42/02/30
الموضوع: التزاحم/مرجحات باب التزاحم
كان الكلام في ان التخيير في حالة تساوي الواجبين المتزاحمين وعدم وجود ما يوجب الترجيح في احدهما هل هو عقلي بمعنى ان الحاكم فيه هو العقل او شرعي؟ ويكون الحاكم به هو العقل عند فرض وجود خطابين تعيينين مشروطين بعدم الاشتغال بالاخر، فالعقل هو الحاكم بالتخيير وانه يتخير المكلف بين الاشتغال باالاول او الثاني
والمراد بالتخيير الشرعي هو ان هناك خطاب شرعي مفاده التخيير بينهما
وذكرنا بانه قد يقال بان التخيير شرعي باعتبار استحالة اجتماع الخطايبين التعينيين في حال المزاحمة ولا ترجيح لاحدهما على الاخر فيتساقطان لكن عندما ننتقل الى الملاك فالمفروض انه فعلي في كل من الخطابين غاية الامر ان المكلف لا يتمكن من استيفاء الملاكين لكنه يتمكن من استيفاء احد الملاكين لا بعينه فاذا كان يمكنه ذلك فالعقل يستكشف وجود خطاب شرعي تخييري لانه لولا وجود هذا الخطاب الشرعي يلزم تفويت ملاك فعلي وهو غير جائز
وجوابه ان الذي يسقط في حال التزاحم واستحالة استيفاء التكليفيين التعيينيين ليس هو اصل الخطابين بل هو اطلاق الخطابين لحالة الاشتغال بالاخر ولا موجب للالتزام بسقوط اصل الخطابين لانه لا تنافي بين اصل الخطابين اذا رفعنا اليد عن اطلاقهما، وبعد سقوط الاطلاقين يبقى الخطاب الاول مختص بحالة عدم الاشتغال بالاخر والخطاب الثاني مختص بحالة عدم الاشتغال بالاول، فكل منهما مقيد بعدم الاشتغال بالاخر
فهناك خطابان تعيينيان، ومن هنا يكون التخيير بينهما عقلياً لا شرعياً
وقد يقال بأن هذا يصح اذا كان الواجبان المتزاحمان مشروطين بالقدرة العقلية واما اذا كانا مشروطين بالقدرة الشرعية فلا بد ان يكون التخيير بينهما شرعياً، فان معنى القدرة الشرعية هي القدرة التي تكون دخيلة في الملاك بمعنى ان عدم الاشتغال بالاخر يكون دخيلا في ملاك الاول وهكذا الثاني بمعنى انه عند الاشتغال باحدهما ينتفي ملاك الاخر فالواجب الاول عند الاشتغال بالثاني لا ملاك فيه ولكن عند عدم الاشتغال بالثاني يكون ملاكه فعلياً فاذا حصل التزاحم بينهما يكون المكلف عاجزاً عن امتثالهما معاً وعاجزاً عن استيفاء كلا الملاكين لاجل التزاحم بينهما لكنه ليس عاجزاً عن استيفاء احد الملاكين وامتثال احد الخطابين غير المعين، وحيث ان احد الخطابين لا بعينه مقدور للمكلف فلا بد للشارع ان يوجبه اي يوجب امتثال احد الخطابين بلا تعيين وهذا هو معنى التخيير الشرعي
وجوابه
اولا انه نفس الكلام يقال فيما لو كانا مشروطين بالقدرة العقلية اذ لا فرق من هذه الجهة بين ان يكون الواجبان مشروطين بالقدرة العقلية وان يكونا مشروطين بالقدرة الشرعية، وغاية الفرق بينهما انه لو كانا مشروطين بالقدرة العقلية فالملاك ثابت حتى في حال الاشتغال بالاخر غاية الامر ان المكلف يصبح عاجزاً عن استيفاء كلا الملاكين بسبب التزاحم لكنه ليس عاجزاً عن استيفاء احد الملاكين وامتثال احد الخطابين والمفروض ان الملاك في احدهما غير المعين ملاك فعلي وتام فيستكشف العقل وجود خطاب شرعي بوجوب امتثال احد الخطابين غير المعين فيكون التخيير شرعيا
فليس واضحاً ما هو الفرق بين ان يكونا مشروطين بالقدرة العقلية وبين ان يكونا مشروطين بالقدرة الشرعية لان الغرض من هذا هو اثبات فعلية الملاك في كل منهما في حال عدم الاشتغال بالاخر وهذا ثابت سواء كانت القدرة شرعية او عقلية بل اذا كانت القدرة عقلية فالملاك يكون فعلياً حتى في حال العجز
وثانياً: انه لا داعي لافتراض وجود ملاك واحد في الجامع بين الواجبين اي في احدهما لا بعينه بعد امكان افتراض ان الملاك متعدد وقائم بنفس الواجبين، لان ظاهر الدليل يساعد على الثاني لان ظاهر دليل الواجب الاول هو الوجوب التعييني وكذا ظاهر الدليل الثاني غاية الامر ان الاول مقيد بالقدرة ولا اشكال في ان كل واحد من الواجبين يكون مقدوراً في حالة عدم الاشتغال بالاخر وحينئذ يمكن التمسك باطلاق دليل كل منهما لحالة عدم الاشتغال بالاخر ومقتضى التمسك بهذا الاطلاق هو وجود خطابين بالواجبين المتزاحمين ووجود ملاكين فيهما فيكون الخطاب متعدد والتكليف متعدد والملاك متعدد، ففي حالة عدم الاشتغال بالثاني يكون الخطاب في الاول ثابت والملاك فيه ثابت وهو خطاب تعييني وهكذا الثاني له خطاب تعييني وملاك تعييني في حالة عدم الاشتغال بالاول
فاذا تركهما المكلف معاً يكون قد خالف خطابين وفوت على المولى ملاكين، وهذا معناه ان التخيير بينهما عقلي وليس شرعياً
فما صدر من الشارع خطابات تعيينية وهي تبقى على حالها في غير حالة التزاحم ونرفع اليد عن اطلاقها لحالة الاشتغال بالاخر في حالة التزاحم
فبحسب ظواهر الادلة يكون التخيير بين الواجبين المتزاحمين عقلياً، والذي قلناه لا يفرق فيه بين ان يكونا مشروطين بالقدر العقلية وبين ان يكونا مشروطين بالقدرة الشرعية فانه لو كانا مشروطين بالقدرة الشرعية فما يثبت هو ان الاشتغال بالاخر يكون رافعاً للخطاب والملاك في الاول ولكن هذا لا ينافي ما ذكرناه من فعلية الخطاب والملاك في كل واحد منهما في حالة عدم الاشتغال بالاخر
وهذا يعني انه في حالة عدم الاشتغال بهما معاً يكون عندنا خطابان وملاكان فعليان غايته ان المكلف لا يمكنه استيفاء كلا الملاكين وامتثال كلا الخطابين والعقل يحكم بلزوم الاتيان باحدهما لا بعينه وهو معنى التخيير العقلي
نعم يفترقان بلحاظ جهة اخرى.