42/02/10
الموضوع: التزاحم/ مرجحات باب التزاحم
كان الكلام في بيان مقتضى دليلي الحكمين المتزاحمين من حيث ان القدرة هل هي قدرة عقلية ليست دخيلة في الملاك او شرعية
وقلنا بان الكلام يقع فيما اذا كان أحد الخطابين أخذ في لسانه قيد القدرة دون الآخر وقلنا بأن المعروف هو تقديم الخطاب المطلق على الخطاب المأخوذ في لسانه قيد القدرة وقلنا بأنه استدل للتقديم بأحد وجهين، وانتهى الكلام الى
الوجه الثاني: وقلنا بأن فيه دعويان: الاولى: ان القدرة في الخطاب المطلق عقلية وفي الخطاب المقيد شرعية
الدعوى الثانية: تقديم الخطاب غير المقيد بالقدرة الشرعية على الخطاب الذي اخذت فيه القدرة الشرعية
اما الدعوى الاولى فلا بد فيها من اثبات ان القدرة في الخطاب المطلق عقلية وفي الخطاب المقيد شرعية
اما اثبات ان القدرة في الخطاب المطلق عقلية فله تقريبان
الاول: ما ذكرناه من مسألة التمسك بالدلالة الالتزامية على ثبوت الملاك وان تقييد المدلول المطابقي للخطاب بالقدرة لا يلازم تقييد المدلول الالتزامي له الدال على الملاك بالقدرة فيبقى المدلول الالتزامي ثابتاً حتى في حال العجز وهذا معناه ان القدرة فيه عقلية
وقلنا بأن هذا مبني على عدم تبعية الدلالة الالتزامية للمطابقية في الحجية فيقال في المقام ان الدلالة المطابقة على التكليف سقطت عن الحجية في حال العجز فالدلالة الالتزامية على الملاك باقية على حالها واما اذا قلنا بالتبعية فلا يتم هذا التقريب
وثانيا: ان هذا التقريب مبني على ان يكون المقيد العقلي للخطاب الذي يوجب تقييد الخطاب بالقدرة ويخرج منه صورة العجز منفصل لا متصل، لانه اذا كان منفصلاً فهو لا يهدم اصل ظهور الخطاب في المدلول المطابقي وانما يوجب سقوطه عن الحجية في حالة العجز
فظهور الخطاب في المدلول المطابقي ثابت حتى في حالة العجز لكنه يسقط عن الحجية وحينئذ يأتي هذا التقريب فان سقوط المدلول المطابقي عن الحجية لا يلازم سقوط المدلول الالتزامي عن الحجية لان الدلالة الالتزامية غير تابعة للمطابقية في الحجية فيبقى الخطاب حجة في مدلوله الالتزامي وهو وجود الملاك حتى في حالة العجز
لان المقيد اذا كان منفصلا لا يهدم اصل الظهور وانما يوجب سقوطه عن الحجية
واما اذا فرضنا ان هذا المقيد اللبي العقلي متصل بالخطاب فهو يهدم اصل الظهور ومعناه ان هذا المقيد اللبي اذا كان متصلاً فهو يسقط أصل ظهور الخطاب في مدلوله المطابقي في حالة العجز فلا تنعقد الدلالة المطابقية في حالة العجز اي انها تسقط اساساً لا انها موجودة وتسقط عن الحجية، ولا خلاف في ان الدلالة الالتزامية تابعة للدلالة المطابقية في الوجود
والمقيد اللبي الذي يوجب اخراج صورة العجز اذا كان متصلاً فهو يهدم اصل الدلالة المطابقية على ثبوت التكليف في حال العجز، واذا لم تكن دلالة مطابقية فكيف تثبت الدلالة الالتزامية حتى نثبت بها الملاك في حال العجز
والصحيح ان هذا المقيد العقلي من قبيل المقيدات المتصلة بالكلام لا المنفصلة لان الملاك في هذا المقيد العقلي بقبح تكليف العاجز هو ان الغرض من كل خطاب شرعي هو تحريك المكلف نحو الامتثال ومن الواضح بان هذا مقيد عقلاً بما اذا كان يمكن التحرك واما اذا كان التحرك مستحيلاً والمكلف غير قادر على الفعل فالخطاب لا يكون معقولاً حينئذ، وواضح ان هذه قضية بديهية واضحة تكون بمثابة القرينة المتصلة بالكلام
وحينئذ لا يتم هذا الكلام حتى اذا قلنا بتبعية الدلالة الالتزامية للمطابقية في الحجية
التقريب الثاني: لاثبات ان القدرة في الخطاب المطلق عقلية ما ذكرة المحقق النائيني[1] (قده) وحاصله يرجع الى دعوى امكان التمسك باطلاق المادة بلحاظ الملاك لاثبات وجود الملاك في جميع الحالات بما فيها حالة العجز
يعني ان القدرة ليست دخيلة في الملاك فتكون عقلية
وذكر في مقام توضيحه بأنه تارة نفترض أن متعلق الطلب تارة يكون مقيداً بالقدرة في مرتبة سابقة على تعلق الطلب واخرى يكون مقيداً بالقدرة في مرتبة متأخرة عن الطلب، وكلامنا ليس في ما اذا كان متعلق الطلب مقيداً بالقدرة في مرتبة سابقة على تعلق الطلب لأننا نتكلم في الخطاب المطلق ونريد ان نثبت ان القدرة فيه عقلية ليست دخيلة في الملاك، وانما يكون المتعلق فيه مقيداً بالقدرة باعتبار تعلق الطلب وهو فيما اذا كان التقييد بالقدرة ناشيء من حكم العقل بقبح تكليف العاجز فيكون اعتبار القدرة في هذا الخطاب باعتبار تعلق التكليف بالمادة، هنا يكون متعلق الطلب في المرتبة السابقة على عرض الطلب وهي مرتبة اقتضاء المادة لتعلق الطلب بها اي مرتبة ان هذا الفعل واجد للملاك مطلق، نعم التقييد بالقدرة يكون في مرحلة لاحقة اي في مرحلة لحوق الطلب ومن الواضح بأن التقييد بالقدرة في مرحلة عروض الطلب لا يعقل ان يكون تقييداً في مرحلة سابقة عليه، اذن في مرحلة الملاك واقتضاء الفعل لتعلق الامر به تكون المادة مطلقة وليست مقيدة بالقدرة فيكون الملاك ثابتاً في هذه المرحلة مطلقاً وفي جميع الحالات حتى في حالة العجز
ولو جاء الطلب بعد ذلك فالعقل يحكم بقبح تكليف العاجز وهذا يوجب تقييد التكليف بالقدرة ومنع اطلاق المادة بلحاظ التكليف لحالة العجز واما اطلاق المادة بلحاظ الملاك فيبقى على حاله ولا موجب لرفع اليد عن اطلاقه وهذا الاطلاق يثبت الملاك في جميع الحلات حتى في حالة العجز