42/02/11
الموضوع: التزاحم/مرجحات باب التزاحم
كان الكلام في اثبات أن القدرة في الخطاب المطلق عقلية وذكرنا التقريب الاول والتقريب الثاني لاثبات ذلك
وكان حاصله أن المادة التي يعرض عليها الطلب مطلقة في مرحلة ما قبل عروض الطلب وهي مرحلة الاقتضاء ووجدان الفعل للملاك، بمعنى ان المادة ليست مقيدة بالقدرة قبل عروض الطلب وانما هي تقيد بالقدرة بعد عروض الطلب باعتبار حكم العقل بقبح تكليف العاجز
فالملاك في متعلق الطلب مطلق اي انه ثابت حتى في حال العجز عنه وهذا معناه ان القدرة ليست دخيلة في الملاك
نعم، العقل يحكم بقبح تكليف العاجز، ولكن هذا يكون بعد عروض الطلب فهو يقول إن الطلب يستحيل تعلقه بالعاجز وهذا يوجب تقييد المادة بلحاظ التكليف، وهذا لا يوجب تقييد المادة بلحاظ الملاك فيبقى الملاك على اطلاقه فيثبت ان القدرة عقلية
وبعبارة اخرى انه لم يحدث شيء يوجب تقييد اطلاق المادة بلحاظ الملاك وانما الذي حدث بعد عروض الطلب هو تقييد المادة بلحاظ التكليف
ويلاحظ عليه: إن التمسك باطلاق المادة بلحاظ الملاك لإثبات أن الملاك ليس مشروطاً بالقدرة وان الملاك ثابت حتى في حال العجز يتوقف على ان يكون المتكلم في مقام بيان ملاك طلبه لانه حينئذ يقال حسب هذا التقريب ان المتكلم لم يبين قيام الملاك بخصوص الحصة المقدورة فمقتضى هذا أن الملاك ثابت مطلقاً حتى في الحصة غير المقدورة وحينئذ يمكن التمسك باطلاق المادة بلحاظ الملاك
ولكن من الواضح ان المتكلم ليس في مقام البيان من ناحية الملاك فهو ليس في مقام بيان ملاك طلبه وانما هو في مقام بيان ما يتعلق به الطلب فاذا لم يقيد متعلق الطلب بشيء فنقول ان مقتضى الاطلاق ان المتعلق مطلق، ومن هنا يواجه التمسك باطلاق المادة بلحاظ الملاك لاثبات ان القدرة ليست دخيلة في الملاك هذا الاشكال
هذا اذا فرضنا أن المقصود من التمسك باطلاق المادة هو ان نستكشف مراد المتكلم من ظاهر كلامه فيأتي الاشكال المتقدم، واما اذا كان المقصود بالاطلاق هو ما اشار اليه المحقق النائيني (قده) بعد أن تعرض الى هذا الاشكال على التقريب فذكر ليس المقصود من التمسك بالاطلاق هو استكشاف مراد المتكلم
وانما المقصود من التمسك باطلاق المادة بلحاظ الملاك هنا ان نتمسك باطلاق المادة بلحاظ الملاك لاستكشاف امر واقعي كشفاً انياً من باب كشف المعلول عن العلة وهذا لا يدور مدار كون المتكلم في مقام البيان او لا، فالعلة في كون متعلق الطلب مطلق في مرحلة ما قبل تعلق الطلب هو كونه واجداً للملاك مطلقاً
وبعبارة اخرى ان ما تعلق به الطلب في مرحلة ما قبل عروض الطلب مطلق واطلاقه يكشف عن العلة في كونه مطلق وهي ان الملاك يكون مطلقا
فنستكشف اطلاق الملاك من كون متعلق الطلب في مرحلة ما قبل عروض الطلب مطلق، نتمسك باطلاق المادة لاثبات كونها مطلقة ليست مقيدة بحصة دون اخرى ومن كون المادة مطلقة نستكشف كون الملاك مطلق
ويلاحظ على ما ذكره لدفع الاشكال عن التقريب، ان تعلق الطلب بشيء وإن كان يكشف كشفاً انياً عن وجود الملاك فيه لكن هذا الكشف الاني انما يكون في خصوص ما يتعلق به الطلب فاذا فرضنا ان الطلب تعلق بالمادة مطلقاً نستكشف وجود الملاك من المادة مطلقاً اما اذا فرضنا ان الطلب تعلق بخصوص الحصة المقدورة فما نستكشفه هو وجود الملاك في خصوص هذه الحصة، والطلب إنما تعلق بخصوص الحصة المقدورة من المادة لاستحالة تكليف العاجز
فالحصة غير المقدورة لا يتعلق بها الطلب بحسب الفرض وكما يمكن ان يكون عدم تعلق الطلب بها لوجود المانع يمكن ان يكون لعدم المقتضي فكلاهما محتمل فعدم تعلق الطلب لا يكشف عن شيء
وبهذا يتبين عدم تمامية كلا التقريبين المتقدمين لاثبات ان القدرة في الخطاب المطلق عقلية
الامر الثاني: اثبات ان القدرة في الخطاب المقيد بالقدرة شرعية بمعنى عدم الاشتغال بضد واجب، بمعنى القدرة التكوينية على المتعلق وعدم صرفها بضد واجب، وهذا له تقريبان ايضاً
التقريب الاول: المفروض في المقام تقييد الحكم في لسان الدليل بالقدرة وهذا لوحده وان كان ليس دليلاً على تقييد الملاك بالقدرة لاحتمال ان تكون القدرة قيداً في التكليف فقط فمجرد أخذ القدرة في لسان الدليل لا يكون دليلاً على دخل القدرة في الملاك
ولكن اخذ القدرة في لسان الدليل يمنع من انعقاد اطلاق المادة بلحاظ الملاك في حال العجز لانه محتف بما يصلح ان يكون قرينة على التقييد وهو نفس اخذ القدرة في لسان الدليل فاذا منعنا من التمسك باطلاق المادة بلحاظ الملاك فلا يمكن ان نستكشف وجود الملاك في حالة العجز حتى تكون القدرة شرعية لأن استكشاف وجود الملاك في حال العجز له طريقان: الاول: اطلاق المادة بلحاظ الملاك في حال العجز وقلنا انه لا يمكن.
والطريق الثاني التمسك بالدلالة الالتزامية على ما تقدم وهو لا يمكن في المقام لما تقدم من ان الدلالة الالتزامية تابعة للمطابقية فاذا سقط المدلول المطابقي عن الحجية في حال العجز يسقط المدلول الالتزامي عن الحجية في حال العجز
وعليه لا دليل على وجود الملاك في الحصة غير المقدورة