الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الأصول

41/11/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: التزاحم

كان الكلام في الوجه الثاني لترجيح محتمل الاهمية وهو أن يقال بأنه في صورة العلم بأهمية احد الواجبين المتزاحمين فلا اشكال في سقوط الاطلاق عن غير الأهم، وأما في صورة احتمال الأهمية فإنه وإن كنا نحرز سقوط اطلاق الخطاب الآخر لأن محتمل الأهمية إما أن يكون أهم او مساوي وعلى كلا التقديرين فالخطاب الآخر مقيد بعدم الاشتغال به ولكن لا نحرز سقوط اطلاق خطاب محتمل الأهمية باعتبار أننا نحتمل أنه أهم وعلى هذا الاحتمال لا يسقط اطلاقه ولا يكون مقيداً بعدم الاشتغال بالآخر فيبقى اطلاق خطابه على حاله، نعم اذا كان مساوي يكون خطابه مقيداً بعدم الاشتغال بالآخر، فيمكن التمسك بهذا الاطلاق والأخذ به وهذا معنى تقديم محتمل الأهمية

واورد عليه بأن التمسك باطلاق خطاب محتمل الأهمية تمسك بالعام في الشبهة المصداقية لمخصصه بإعتبار أن خطاب محتمل الأهمية مقيد بالقيد اللبي الارتكازي العام وهو عدم الاشتغال بما لا يقل عنه أهمية وفي المقام نحن نشك في أن الاشتغال بالآخر هل هو اشتغال بما لا يقل عن الاول أهمية حتى يخرج خطاب محتمل الاهمية عن الاطلاق او انه ليس مصداقاً لهذا القيد لأن الآخر إن كان مساوي للاول يكون الاشتغال به اشتغالاً بما لا يقل عن الاول اهمية واما اذا كان اقل اهمية فالخطاب الاول يبقى على اطلاقه

وبعبارة اوضح نحن نحرز أن الاشتغال بالآخر ليس اشتغالاً بالأهم قطعاً فإن الآخر يدور امره بين أن يكون مساوي او أقل اهمية فإن كان الآخر مساوي فخطاب محتمل الاهمية مقيد بعدم الاشتغال به وإن كان أقل أهمية يكون اطلاق خطاب محتمل الاهمية على حاله

فخروج صورة الاشتغال بما لا يقل عن الاول اهمية عن اطلاق الخطاب خروج بالتخصيص، ونحن نشك في أن ما نحن فيه مصداق للمخصص او لا،

وقد يقال في مقام دفع هذا الاشكال بان هذه المحاولة تبتني على دعوى ان الخطاب مقيد بعدم الاشتغال بما نعلم انه مساوي، وحينئذ يمكن التمسك باطلاق خطاب محتمل الاهمية لإثبات وجوب الاتيان به، وهو معنى تقديم محتمل الاهمية لأننا نحرز بحسب الفرض عدم تحقق القيد لأن المفروض في محل الكلام أنه لا علم بأنه مساوي لمحتمل الأهمية انما نحتمل ذلك فالاشتغال به ليس اشتغالاً بما نعلم انه مساوي وهذا معناه اننا نحرز تحقق القيد، وبناء على هذا يكون الاشتغال بالاخر غير محتمل الاهمية ليس من الاشتغال بالاهم ولا بما نعلم انه مساوي

 

فلا يكون التمسك بالعام تمسكاً بالعام في الشبهة المصداقية للمخصص

وهذه المحاولة كما ترى مبنية على دعوى أن القيد اللبي هو عدم الاشتغال بما يعلم أنه مساوي، ولتنقيح هذه الدعوى لا بد أن نرجع الى الدليل على القيد اللبي الارتكازي لنرى انه يساعد على أيّ من الاحتمالين، وكان الدليل هو أن اطلاق الخطاب لفرض الاشتغال بالآخر الذي لا يقل عنه أهمية محال فلا بد من تقييد هذا الاطلاق بعدم الاشتغال بما لا يقل عنه أهمية، و انما يكون اطلاق الخطاب لهذا الفرض محالاً باعتبار انه إن كان الغرض من اطلاق الخطاب لصورة الاشتغال بالأهم ان يجمع المكلف بين الضدين، فهذا محال

واما اذا كان الغرض من اطلاق هذا الخطاب لفرض الاشتغال بالآخر هو الزام المكلف بصرف قدرته على الاشتغال بالاول أي تحويله من الاشتغال بالثاني الى الاشتغال بالاول، فهذا غير معقول لأنه من غير المعقول أنه في حالة كون الثاني أهم او كونه مساوي للاول في الاهمية بنظر المولى أن يبقى اطلاق الاول حتى في حال الاشتغال بالثاني والحال أن الثاني إما أهم او مساوي للاول بنظر المولى وفي كلتا الحالتين لا معنى لتحويل المكلف من الثاني الى الاول

واذا لاحظنا هذا البرهان سنجد أن القضية مرتبطة بالمساوي واقعاً فيكون المقصود بالقيد ما يكون مساوي بنظر المولى لا ما يكون مساوي في علم العبد

وهذا البرهان بنفسه يقتضي استحالة بقاء الخطاب في حالة الاشتغال بما يحتمل فيه التساوي ولا يصح دعوى انه مقيد بما يعلم انه مساوي

ومنه يظهر ان اشكال التمسك بالعام في الشبهة المصداقية وارد على هذا الوجه الثاني