الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الأصول

42/01/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: التزاحم

كان الكلام في بحث يرتبط بالمرجح الاول

وهو ان الترجيح بالاهمية هل يختص بما اذا كان الواجبان المتزاحمان مشروطين بالقدرة العقلية فقط او انه يجري حتى اذا كانا مشروطين بالقدرة الشرعية

وقلنا بان المحقق النائيني (قده) ذهب الى الاختصاص

واجابه السيد الخوئي (قده) بأن الترجيح بالأهمية يثبت حتى في صورة ما اذا كان الواجبان مشروطين بالقدرة الشرعية باعتبار ان القدرة في الاهم محرزة فالاهم مقدور عقلاً وشرعاً وحينئذ يكون الملاك فعلي ويكون الامر فيه فعلياً بينما ليس المهم كذلك لانه غير مقدور شرعاً وان كان مقدوراً عقلاً

فالاهم مقدور عقلاً وشرعاً اما انه مقدور عقلاً فواضح واما انه مقدور شرعاً فان الذي يمنع من القدرة الشرعية على الاهم ليس هو الا عبارة عن الامر الشرعي باتيان شيء لا يتمكن المكلف من القدرة معه على الأهم فيكون الامر الشرعي بالشيء الآخر مانعاً من القدرة على الأهم

وهذا غير موجود في المقام فمن غير المعقول ان يكون الامر بالمهم فعلي ومنجز على المكلف ويطلب من المكلف صرف قدرته عن الأهم الى المهم باعتبار انه يلزم منه تفويت للاهم بنظر الشارع وهو قبيح

فيثبت ان الاهم مقدور عقلاً وشرعاً وحينئذ لا مانع من فعلية الامر به وهذا بخلاف المهم فانه وان كان مقدوراً عقلاً لكنه غير مقدور شرعاً لأنه مزاحم للأهم الذي فرضنا ان الامر بالاهم فعلي وهذا معناه ان الشارع يأمره بصرف قدرته فيه وهذا يعتبر مانعاً من القدرة على المهم

فلا مانع من فعلية الامر بالاهم فالمكلف قادر على الاهم عقلاً وشرعاً فيكون التكليف به فعلياً منجزاً، بينما لا يكون التكليف بالمهم فعلياً وهذا يعني الترجيح بالاهمية

والملاحظة على ما ذكره المحقق النائيني (قده) وكذلك جواب السيد الخوئي (قده)

انه يفهم ان كلاً منهما يتكلم في موضوع فالمحقق النائيني يفسر القدرة الشرعية التي فرض انها شرط في كلا الواجبين المتزاحمين بتفسير وعلى ضوءه يذهب الى عدم الترجيح بالاهمية في هذا المورد، ويظهر من السيد الخوئي انه يفسرها بتفسير آخر وعلى ضوءه يبرز هذا الجواب ويختار ان الترجيح بالاهمية يجري حتى اذا كان الواجبين المتزاحمين مشروطين بالقدرة الشرعية

فالمحقق النائيني يفسرها بعدم الاشتغال بواجب آخر أيَّ واجب آخر ولو كان أقل اهمية فاذا كان كل منهما مشروطاً بعدم الاشتغال بواجب آخر وان كان اقل اهمية فلا موجب لتقديم ما هو أهم فكما ان وجوب المهم مشروط بعدم الاشتغال بالاهم كذلك وجوب الاهم مشروط بعدم الاشتغال بالمهم فالاشتغال بأي منهما يرفع موضوع الآخر فالمكلف لا يكون قادراً على كل منهما لأنه بمجرد أن يشتغل بواحد يرتفع موضوع الآخر فالآخر لا أمر به ولا ملاك فيه فما فيه الملاك هو أحدهما ونحن لا نعلم ان الملاك ثابت في هذا او في هذا واحتمال وجود الملاك في الاهم مساوي لاحتمال وجوده في المهم، ومجرد ان هذا أهم على تقدير وجود الملاك فيه لا يكون دليلاً على احراز وجود الملاك فيه فهذا لا يوجب ترجيح احدهما على الآخر فيكون المكلف مخيراً بينهما فلا تأتي مسألة الترجيح بالأهمية حينئذ

بينما يظهر من عبارات السيد الخوئي انه يفسر القدرة بعدم المعجز المولوي عن الفعل لا عدم الاشتغال بواجب اخر مهما كان وانما بمعنى ان كل واحد من الواجبين المتزاحمين مشروط بعدم وجود ما يوجب عجزه عنه من ناحية الشارع بمعنى ان يكون قادراً عليه من ناحية الشارع

وما يوجب عجز المكلف عن الاهم من ناحية الشارع هو ان يامره الشارع بالاتيان بشيء آخر لا يتمكن المكلف معه من الاتيان بالاهم كما اذا امره بالمهم امراً تعينياً منجزاً يستلزم ان يطلب الشارع منه صرف قدرته في المهم فهذا يوجب تعجيز المكلف عن الاهم، فالمعجز هو الامر الشرعي بالخلاف على نحو يلزم المكلف على صرف قدرته فيه

فاذا فسرنا القدرة الشرعية بهذا التفسير فحينئذ يكون جواب السيد الخوئي تاماً فيلتزم بالترجيح بالاهمية في محل الكلام فيما اذا كان الواجبان مشروطان بالقدرة الشرعية

باعتبار أن ملاك الاهم سيكون تاماً والامر به فعلي على كل حال باعتبار أن المكلف قادر عليه عقلاً وشرعاً فوجود القدرة العقلية واضح وكذلك القدرة الشرعية اذا فسرنا القدرة الشرعية بعدم المعجز المولوي فإن الامر بالمهم لا يكون منجزاً وليس فعلياً لأن المفروض انه مشروط بعدم المعجز المولوي وبعد افتراض ان الامر بالاهم فعلياً وتام الملاك فيكون معجزاً مولوياً عن الامر بالمهم فالامر بالمهم لا يكون فعلياً فالمكلف قادر على الاهم عقلاً وشرعاً فاذا كان الأمر بالاهم فعلي وتام الملاك فيتعين الأخذ به دون المهم وهذا معنى ترجيح الاهم

فالاشتغال بالمهم بنظر المحقق النائيني لا محذور فيه لأن صرف القدرة عن الأهم الى المهم يكون قبيحاً اذا كان موجباً لتفويت الملاك الأهم بعد ثبوته اما لو كان الاشتغال بالمهم يوجب رفع اصل ملاك الاهم فصرف القدرة في المهم والاشتغال به لا محذور فيه