41/11/08
الموضوع: الاخبار العلاجية
انتهى الكلام الى الاحتمال الثالث في مسألة الترتيب الطبعي بين المرجحات وهو عدم وجود ترتيب بينها فلا يتقدم المرجح الصدوري على الجهتي ولا العكس
وقد اختاره المحقق الخراساني (قده) وذكر بأن المرجحات المنصوصة وإن اختلفت موضوعاتها لأول وهلة وفي بادي النظر الا ان الظاهر ان الترجيح بها يرجع الى الترجيح من حيث الصدور فالمرجح وان كان جهتي الا ان مفاده يرجع الى الصدور فما فيه المرجح الجهتي يتعبد بصدوره والفاقد له لا يتعبد بصدوره ولا مجال لتوهم رجوع المرجح الجهتي الى ترجيح جهة أحد المتعارضين على الآخر مع بقاء التعبد بصدورهما على حاله باعتبار ما اشرنا اليه من انه من غير المعقول التعبد بصدور ما لا تعبد بجهته فلا أثر لهذا التعبد إذ لا معنى للتعبد بصدور خبر مع حمله على التقية وعدم استفادة الحكم الواقعي منه ويكون لغواً
فلا بد أن يرجع المرجح الجهتي الى الترجيح بلحاظ الصدور لا الى جهة الصدور وهكذا سائر المرجحات
ثم رتب على ذلك محل الكلام فقال من هنا يتبين عدم وجود ترتيب بين هذه المرجحات بحسب طبعها لأن هذا فرع الترتيب بين موضوعاتها فلا بد من افتراض تعدد موضوعاتها واما اذا قلنا بأن كل موضوعاتها ترجع الى الصدور فلا ترتيب بين هذه المرجحات
وبعبارة اخرى إنما يفترض الترتيب بين المرجحات عندما نفترض ان هذا المرجح مرجح جهتي فقط وهذا مرجح صدوري فقط فيقال بأن الجهة فرع الصدور، وهذا انما يكون لو فرضنا تعدد الموضوعات واما اذا ارجعنا الجميع الى الصدور فلا يكون هناك ترتيب طبعي فيما بينها
ويلاحظ عليه: كما قال من انه لا مجال لتوهم رجوع المرجح الجهتي الى ترجيح جهة احدهما على الآخر مع بقاء التعبد بصدورهما على حاله لأنه يلزم منه التعبد بصدور ما لا يتعبد بجهته، كذلك نقول لا مجال لتوهم رجوع المرجح الجهتي الى ترجيح صدور احدهما الى الآخر مع بقاء التعبد بالجهة فيهما على حاله لامتناع التعبد بجهة ما لا تعبد بصدوره فهذا لغو وبلا فائدة
فكما لا نستطيع أن نقول أن المرجح الجهتي يرجع الى ترجيح جهة أحد المتعارضين على الآخر مع بقاء التعبد بصدور كل منهما على حاله، كذلك لا نستطيع أن نقول ان المرجح الجهتي يرجع الى الصدور فقط بمعني انه يرجع الى ترجيح صدور احد الخبرين المتعارضين على الاخر مع بقاء التعبد بالجهة فيهما لأنه لا يعقل التعبد بجهة ما لا تعبد بصدوره
فإرجاع المرجح الجهتي الى الصدور فقط غير معقول كارجاعه الى التعبد بالجهة فقط، فكل منهما محال
والصحيح هو ان الالتزام بان المرجح الجهتي يرجع الى اصل الصدور او الى جهة الصدور لا يعني سقوط التعبد بالخبر الاخر عن الحجية من تلك الجهة مع بقاء التعبد به بلحاظ سائر الجهات
فعلى قول صاحب الكفاية من ان المرجح الجهتي يرجع الى الصدور ليس معناه انه يسقط التعبد بصدور الخبر الموافق مع بقاء التعبد بلحاظ الجهات الاخرى
فرجوع المرجح الجهتي الى الترجيح بلحاظ جهة الصدور او بلحاظ اصل الصدور لا يعني الا سقوط التعبد في الخبر الموافق بلحاظ تلك الجهة وسقوط التعبد به بلحاظ الجهات الاخرى بالتبع
بمعنى ان ما يقتضيه المرجح الجهتي -مثلاً- بالاصالة هو سقوط التعبد بجهة الخبر الموافق واذا سقط يسقط التعبد بصدوره بالتبع باعتبار انه يستحيل التعبد بصدور ما لا تعبد بجهته
وهكذا اذا قلنا بأن الترجيح بالمرجح الجهتي يرجع الى الترجيح بلحاظ الصدور فيسقط التعبد بصدور الخبر الموافق بالاصالة ويسقط التعبد بجهته بالتبع، لا ان التعبد بالجهة يبقى على حاله حتى يقال بانه لا يعقل التعبد بجهة ما لا تعبد بصدوره
وكأن صاحب الكفاية افترض ان عدم رجوع الترجيح بالمرجح الجهتي الى الصدور هو انه ترجيح بلحاظ الجهة مع بقاء التعبد بالصدور على حاله في الخبر الموافق ولذا ارجعه الى الصدور
ومن هنا يظهر أن عناوين هذه المرجحات وموضوعاتها تبقى على حالها ولا داعي لإرجاع بعضها الى بعض، ولا مانع من افتراض الترتيب بينها اذا دل عليه الدليل، لكنك عرفت ان الصحيح بالرغم من ان الموضوعات متعددة لكنه لا ترتيب بين هذه الموضوعات المتعددة لما تقدم من عدم تمامية تفريع الجهة على الصدور وبه يتبين انه لا ترتيب طبعي بين المرجحات وبهذا نتفق مع صاحب الكفاية في النتيجة وان كان الطريق مختلفاً
أخبار التوقف والإرجاءويمكن تقسيمها الى طائفتين:
الاولى: ما ورد بلسان الرد اليهم (عليهم السلام) وهذه تكون معارضة على الاقل لبعض الاخبار المتقدمة من قبيل أخبار التخيير اذا تمت، كما انه اذا تمت هذه الاخبار تكون اخبار الترجيح اذا تمت متقدمة عليها بالتخصيص
وهناك رواية واحد تنفعنا في محل الكلام ينقلها صاحب الوسائل عن السرائر نقلاً من كتاب مسائل الرجال لعليِّ بن محمّد بن عيسى، أنَّ محمّد بن عليِّ بن عيسى كتب إليه ، يسأله عن العلم المنقول إلينا عن آبائك وأجدادك (عليهم السلام) ، قد اختلف علينا فيه ، فكيف العمل به على اختلافه ؟ أو الردّ إليك فيما اختلف فيه ؟ فكتب (عليه السلام) : »ما علمتم أنّه قولنا فالزموه ، وما لم تعلموا فردّوه إلينا» [1]
وذكر السيد في جامع الاحاديث هذه الرواية ويذكر لها مصدراً اخر فذكر عن السرائر نقلا من كتاب مسائل محمد بن علي بن عيسى حدثنا محمد بن أحمد بن محمد بن زياد وموسى بن محمد بن علي بن عيسى قال كتبت إلى الشيخ موسى الكاظم أعزه الله وأيده أسأله عن الصلاة (إلى أن قال) وسئلته (عليه السلام) عن العلم المنقول الينا عن آبائك وأجدادك صلى الله عليه وآله قد اختلف علينا فيه كيف العمل به على اختلافه أو الرد إليك فيما اختلف فيه فكتب (عليه السلام) «ما علمتم انه قولنا فالزموه وما لم تعلموه فردوه الينا»[2]
وهذه الرواية انما استدل بها باعتبار ان فيها اشارة الى اختلاف الحديث فيمكن الاستدلال بها في محل الكلام من تعارض الحديث