الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الأصول

42/01/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: التزاحم

كان الكلام في ترجيح ما ليس له بدل على ما له بدل، وذكرنا ان هناك وجوه يستدل بها على هذا الترجيح ذكرنا الوجه الاول منها

والوجه الثاني وخلاصته ان المكلف اذا ترك الوضوء وطهر بدنه من الخبث فيصلي مع التيمم وبذلك يستوفي جزء من ملاك المبدل لأن البدل بحسب الفرض يستوفي جزء من ملاك المبدل، فاذا رجحنا ما لا بدل له سوف يفوت بعض ملاك الواجب

بينما اذا الزمنا المكلف بأن يتوضأ ويترك استعمال الماء في تطهير الخبث فسوف يفوته تمام ملاك ما لا بدل له اي التطهير من الخبث فالأمر يدور بين تفويت تمام ملاك الواجب وبين تفويت جزء ملاك الواجب

وهنا لا بد من اختيار تفويت جزء ملاك الواجب على تفويت تمام ملاك الواجب، وهذا معناه ترجيح ما ليس له بدل على ما له بدل

وهذا الوجه يتوقف على اثبات ان ما يفوت من ملاك الوضوء عند ترك الوضوء والاتيان ببدله مقدار قليل اقل في الاهمية مما يفوت اذا ترك التطهير من الخبث عند ترجيح الوضوء على التطهير من الخبث

اما اذا لم يمكننا اثبات ذلك لانه يحتاج الى دليل خاص ولا يكفي فيه ادلة البدلية العامة فان لسانها لسان البدلية ولا تثبت أن هذا اهم او لا، واحتملنا ان ما يفوت من ملاك الوضوء قد يكون مساوي لما يفوت من ملاك الواجب الآخر عند تركه بل قد نحتمل ان يكون الفائت من الوضوء عند تركه والاتيان ببدله أهم من الملاك الفائت عند ترك الواجب الآخر فكيف نقول في هذه الحالة يتعين ترجيح ما ليس له بدل والحال ان فيه ترك الملاك المساوي او الأهم

الوجه الثالث: أن يقال بان ما ليس له بدل ينطبق عليه أحد المرجحات المتقدمة دائماً وهو الترجيح بقوة احتمال الاهمية فاحتمال أهمية ما ليس له بدل اقوى من احتمال أهمية ما له بدل

وبعبارة اخرى إن كون أحد الواجبين المتزاحمين لا بدل له هذا بنفسه لا يقتضي ترجيحه على الآخر ولكن يمكن ارجاعه الى الترجيح بقوة احتمال الاهمية الذي سلمنا بكونه مرجح

وبتطبيق قانون حساب الاحتمالات بأن يقال بان عندنا واجبان متزاحمان في المقام والمفروض اننا لا نعلم ايهما اهم من الآخر وهذا معناه انه يحصل في المقام ثلاثة احتمالات:

الاول: ان يكون ما لا بدل له اهم مما له بدل

والثاني: ان يكون ما لا بدل له مساوي في الاهمية لما له بدل

والثالث: ان يكون ما له بدل اهم مما ليس له بدل

ويشترك الاحتمالان الاول والثاني في ترجيح ما ليس له بدل اما الاحتمال الاول فواضح، واما الثاني فانه على احتمال التساوي نقول ان هذا ينتج ترجيح ما ليس له بدل على ما له بدل، لانه حسب ما تقدم في ان البدل يستوفي بعض ملاك المبدل فاذا رجحنا ما ليس له بدل والزمنا المكلف بترك الوضوء والانتقال الى بدله يكون المكلف قد استوفى بعض ملاك الواجب الذي له بدل بينما اذا عكسنا وامرناه باستعمال الماء في الوضوء وترك التطهير من الخبث فسوف يفوته تمام ملاك الواجب الآخر وهذا معناه ان الملاك الفائت مما لا بدل له أهم من الملاك الفائت مما له بدل عند تركه والانتقال الى بدله مع الاتيان بالواجب الاخر وهذا يستلزم ترجيح ما ليس له بدل حفاظاً على الملاك الأهم الذي يفوت بتركه

ومن هنا يظهر ان هناك احتمالين لصالح ترجيح ما ليس له بدل على ما له بدل وهناك احتمال واحد لصالح ترجيح ما له بدل وهو احتمال ان يكون ما له بدل اهم مما ليس له بدل، فتكون القيمة الاحتمالية لترجيح ما ليس له بدل اكبر من القيمة الاحتمالية لترجيح ما له بدل

فيرجح ما ليس له بدل على ما له بدل بارجاعه الى الترجيح بقوة احتمال الاهمية

وهذا الوجه يرتكز على نكتة ان احتمال التساوي ينتج ترجيح ما ليس له بدل باعتبار ان البدل يستوفي بعض ملاك المبدل، فلا يمكن ان يستوفي تمام ملاك المبدل والا لما كان بدلاً في طوله، ولا انه لا يستوفي شيئاً من ملاك المبدل

فحينئذ ما يفوت المكلف جزء ملاك الواجب اذا رجحنا ما ليس له بدل على ما له بدل بينما اذا عكسنا ورجحنا ما له بدل فسوف يفوته تمام ملاك الواجب وهذا معناه ان المقدار الفائت من ملاك الواجب الآخر عند تركه اهم وازيد من المقدار الفائت من الملاك عند ترك الواجب الذي له بدل وهنا لا بد من الحفاظ على الملاك الاهم عن طريق الاتيان بما ليس له بدل وهذا يعني ترجيح ما ليس له بدل على ما له بدل

فالقيمة الاحتمالية لترجيح ما ليس له بدل اكبر من القيمة الاحتمالية لترجيح ما له بدل

وهذا معناه ان احتمال الاهمية في ما ليس له بدل اقوى من احتمال الاهمية ما له بدل وهذا يوجب الترجيح