41/11/26
الموضوع: التزاحم
كان الكلام في تقديم معلوم الاهمية على مزاحمه وقلنا بأنه يستدل له بوجوه ثلاثة ذكرناها وذكرنا بأن هناك نقطة ضعف في الوجه الثالث ويمكن اسرائها الى الوجه الثاني
وحاصلها ان يقال بان الوجه الثالث والثاني يتوقفان على كون الملاك الاهم فعلياً حتى في حال الاشتغال بالمزاحم المهم، وهذا يتوقف على احراز كون القدرة المأخوذة في الملاك هي قدرة عقلية، ومن هنا يقال بأنه لا دليل على كون القدرة المأخوذة في ملاك الاهم عقلية بل يحتمل ان تكون شرعية بحيث يكون الواجب الاهم بلا ملاك عند الاشتغال بالمهم
وحينئذ يكون القيد اللبي الموجود في كل خطاب هو عدم الاشتغال بضد واجب لا يقل عنه اهمية وعدم الاشتغال بضد يكون رافعاً لملاك الاهم ومانعاً من فعليته، وحينئذ تتحقق حالة التوارد بين الطرفين
فكما أن خطاب المهم مشروطاً بعدم الاشتغال بالاهم كذلك الاهم مشروط بعدم الاشتغال بالواجب الآخر الاقل اهميه لكن الاشتغال به رافع لملاك الأهم
فلا بد من احراز كون القدرة المأخوذة في ملاك الأهم عقلية وليست شرعية اما لو احتملنا ان الملاك الاهم مشروط بالقدرة الشرعية فالاشتغال بالمهم يرفع فعلية التكليف بالاهم من جهة رفع ملاكه
فالسؤال هو حول كيفة احراز ذلك ، بمعنى هل يمكن ان ننفي احتمال ان تكون القدرة شرعية؟
والجواب يمكن التمسك باطلاق خطاب الاهم لنفي هذا الاحتمال واثبات ان القدرة عقلية باعتبار ان اطلاق خطاب الاهم يمكن التمسك به لاثبات كون ملاكه ملاك فعلي حتى حين الاشتغال بالمهم وهذا معناه ان القدرة المأخوذة فيه عقلية لا شرعية
والسر في هذا هو ان احتمال القدرة الشرعية يعني احتمال تقييد زائد في الخطاب والمقصود هو تقييده بعدم الاشتغال بضد يقل عنه اهمية ولكن الاشتغال به يرفع فعلية ملاك الاهم، فمعنى القدرة الشرعية ان المكلف لا يمكنه تحصيل ملاك الاهم الا في حالة عدم الاشتغال بما هو اهم منه او مساوي له وعدم الاشتغال بما هو اقل منه اهمية لكن الاشتغال به يكون رافعا لملاكه
وهذا تقييد زائد يمكن نفيه باطلاق خطاب الاهم
وبعبارة اخرى إن ما نحرزه بناء على القيد اللبي هو ان كل خطاب مقيد بعدم الاشتغال بضد واجب أهم او مساوي له في الاهمية
فاذا احتملنا أن الاشتغال بما هو أقل اهمية يكون مانعاً من فعلية الملاك الأهم فهذا معناه ان الخطاب يكون مقيد بأمرين حينئذ، وهذا تقييد زائد لم يدل عليه الدليل واذا احتملناه يمكن نفيه باطلاق الخطاب الأهم، فاذا تمسكنا باطلاق الخطاب الأهم يمكن اثبات فعلية الأهم خطاباً وملاكاً في حال الاشتغال بالمهم، والتمسك باطلاق الخطاب لاثبات اطلاق الملاك وعدم تقيده أمر جائز كالتمسك به لاثبات سعة الخطاب وعدم ضيقه فإن الخطاب كاشف عن الملاك دائماً
وبناء على هذا الجواب يثبت ما تقدم من لزوم تقديم معلوم الاهمية على مزاحمه باحد الوجهين المتقدمين الثالث والثاني
الفرض الثاني في ترجيح محتمل الاهمية على مزاحمه الاخر
بمعنى ان احتمال الاهمية موجود في احدهما، فاحتمال التساوي موجود او ان هذا اهم فعلى تقدير ان تكون اهمية فهي في هذا دون هذا، والمدعى في المقام هو انه لا بد من تقديمه على الاخر الذي ليس فيه احتمال الاهمية،
وفي المقام يوجد كلام للمحقق النائيني (قده) ينتهي فيه الى التفصيل
بين ما اذا قلنا بالتخيير الشرعي في الواجبين المتزاحمين المتساويين في الاهمية وبين ما اذا قلنا بالتخيير العقلي بينهما، فعلى الاول يدخل المقام في كبرى دوران الامر بين التعيين والتخيير الشرعيين لأن المفروض أن التخيير شرعي، فان كانا متساويين فالتخيير بينهما شرعي وإن كان هذا أهم بنظر الشارع فهو معين شرعاً فيدخل المقام في دوران الامر بين التعيين والتخيير الشرعين
وفي تلك المسالة اما ان نقول بالاحتياط والتعيين فلا بد ان نقول به في المقام ونلتزم بتقديم محتمل الاهمية، اي لا بد ان نلتزم بالتعيين الشرعي
وان قلنا في تلك الكبرى بالبراءة واثبات التخيير فلا بد من الالتزام به في المقام، فكأن تقديم محتمل الاهمية في المقام يرتبط بما نقوله في تلك الكبرى
واما اذا قلنا بالتخيير العقلي فهنا لا بد من تقديم محتمل الاهمية باعتبار ان التكليفين المتزاحمين اما أن يكونا متساويين في الاهمية او يكون احدهما محتمل الاهمية، فاذا كانا متساويين فلا اشكال في ان العقل يحكم بالتخيير بينهما يعني ان كلاً منهما يثبت مترتباً على ترك الآخر
واما اذا كان أحدهما محتمل الاهمية دون الآخر فلا شبهة في أن الاتيان بمحتمل الاهمية يوجب القطع بسقوط التكليف بالمزاحم الآخر لأن ما جاء به اذا كان هو الأهم في الواقع يكون هو الواجب، وعلى تقدير التساوي فإنه أحد فردي الواجب،
فهذا اما هو الواجب فقط او هو احد فردي الواجب ومن هنا يكون الاتيان به موجباً لسقوط التكليف بالآخر بخلاف الاتيان بالآخر الذي لا يحتمل كونه أهم لاحتمال أن يكون الأهم هو الآخر وعلى هذا التقدير لا يكون الاتيان به موجبا لسقوط التكليف بالاخر
ومن هنا لا بد من تقديم محتمل الاهمية
فالاتيان بمحتمل الاهمية ليس لازماً على كل التقادير، نعم هو لازم الا في حالة القول بالتخيير الشرعي والقول في كبرى دوران الامر بين التعيين والتخيير بالبراءة
وهو يبني في كبرى دوران الامر بين التعيين والتخيير بالاشتغال، فعنده لا بد من تقديم محتمل الاهمية على كل حال
وناقشه السيد الخوئي بمناقشتين:
الاولى انه لا فرق بين التخيير العقلي والتخيير الشرعي بناءً على رأيه فلا بد من تقديم محتمل الاهمية على كل حال سواء قلنا بالتخيير العقلي او قلنا بالتخيير الشرعي