراري وحينئذ يكون المبدل مقيداً بالقدرة عليه فتكون القدرة مأخوذة في خطاب المبدل (الوضوء) وهذا يقتضي ان تكون القدرة شرعية اي انها دخيلة في الملاك والا يلزم ان يكون اخذها في الخطاب اما ارشاد او تاكيد لما هو الثابت بحكم العقل وكل منهما خلاف الظاهر
ويلاحظ عليه ان مجرد وجود بدل للوضوء وانه مقيد بعدم القدرة على الوضوء لا يستفاد منه ان المولى تصدى للتصريح باخذ القدرة في خطاب الوضوء بحيث يكون تصديه لاخذ القدرة في الخطاب ظاهر في ان المراد منها معنى اخر غير ما ثبت في نفسه بحكم العقل
والذي يثبت كون القدرة شرعية بناء على ما ذكر هو تصدي المولى لأخذ القدرة في لسان الدليل فنفس تصريحه بذلك لا بد ان نقول بان مراده من القدرة معنى اخر غير ما يحكم به العقل
الوجه الثاني: ان الظاهر من قوله تعالى في اية الوضوء ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾
ان موضوع التيمم هو عدم وجدان الماء وحيث انها في مقام التفصيل بين الوضوء والتيمم والتيمم موضوعه عدم وجدان الماء فالوضوء الذي ذكر قبله لا بد ان يكون موضوعه وجدان الماء لان التفصيل قاطع للشركة
اذا ثبت ذلك يقال بان المراد بوجدان الماء ليس هو وجدانه الخارجي وانما المقصود هو القدرة على استعماله في الوضوء والقرينة على ذلك هو ذكر المرض والسفر في نفس الاية فلا فرق بين المريض والصحيح بالنسبة الى وجدان الماء بل ذكر بلحاظ عدم قدرته على استعمال الماء
وحينئذ يقال بان القدرة التي اخذت في خطاب الوضوء تكون قدرة شرعية دخيلة في الملاك وهو المطلوب في المقام ويثبت هذا بما تقدم من ظهور اخذها في الخطاب في انها دخيلة في الملاك والا كان اخذها تاكيداً او ارشاداً وهو خلاف الظاهر
والمناقشة في هذا الوجه هي ان مسألة استظهار دخل القدرة في الملاك باعتبار ان الاصل في القيود التي تؤخذ في الخطاب ان تكون للتاسييس انما يتم اذا فرض ان الحكم انيط في لسان الدليل بالقدرة بشكل صريح لا في مثل المقام فانه لم تؤخذ القدرة في خطاب الوضوء بشكل صريح وانما استفيد دخلها من تقييد دليل البدل بعدم القدرة على الوضوء وبقرينة ان التقسيم قاطع للشركة استفيد انها دخيلة في خطاب الوضوء
وهذا لا يمكن التعويل عليه في استظهار ان القدرة شرعية لانه في مثل هذه الحالة لا يلزم من فرض عدم دخل القدرة في الملاك ان يكون تقييد دليل البدل بالقدرة تاكيدياً او ارشادياً لان دليل البدل حينما اخذ فيه القدرة هو للتاسيس على كل حال ولا يلزم من فرض عدم دخل القدرة في ملاك الوضوء ان يكون اخذ عدم القدرة في لسان دليل البدل للارشاد او التاكيد
فاذا اخذت القدرة في لسان دليل الحكم بشكل مباشر وصريح يأتي استظهار انها دخيلة في الملاك بما تقدم، بينما في محل الكلام لا يلزم من افتراض ان القدرة ليست دخيلة في ملاك الوضوء ان يكون اخذ عدم القدرة في دليل البدل للارشاد او للتاكيد لوضوح ان اخذ عدم القدرة في دليل البدل هو للتاسيس على كل حال
وانما يلزم هذا عندما تؤخذ القدرة بشكل صريح ومباشر في خطاب الوضوء
ويضاف الى هذا انه لو سلمنا استظهار دخل القدرة في الملاك، فان مجرد كون القدرة في الوضوء شرعية لا يكفي لاثبات استحالة الترتب والامر بالوضوء على تقدير عصيان الامر بالانقاذ
فالظاهر ان هذا لوحده لا يكفي الا اذا اثبتنا ان القدرة الماخوذة في الوضوء هي بمعنى عدم الامر بالضد الواجب ، باعتبار انه يرتفع الامر بالوضوء خطاباً وملاكاً بنفس ثبوت خطاب انقذ النفس المحترمة ومع ارتفاعه لا يعقل الامر به حتى مترتباً على عدم الاشتغال بالانقاذ
فلا يعقل الترتب فيثبت حينئذ استحالة الترتب
واما اذا فرضنا ان القدرة المأخوذة في دليل الوضوء بمعنى عدم الاشتغال بضد واجب لا بمعنى عدم الامر بضد واجب فهذا لا يثبت به استحالة الترتب بل يكون امراً معقولاً فلا ضير في أن يأمر بالوضوء على تقدير عصيان الانقاذ
لانه في حالة عدم الاشتغال بالانقاذ لا يقال بان الامر بالوضوء ارتفع خطاباً وملاكاً لانه مع عدم الاشتغال بالانقاذ يكون الامر بالوضوء ثابت لانه معلق على عدم الاشتغال بالانقاذ
فما ذكر لوحده لا يكفي لاثبات استحالة الترتب بل لا بد من اثبات ان القدرة المأخوذة في الوضوء يراد بها عدم الامر
وانى لنا ذلك، بل هو خلاف الظاهر جداً لانه تقدم ان القدرة عندما تؤخذ في الدليل ظاهرة بالقدرة التكوينية او يكون المراد بها عدم الاشتغال بالضد الواجب وعلى كل منهما يكون الترتب ممكناً فلا يثبت بافتراض ان القدرة دخيلة في ملاك الوضوء استحالة الترتب