41/11/06
الموضوع: الاخبار العلاجية
كان الكلام في التقريب الذي ذكر لتقديم المرجح الصدوري على المرجح الجهتي وحاصله ان المرجح الصدوري يكون حاكماً على المرجح الجهتي ورافعاً لموضوعه
وقلنا بان صاحب الكفاية اعترض على هذا التقريب بما تقدم من ان الترجيح في كل من المرجحين ترجيح في مقام الصدور فكما ان المرجح الصدوري ينفي صدور الخبر المخالف تعبداً كذلك المرجح الجهتي في الخبر المخالف ينفي صدور الخبر الموافق تعبداً، فكل من المرجحين ينفي صدور الآخر تعبداً ولا تفرّع في البين، فإذا قلنا بأن المرجح الصدوري يكون حاكماً على المرجح الجهتي لأنه يرفع موضوعه كذلك المرجح الجهتي في الخبر المخالف ينفي صدور الخبر الموافق تعبداً
وقلنا بأن هذه المناقشة غير واردة على التقريب المتقدم بإعتبار أن المرجح الجهتي لسانه ليس لسان نفي صدور الخبر الموافق للعامة وإنما هو يقول بأنه لم يصدر بداعي بيان الحكم الواقعي جداً، ولو سلمنا بأنه ينفي صدور الخبر الموافق تعبداً الا أن هذا لا يعني أنه يرفع موضوع المرجح الصدوري ليكون حاكماً عليه لما قلناه من أن موضوع المرجح الصدوري ليس هو الصدور بل لا يعقل أن يكون موضوعه الصدور
وبهذا يكون تقديم المرجح الصدوري بالبيان السابق المعتمد على الحكومةويلاحظ على هذا الدليل أنه يفترض أن موضوع المرجح الجهتي هو إما الصدور واقعاً او احراز الصدور وحينئذ يتم التقريب السابق وتكون نكتة الحكومة تامة، فإن المرجح الصدوري في الخبر الموافق للعامة ينفي صدور الخبر المخالف تعبداً فهو يرفع موضوع المرجح الجهتي في الخبر المخالف تعبداً، دون العكس بمعنى أن المرجح الجهتي لا يكون حاكماً على المرجح الصدوري إذ ليس موضوعه إحراز الصدور
وأما اذا قلنا بأن موضوع المرجح الجهتي هو أن يكون الخبر فيه المقتضي التام للحجية بأن يكون راوي الخبر ثقة، اي ان الترجيح بالمرجح الجهتي افترض فيه الفراغ عن ان الخبر حجة في حد نفسه في قبال ما اذا كان الخبر ليس فيه مقتضي الحجية بأن كان راويه ليس ثقة فلا تصل النوبة الى الترجيح بالمرجح الجهتي، وهو يوجب سقوط اصالة الجد والجهة في الخبر الموافق للعامة، فلا يمكن ان نلتزم بأن الخبر الموافق صدر لبيان الحكم الواقعي،
فحينئذ يتبين ان ما ذكر من تقريب لحكومة المرجح الصدوري على المرجح الجهتي لا يكون تاماً باعتبار أن المرجح الصدوري في الخبر الموافق للعامة وإن كان ينفي صدور الخبر المخالف للعامة تعبداً الا أن هذا لا يعني أن يكون حاكماً على المرجح الجهتي لأن موضوع المرجح الجهتي ليس هو الصدور واقعاً ولا احراز الصدور بل إن موضوعه هو وجود ملاك الحجية فيه بأن يكون راويه ثقة، والمرجح الصدوري لا يستطيع أن ينفي هذا الموضوع فإنه وإن كان ينفي صدور الخبر المخالف تعبداً الا أنه لا ينفي كونه خبر ثقة فيه ملاك الحجية في حد نفسه فهو يقول انه ليس حجة وكونه ليس حجة ليس معناه انه ليس فيه ملاك الحجية في حد نفسه
فكل من المرجحين في عرض واحد فلا المرجح الصدوري حاكم على المرجح الجهتي ولا المرجح الجهتي حاكم على المرجح الصدوري، ولكن هذا مع افتراض ان الماخوذ في المرجح الجهتي هو الفراغ عن تمامية المقتضي للحجية في الخبر،
واثبات هذا الافتراض يكون بالبيان التالي: فتارة نفترض ان نفس دليل الترجيح فيه قرينة خاصة تدل على ان المأخوذ بالترجيح بهذا المرجح هو الصدور واقعاً او قرينة تدل على أنه احراز الصدور، ومع افتراض قيام القرينة كذلك يتم البيان السابق
ولكن اذا فرضنا عدم وجود قرينة خاصة تدل على أن المأخوذ في المرجح الجهتي هو أحد الامرين السابقين، فالمدعى انه لا يثبت بمجرد كون المرجح جهتي ازيد من الفرض الثالث الذي ذكرناه وهو ان يكون موضوع هذا المرجح هو كون الراوي ثقة والخبر فيه مقتضي الحجية في حد نفسه
فالقدر المتيقن من دليل الترجيح بالمرجح الجهتي هو أنه يكفي في الترجيح به افتراض كون الخبر واجداً لمقتضي الحجية في حد نفسه، وما زاد على ذلك يحتاج الى قرينة خاصة ومع عدمها كما هو المفروض لا دليل عليه، فلا يثبت ازيد من هذا المقدار وهو ان المرجح الجهتي يكفي في الترجيح به تمامية مقتضي الحجية في الخبر المخالف، فكل من المرجحين في عرض واحد
الاحتمال الثاني: تقديم المرجح الجهتي على المرجح الصدوري واستدل عليه بأدلة:
الاول: إن إعمال المرجح الجهتي في الخبر المخالف للعامة لا يستلزم الا الغاء أصالة الجهة في الخبر الموافق لهم ولا يستلزم الغاء أصالة الصدور فيه
واما إعمال المرجح الصدوري وتقديم الخبر الموافق فإنه يستلزم الغاء أصالة الصدور في الخبر المخالف وأصالة الجهة فيه باعتبار أنه يلغي موضوع أصالة الجد لأن المفروض ان مقام الجد يتفرع على مقام الصدور
ومن الواضح بأنه عندما يدور الأمر بينهما فلا بد أن نلتزم بالتقديم الذي يقتضي الغاء أصل واحد فنلتزم بتقديم المرجح الجهتي