42/02/12
الموضوع: التزاحم/مرجحات باب التزاحم
كان الكلام في اثبات ان القدرة في الخطاب المقيد بالقدرة شرعية وانها دخيلة في الملاك وقلنا بان اثبات ذلك له تقريبان ذكرنا التقريب الاول وحاصله ان الكاشف عن وجود الملاك في حال العجز الملازم لكون القدرة عقلية احد شيئين اما اطلاق المادة بلحاظ الملاك او التمسك بالدلالة الالتزامية
وكل منهما ليس تاماً، فلا مثبت لوجود الملاك في حال العجز
اما الاطلاق فهو غير جاري في المقام لأن الدليل بحسب الفرض مقيد بالقدرة وهي وان لم تكن قرينة على تقييد الملاك بها الا انها تمنع من اطلاق المادة بلحاظ الملاك لانها تصلح ان تكون قرينة على التقييد
واما التمسك بالدلالة الالتزامية بأن يقال بان الخطاب الدال على التكليف بالمطابقة يدل على الملاك بالالتزام فاذا سقط المدلول المطابقي عن الحجية لاستحالة تكليف العاجز يبقى المدلول الالتزامي فهذا ممنوع لما تقدم من تبعية الدلالة الالتزامية للمطابقية في يالحجية
فلا دليل على وجود الملاك في حال العجز
والاعتراض على هذا التقريب هو ان غاية ما يثبت به انه لا دليل على ثبوت الملاك في حال العجز ولكن المطلوب هو اثبات ان القدرة المأخوذة في لسان الدليل في أحد الخطابين شرعية اي ان انتفاء القدرة ملازم لانتفاء الملاك فلا بد من احراز عدم فعلية الملاك في حال العجز ولا يكفي عدم وجود دليل على فعلية الملاك في حال العجز لانه لا يوجد ما يكشف عن وجود الملاك في حال العجز وهذا يعني اننا لا نعلم بدخل القدرة في الملاك والمطلوب هو العلم بدخل القدرة في الملاك
التقريب الثاني: أن يقال بأن المفرض في محل الكلام ان القدرة دخيلة في خطاب التكليف باعتبار حكم العقل بقبح تكليف العاجز او باعتبار اقتضاء نفس الخطاب لذلك على ما ذهب اليه البعض، وهذا الامر الارتكازي في ذهن الانسان العرفي يعتبر بمثابة المقيد اللبي المتصل بالخطاب، فتكون القدرة قيداً في التكليف
وحينئذ يقال بأن تصدي المولى لأخذ القدرة في لسان الدليل مع وضوح دخالة القدرة في التكليف يكون ظاهراً ظهوراً عرفياً في أن المولى بصدد بيان أمر آخر غير ما هو مركوز في الاذهان وهو كون القدرة دخيلة في الملاك لان كون القدرة دخيلة في التكليف امر واضح ومركوز في الاذهان وبذلك يثبت ان القدرة المأخوذة في لسان الدليل هي قدرة شرعية دخيلة في الملاك
والا اذا لم نحمل التصريح باخذ القدرة في لسان الدليل على هذا المعنى يكون كلامه إما تاكيداً واما ارشاداً وكل منهما خلاف الظاهر لأن الاصل في كلام المولى كونه تاسيسياً والاصل فيه المولوية لا الارشادية، فلا بد من حمل التصريح بأخذ القدرة على معنى آخر غير ما حكم به العقل
وهذا التقريب انما يتم اذا لم تكن هناك نكتة اخرى توجب أخذ القدرة في لسان الدليل غير اخذ القدرة في الملاك، فاذا انحصر تفسيرها بهذا نقول بأنها ظاهرة في ذلك
واما لو كانت هناك نكتة اخرى لتصدي المولى لأخذ القدرة في لسان الدليل فلا يتم هذا التقريب، مثلاً يقال بان الاستطاعة اخذت في لسان الدليل في الحج المقيد بالاستطاعة لنكتة اخرى وهي ما يقال من ان الحج بطبيعته امر فيه صعوبة وعسر والحالة الغالبة لمعظم المكلفين هي عدم القدرة على الحج خصوصاً في ذلك الزمان فهو سنخ واجب الغالب فيه عدم القدرة، فالخطاب حين قيد بالقدرة من اجل دفع توهم انه واجب على الجميع فهو يجب على المستطيع وان كانوا هم القلة ولا يجب على غيرهم، فهو يبين ما حكم به العقل من قبح تكليف العاجز وانما صرح بالقيد دون سائر التكاليف لان الغالب في الحج هو عدم الاستطاعة، فلا يمكن ان يقال بأن تصدي المولى لبيان القدرة في لسان الدليل انما هو لبيان ان القدرة دخيلة في الملاك
نقول هناك ثلاث احتمالات لاخذ القدرة في الخطاب الذي اخذت القدرة في لسانه
الاحتمال الاول: أن يكون المأخوذ فيه عنوان القدرة والاستطاعة
الاحتمال الثاني: ان نفترض ان الماخوذ في لسان الدليل هو نفس المقيد اللبي الارتكازي وهو عدم الاشتغال بضد واجب لا يقل عنه اهمية
الاحتما الثالث: ان القدرة المأخوذة في الخطاب بلسان عدم الاشتغال بواجب آخر
واذا تم احد التقريبين المتقدمين لاثبات ان القدرة التي اخذت في الخطاب شرعية يثبت ان القدرة المأخوذة في لسان الدليل دخيلة في الملاك
فلو فرضنا ان القدرة المأخوذة في لسان الدليل هي القدرة التكوينية تكون القدرة التكوينية دخيلة في الملاك، وان كانت القدرة المأخوذة في لسان الدليل هو المقيد اللبي الارتكازي يكون المقيد اللبي دخيلاً في الملاك
وبناء على هذا يقال بان الفرض الاول هو الفرض المعقول والمقبول عرفاً من أخذ القدرة في لسان الدليل ويليه في المعقولية الفرض الثالث، واما الفرض الثاني وهو عدم الاشتغال بضد واجب لا يقل عنه اهمية، فهذا الفرض ليس واقعياً وغير مقبول لأن الانسان العرفي كيف يعرف أن هذا يقل عنه اهمية او لا يقل عنه اهمية فإن هذا ليس من وظيفته فلا معنى لأن يخاطب بهذا الخطاب
وحينئذ نقول ان بنينا على الفرض الاول وهو ان الماخوذ في لسان الدليل هو عنوان القدرة والاستطاعة فالصحيح مع هذا الفرض انه لا ترجيح بهذا المرجح فلا نستطيع ان نرجح الخطاب المطلق على الخطاب المقيد بالقدرة كما هو المدعى في هذا المرجح، حتى اذا فرضنا استظهار ان القدرة في الخطاب المطلق عقلية وانها في الخطاب المقيد شرعية والسر في ذلك ان عنوان القدرة والاستطاعة عندما تؤخذ في لسان الدليل هو القدرة التكوينية فاخذها في الدليل يعني ان القدرة التكوينية دخيلة في الملاك فيكون الفرق بين هذا الخطاب والخطاب الاول هو ان القدرة التكوينية في الخطاب الاول ليست دخيلة في الملاك والقدرة التكوينية في الخطاب الثاني دخيلة في الملاك، فلا موجب لترجيح الاول على الثاني فلا مرجح لتقديم الخطاب الاول على الثاني لان الملاك في كل منهما فعلي، فالخطاب الاول ملاكه فعلي لان المفروض ان القدرة ليست دخيلة في الملاك فملاكه فعلي مطلقاً واما الخطاب الثاني فصحيح ان القدرة التكوينية دخيلة في الملاك بمعنى انه ينتفي بانتفائها لكن القدرة التكوينية موجودة، فملاك كل منهما فعلي فيتساويان بأن الاشتغال بأي منهما يوجب تفويت الملاك في الآخر فلا موجب لترجيح أحدهما على الآخر
فلا موجب لترجيح الواجب المشروط بالقدرة العقلية على الواجب المشروط بالقدرة الشرعية بهذا المعنى