42/03/01
الموضوع: التزاحم/مرجحات باب التزاحم
قلنا بانه بحسب ظاهر الدليل وبمقتضى اطلاق دليلي الواجبين المتزاحمين هو ان التخييير بينهما في صورة التساوي تخيير عقلي باعتبار وجود خطابين وملاكين في الدليلين المتزاحمين وتقدم انه كلما كان هناك خطابان شرعيان تعيينيان ولو كانا مختصين بصورة عدم الاشتغال بالاخر فالتخيير عقلي بمعنى ان الشارع لم يتدخل بالتخيير وانما عنده خطاب تعييني بوجوب الاول وخطاب تعييني بوجوب الاخر لكن كلا منهما مقيد بعدم الاشتغال بالاخر
هذه النتيجة لا يفرق فيها بين ان يكون الواجبان المتزاحمان مشروطين بالقدرة العقلية او مشروطين بالقدرة الشرعية
ومن هنا نستطيع ان نقول انه لا يفرق بينهما في صورة اذا كان التخيير بينهما عقلي بين ان يكونا مشروطين بالقدرة العقلية وبين ان يكونا مشروطين بالقدرة الشرعية
نعم قد يفرق بينهما في مسالة تعدد العقاب ووحدته في حالة تركهما معا ويقال بانه اذا كانا مشروطين بالقدرة العقلية فلا يتعدد العقاب بخلاف ما اذا كانا مشروطين بالقدرة الشرعية فان العقاب يتعدد اذا تركهما المكلف معاً
والوجه في هذا هو ان التخيير العقلي صحيح انه يستلزم وجود خطابين وملاكين فعليين في حالة عدم الاشتغال بالاخر لكن التخيير العقلي لا يستلزم تعدد العقاب في صورة ما اذا كانت القدرة عقلية والسر في ذلك هو ان الميزان في تحقق المعصية الذي يستوجب استحقاق العقاب هو ان يفوت العبد على مولاه ملاكاً لزومياً فعلياً مهماً عند المولى فاذا فوت على المولى ملاكين لزوميين يهتم بهما المولى يكون قد عصى مرتين فيستحق عقابين
في محل كلامنا الذي يترك كلا الواجبين لم يفوت على المولى ملاكين لزوميين حتى يتعدد عليه العقاب وانما فوت عليه ملاكاً لزومياً واحداً واما الملاك الاخر فان فواته قهري على كل حال باعتبار ان المكلف غير قادر على امتثال الخطابين واستيفاء الملاكين، نعم هو قادر على استيفاء احد الملاكين فهناك تفويت لملاك واحد
نعم اذا لم نقبل بالميزان المتقدم لتحقق العصيان واستحقاق العقاب بان قلنا بان الميزان هو قدرة المكلف على عدم مخالفة المولى فاذا خالف مع قدرته على عدم المخالفة يكون عاصياً ويستحق العقاب
وحينئذ في فرض ما اذا كانت القدرة عقلية هنا يستلزم هذا تعدد العقاب والسر فيه ان المكلف قادر على التخلص من مخالفة كلا التكليفين بان يمتثل احدهما لانه اذا امتثل احد التكليفين يكون بذلك قد تخلص من مخالفة التكليف الذي امتثله بامتثاله وتخلص ايضاً من مخالفة التكليف الاخر برفع موضوعه لانه مقيد بعدم الاشتغال بالاول بحسب الفرض لان القدرة عقلية بحسب الفرض
فبمجرد ان يمتثل احدهما يكون قد تخلص من مخالفة كلا التكليفين فهو قادر على التخلص من مخالفة كلا التكليفين بان ياتي باحدهما ولم يفعل لانه ترك كلا التكليفين وحينئذ يستحق عقابين
لكن هذا بناء على ان الميزان في العصيان الموجب لاستحقاق العقاب هو قدرة المكلف على عدم المخالفة
الا ان الميزان المقبول هو الاول اي ان المناط في العصيان هو ان يفوت المكلف على المولى ملاكاً لزومياً ومعه ياتي الكلام السابق فلا تعدد عقاب ولذا التزموا بانه في حالات معينة اذا عرفنا وجود ملاك ملزم يهتم به المولى في مورد من دون ان يكون هناك خطاب نكون ملزمين بالاتيان به وان لم يكن هناك خطاب فالعقل يحكم انه لا بد من الاتيان به
الى هنا يتبين انه بناء في صورة ما اذا كانا مشروطين بالقدرة العقلية التي تستلزم وجود خطابين فالتخيير يكون عقلياً لكن التخيير العقلي في هذه الصورة لا يستلزم تعدد العقاب بناء على ان الميزان في العصيان المستلزم لاستحقاق العقاب هو ما ذكرناه
وهذا بخلاف ما اذا كانا مشروطين بالقدرة الشرعية وكان التخيير عقلياً والمقصود بالقدرة الشرعية هو عدم الاشتغال بواجب اخر وتكون دخيلة في الملاك فينتفي الملاك بانتفائها وهذا معناه ان فعلية الملاك في كل واحد من الواجبين مشروطة بعدم الاشتغال بالاخر، اذا اشتغل بالاول لا ملاك في الثاني لان عدم الاشتغال بالاول دخيل في ملاك الثاني بحسب الفرض ، ففعلية الملاك في كل منهما مشروط بعدم الاشتغال بالاخر فاذا ضممنا الى ذلك ما ذكرناه من ان الميزان في العصيان هو تفويت الملاك الملزم الذي يهتم به المولى عليه ففي محل الكلام من الواضح ان المكلف قادر على ان لا يفوت على المولى شيء من ملاكاته وذلك بان ياتي باحد الواجبين فاذا جاء باحد الواجبين سوف يستوفي ملاك ذلك الواجب وباتيانه يكون قد رفع موضوع فعلية الملاك في الاخر فلا ملاك للاخر اذا اشتغل بالاول فالعبد ما فوت على المولى شيء من ملاكاته
فالمكلف قادر على ان لا يفوت على المولى شيء من ملاكاته فاذا فرضنا ان المكلف لم ياتي باي منهما اي اذا تركهما معا يكون قد فوت على المولى ملاكين لزوميين مع قدرته على عدم تفويتهما فيستحق بذلك عقابين
ومنه يظهر بانه قد يفرق بين ما اذا كانا مشروطين بالقدرة العقلية وبين ما اذا كانا مشروطين بالقدرة الشرعية