الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الأصول

42/02/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: التزاحم/مرجحات باب التزاحم

كان الكلام في الفرض الثاني من تردد القدرة الماخوذة في الدليلين المتزاحمين بين القدرة العقلية والقدرة الشرعية بمعنى عدم الامر بضد واجب بحيث يكون امر الشارع بالاخر رافعاً لوجوب الاول وانتهى الكلام الى

الصورة الثانية: ان نحرز ان القدرة في احدهما المعين شرعية بمعنى عدم الامر بالخلاف، ونشك في نوعية القدرة في الواجب الاخر

وفي الفرض السابق كنا نجري البراءة في احد الحكمين المتزاحمين لا في كلا الحكمين وهو الخطاب المشكوك في نوع القدرة المأخوذة فيه، لان الوجوب فيه مشكوك في انه هل يختص بصورة عدم الاشتغال بالاول او لا ومنشأ الشك هو انه اذا كان مشروطاً بالقدرة الشرعية بمعنى عدم الاشتغال فسوف يختص بصورة عدم الاشتغال بالاول واما اذا قلنا بأن القدرة المأخوذة فيه عقلية فسوف لا يختص الوجوب فيه بعدم الاشتغال بالاول فهو شك في سعة الوجوب وضيقه وهو مجرى للبراءة، ففي الصورة الثانية من الفرض الاول كنا نجري البراءة في احد الخطابين

واما في في الصورة الثانية من الفرض الثاني فالبراءة تجري في كلا الخطابين فننفي كلا الحكمين لاننا نشك في ثبوت كل واحد من الحكمين والسر في الشك هو اننا نحتمل ان وجوب كل واحد منهما مشروط بالقدرة الشرعية بمعنى عدم الامر بالخلاف ونحن نحتمل الامر بالضد الواجب دائماً بل نحن نعلم ان احدهما مشروط بالقدرة الشرعية بمعنى عدم الأمر بالخلاف ونشك في اشتراط الثاني بها وحيث اننا نحتمل الأمر بالآخر فيكون الوجوب في كل منهما مشكوكاً وهو مجرى للبراءة

وهنا لا بد من تقييد جريان البراة لنفي كلا الحكمين مشروط بان لا يكون هناك علم من الخارج بثبوت احد الحكمين اجمالاً والا وجب على المكلف الاتيان باحدهما لا على التعيين

الصورة الثالثة: ان نحرز ان القدرة في أحدهما المعين قدرة عقلية ونشك في الآخر

وهذه الصورة حكمها حكم الصورة الثالثة من الفرض الاول وهو الاحتياط بالاتيان بالواجب المشروط بالقدرة العقلية وترك الآخر لا ان يعكس والسر في ذلك واحد في كلتا الصورتين وهو ان ملاك الواجب المشروط بالقدرة العقلية نحرز فعليته حتى مع العجز لأن المفروض ان القدرة فيه ليست دخيلة في الملاك

واذا كان ملاكه فعلي فلا يجوز تفويته والاشتغال بالآخر لأن الاشتغال بالآخر يلزم منه تفويت ملاك فعلي والعقل يحكم بعدم جواز ذلك

بخلاف العكس فلا يلزم من الاشتغال بالواجب المشروط بالقدرة العقلية تفويت ملاك فعلي لانه لا علم بفعلية الملاك في الآخر لانه يحتمل ان يكون مشروطاً بالقدرة الشرعية بمعنى عدم الامر بواجب آخر ومعه يرتفع ملاكاً وخطاباً

وحيث اننا نحتمل الامر بالاول فنحن لا نحرز فعلية الملاك في الثاني

فالاول نحرز فعلية الملاك فيه حتى مع الاشتغال بالاخر لانه مشروط بالقدرة العقلية بينما لا نحرز فعلية الملاك في الثاني لاننا نحتمل ان يكون مشروطاً بالقدرة الشرعية وهي معتبرة في الملاك

فالاشتغال بالثاني يلزم منه تفويت ملاك فعلي لكن الاشتغال بالاول لا يلزم منه تفويت ملاك فعلي، ومن هنا يحكم العقل بلزوم الاتيان بالاول اي بلزوم تحصيل الملاك الفعلي وان كان على حساب تفويت ملاك ليس فعلياً

الفرض الثالث: التردد في القدرة المأخوذة بين ان تكون بمعنى عدم الاشتغال بواجب آخر وبين ان تكون بمعنى عدم الامر بضد واجب

ويمكن تصور ثلاث صور له

الصورة الاولى: ان نفترض ان التردد موجود في كلا الخطابين فكل خطاب مردد بين ان تكون القدرة فيه عقلية وبين أن تكون شرعية بمعنى عدم الاشتغال بالآخر او شرعية بمعنى عدم الأمر بالآخر

والظاهر انه هنا تجري البراءة لنفي كل واحد من الوجوبين باعتبار الشك في كل واحد من الوجوبين من دون فرق بين ان نفرض الاشتغال بالآخر او عدم الاشتغال بالآخر فعلى كل حال -سواء اشتغل باحدهما او لا- نشك في وجوب كل منهما

اما اذا لم يشتغل بالآخر فوجوب الاول يكون مشكوكاً باعتبار انه وان كان وجوبه معلوم ان كانت القدرة المأخوذة فيه عقلية او كانت شرعية بمعنى عدم الاشتغال بالآخر فان المفروض عدم الاشتغال بالاخر، الا انه لا يعلم بهذا الوجوب فيما لو كانت القدرة المأخوذة فيه شرعية بمعنى عدم الأمر بالآخر لان وجوبه يكون معلقاً على عدم الامر بواجب آخر فمع احتمال الامر بواجب آخر لا نحرز تحقق هذا الوجوب للشك في تحقق شرطه ومع الشك في تحقق شرط الوجوب يشك في تحقق الوجوب

ونفس الكلام نقوله في الثاني فيدور امره بين ان تكون القدرة المأخوذة فيه عقلية او شرعية بالمعنى الاول او الثاني وعلى تقدير أن تكون القدرة المأخوذة فيه شرعية بالمعنى الثاني فلا نحرز شرط الوجوب فيه فيكون الوجوب مشكوكاً في كل منهما فتجري البراءة لنفيهما، سواء اشتغل بالآخر او لم يشتغل

اما اذا لم يشتغل فاتضح

واما على تقدير الاشتغال بالآخر فاذا اشتغل بالثاني يكون وجوب الاول مشكوكاً باعتبار انه على تقدير ان تكون القدرة بمعنى عدم الاشتغال بالآخر فالوجوب يرتفع مع الاشتغال بالآخر كما هو المفروض وحيث اننا نحتمل انه مشروط بالقدرة الشرعية بمعنى عدم الاشتغال فوجوبه ليس معلوماً

وهكذا لو كانت القدرة بمعنى عدم الأمر بالآخر

فوجوب كل منهما مشكوك سواء اشتغل بالآخر او لم يشتغل به ويترتب على ذلك جواز تركهما معاً، اذا لم نفترض وجود علم من الخارج بثبوت أحدهما فانه يمنع من نفيهما استناداً الى البراءة