الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الأصول

41/11/07

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الاخبار العلاجية

كان الكلام في الاحتمال الثاني في مسألة الترتيب بين المرجحات بحسب طبيعة المرجح، وهو تقديم المرجح الجهتي على المرجح الصدوري واستدل له بوجوه

الوجه الاول: إن تقديم المرجح الجهتي في الخبر المخالف لا يستلزم الغاء أصالة الصدور في الخبر الموافق وانما يلغي اصالة الجهة فيه فقط، بينما اعمال المرجح الصدوري في الخبر الموافق فهو كما يستلزم الغاء الصدور في الخبر المخالف كذلك يستلزم الغاء اصالة الجد فيه لارتفاع موضوعها ولا شك في ان الالتزام برفع اليد عن اصل واحد اهون من الالتزام بالغاء اصلين معتبرين

وجوابه ان اعمال المرجح الصدوري في الخبر الموافق وإن كان يستلزم سقوط أصالة الجهة في الخبر المخالف بالاضافة لسقوط أصالة الصدور فيه لكن هذا لا لاجل ارتفاع موضوعها وإنما تسقط اصالة الجهة في الخبر المخالف لأنه لا معنى للتعبد بجهة ما لا تعبد بصدوره وبعد فرض تقديم المرجح الصدوري في الخبر الموافق فلا تعبد بصدور الخبر المخالف

وهذا الكلام يمكن اجراءه في الخبر المخالف عند اعمال المرجح الجهتي فيه فإن إعمال المرجح الجهتي في الخبر المخالف يلزم منه سقوط اصلين في الخبر الموافق أصالة الجهة فيه واصالة الصدور لأنه لا معنى للتعبد بصدور ما لا تعبد بجهته، فإعمال المرجح الجهتي في الخبر المخالف ايضاً يلزم منه سقوط اصلين في الخبر الموافق

فلا يتم الوجه الاول للتقديم

الوجه الثاني: ما يقال من أن المستفاد من اخبار الترجيح بمخالفة العامة ان هذا المرجح يكون في الخبرين المتعارضين مقطوعي الصدور كما في مضمون بعض الاخبار (ان ما سمعه الراوي من الامام يشبه قول العامة ففيه التقية)، فالترجيح بمخالفة العامة وارد في مقطوعي الصدور وحينئذ يقال إن هذا يستلزم اعمال هذا المرجح في مضنوني الصدور، لأن الخبر المخالف يقدم على الخبر الموافق مع كون الموافق قطعي الصدور، فاعمال هذا المرجح اذا كان الخبر الموافق ظني الصدور يكون من باب اولى

ومن الواضح بأنه مع وجود المرجح الصدوري في الخبر الموافق يبقى الخبر ظني الصدور، بل حتى اذا فرض حصول القطع بالصدور فروايات الترجيح بمخالفة العامة هي واردة في الخبرين مقطوعي الصدور، فلا بد من تقديم الخبر المخالف للعامة على الموافق لهم مطلقاً سواء وجد مرجح صدوري في الخبر الموافق او لم يوجد لأن غاية ما يمكن أن يقال بأنه مع وجود المرجح الصدوري يكون الخبر الموافق مقطوع الصدور وإن كان الصحيح أن وجوده لا يوجب صيرورته قطعي الصدور، وهذا معناه تقديم المرجح الجهتي على المرجح الصدوري

وهذا الدليل مرجعه الى أن الخبر اذا كان مقطوع الصدور فاحتمال مخالفته للواقع تكون اقل من الخبر ظني الصدور لأنه اذا كان فيه احتمال خلاف للواقع يكون من جهة الدلالة ومن جهة جهة الصدور فاحتمال مخالفته للواقع اقل من خبر يكون ظني الصدور فان احتمال المخالفة فيه بالاضافة للجهتين السابقتين تكون من جهة الصدور فاذا فرضنا ان الاخبار دلت على تقديم الخبر المخالف للعامة باعتبار وجود المرجح الجهتي فيه على الموافق للعامة مع قلة احتمال المخالفة للواقع في الخبر الموافق اي مع فرض القطع بصدوره، فهذا يستلزم تقديم الخبر المخالف على الخبر الموافق مع كثرة احتمال المخالفة للواقع فيه، وحيث ان الاخبار تدل على تقديم الخبر المخالف على الخبر الموافق مع القطع بالصدور فهذا يستلزم تقديم الخبر المخالف على الخبر الموافق مع الظن بالصدور كما هو في محل الكلام

وما ذكر من الملازمة بين ترجيح الخبر المخالف على الموافق مع القطع بالصدور وبين الترجيح بينهما مع الظن بالصدور ليس واضحاً

اذ هناك فرق بينهما ففي فرض القطع بالصدور فاحتمال المخالفة للواقع في الخبر الموافق اقوى من الخبر المخالف لأن الخبر المخالف لا احتمال تقية فيه فاذا كان كلاً منهما قطعي الصدور والدلالات متساوية فاحتمال المخالفة للواقع في الخبر الموافق اكبر من احتمال المخالفة في الخبر المخالف

واما مع الظن بالصدور فيأتي احتمال المخالفة من جهة الصدور في كل منهما اذ كل منهما ظني لكن احتمال المخالفة للواقع في الخبر الموافق يكون اضعف من احتمال المخالفة في الخبر المخالف باعتبار وجود مرجح صدوري في الخبر الموافق

فالخبر المخالف فيه قوة من جهة وهو عدم احتمال التقية فيه وفيه ضعف من جهة الصدور لأن الموافق فيه المرجح الصدوري وهو يوجب قوة للخبر الموافق وضعف للخبر المخالف

فمن الممكن أن يكون الوجه في تقديم الخبر المخالف على الخبر الموافق مع القطع بالصدور هو أن الخبر الموافق أضعف من الخبر المخالف لأنه لا يوجد فيه احتمال التقية

وحينئذ نقول انه من الممكن أن يكون الوجه في تقديم الخبر المخالف على الموافق مع القطع بالصدور هو كون احتمال المخالفة في الخبر المخالف اضعف من جهة عدم احتمال التقية فيه

وهذا الشيء غير موجود في فرض كونهما ظنيي الصدور فهنا لا يمكن أن يقال بأن احتمال المخالفة في الخبر المخالف اضعف من احتمال المخالفة في الخبر الموافق لأن المفروض أن المرجح الصدوري موجود في الخبر الموافق وهذا يوجب قوة الموافق وكون احتمال المخالفة للواقع في الخبر المخالف اقوى من احتمالها في الخبر الموافق

فلا يمكن القول بان تقديم المخالف مع القطع بالصدور يستلزم تقديم المخالف مع الظن بالصدور فالملازمة المدعاة ليست تامة

 

الاحتمال الثالث عدم تقديم احدهما على الاخر وهو ما اختاره المحقق الخراساني (قده)