41/11/05
الموضوع: الاخبار العلاجية
كان الكلام في الترتيب بين المرجحات المنصوصة بلحاظ طبيعة المرجحات، والمقصود من طبيعتها انها قد تكون مرجحات صدورية وبعضها تكون ناظرة الى جهة الصدر وقد يكون المرجح مضموني، والكلام يقع في المرجحات التي ثبت الترجيح بها
وقلنا بانه عندما يقع التزاحم بين هذه المرجحات بأن يكون مرجح صدوري في أحد الخبرين ويقابله مرجح مضموني او جهتي في الخبر الآخر، فهل نقدم الخبر الذي فيه المرجح الصدوري على الخبر الذي فيه مرجح جهتي او نعكس بان نقدم الخبر الذي فيه المرجح الجهتي على الخبر الذي فيه المرجح الصدوري، او لا نقدم احدهما على الاخر بل نرجع الى ما تقتضيه القواعد من التساقط او التخيير، هذه احتمالات ثلاثة والظاهر ان بكل منها قائل، فقد التزم الشيخ الاعظم بتقديم المرجح الصدوري على المرجح الجهتي في حين ان المنسوب الى الوحيد البهبهاني الثاني وهو تقديم المرجح الجهتي على المرجح الصدوري، بينما ذهب صاحب الكفاية الى ان المرجحات متساوية فلا يقدم بعضها على بعض
اما القول الاول: الذي ذهب اليه الشيخ الاعظم وهو تقديم المرجح الصدوري على الجهتي فقد استدل له بان المرجح الجهتي متاخر عن المرجح الصدوري ولا تصل النوبة اليه الا بعد الفراغ عن اصل الصدور، ومع إعمال المرجح الصدوري المفروض وجوده في أحد الخبرين وهو الخبر الموافق للعامة وترجيح صدوره على الخبر الاخر المخالف لهم الذي فيه المرجح الجهتي لا تصل النوبة الى المرجح الجهتي لأنه يرتفع موضوع المرجح الجهتي، لان المرجح الصدوري ينفي صدور الخبر المخالف للعامة تعبداً، وبه ينتفي موضوع المرجح الجهتي لأن موضوعه أصل الصدور لأنه متفرع على أصل الصدور فالمرجح الجهتي يقول بأن الصادر صدر لبيان الحكم الواقعي لا لبيان الحكم التقيتي، ومع نفيه للصدور تعبداً ينتفي موضوع المرجح الجهتي
وبعبارة اخرى مستفادة من كلمات الشيخ الانصاري (قده) ان مقام الجهة متفرع على مقام الصدور لا العكس فإن مقام الصدور ليس متفرعاً على مقام الجهة
فحتى نعمل المرجح الجهتي فلا بد من فرض العلم بصدور الخبرين او تكافؤ احتمال الصدور فيهما ومع وجود المرجح الصدوري في أحد الخبرين لا يكون احتمال الصدور فيهما متكافئاً ولا علم بالصدور فيهما معاً بحسب الفرض فينتفي موضوع المرجح الجهتي لانه لا تصل النوبة اليه الا بعد فرض العلم بالصدور او تكافؤ احتمال الصدور فيهما
وهذا الكلام مرجعه الى دعوى الحكومة بمعنى ان المرجح الصدوري حاكم على المرجح الجهتي ورافع لموضوعه تعبداً لما ذكر من ان موضوع المرجح الجهتي هو أصل الصدور بينما ليس الصدور هو موضوع المرجح الصدوري بل لا معنى لأن يكون موضوعه الصدور
فالحكومة تكون واضحة بمعنى ان اعمال المرجح الصدوري في الخبر الموافق للعامة يرفع موضوع المرجح الجهتي في الخبر المخالف لهم والعكس ليس صحيحاً
فالمرجح الصدوري بإعماله في الدليل ينفي موضوع المرجح الجهتي تعبداً دون العكس فإن المرجح الجهتي في الخبر المخالف لا ينفي صدور الخبر المعارض له لأن لسانه ليس لسان نفي صدور الخبر الآخر المعارض له وإنما لسانه يقول ان الخبر المعارض لم يصدر لبيان الحكم الواقعي، ولو تنزلنا وسلمنا بانه ينفي صدور الخبر المعارض له تعبداً ولكن هذا لا يكفي لحكومته عليه لما ذكرناه من ان المرجح الصدوري ليس موضوعه الصدور بل لا يعقل ان يكون موضوعه الصدور فلا يكون حاكماً عليه
وبهذا البيان يظهر عدم تمامية ما ناقش به المحقق الخراساني كلام الشيخ (قدهما)، من ان هذا التقريب لتقديم المرجح الصدوري على المرجح الجهتي انما يكون له وجه عندما نفترض ان المرجح الجهتي هو مرجح في مقام جهة الصدور ولا علاقة له باصل الصدور بمعنى انه لا ينفي صدور الخبر الاخر حتى يكون حاكما عليه، دون ما اذا قلنا بان المرجح الجهتي هو ترجيح بلحاظ الصدور كالمرجح الصدوري فمصب الترجيح في كل منهما واحد وهو الصدور غاية الامر أن حيثية الترجيح ونكتته تختلف فهي في المرجح الصدوري قائمة في السند والصدور وفي المرجح الجهتي تكون النكتة قائمة في جهة الصدور لا في اصل الصدور ولكنها بمثابة الحيثية التعليلية لترجيح صدور المخالف على الموافق بمعنى ان الترجيح يكون للصدور، وبناء عليه لا يتم التقريب الذي ذكره الشيخ فكما ان المرجح الصدوري في الخبر الموافق للعامة ينفي صدور الخبر المخالف لهم تعبداً كذلك المرجح الجهتي في الخبر المخالف للعامة ينفي صدور الخبر الموافق لهم، فكل منهما ينفي صدور الخبر الآخر فلا بد أن لا نقدم أحدهما على الآخر
اقول بالبيان الذي ذكرناه في تقريب القول الاول يتضح أن هذه المناقشة ليست واردة على الشيخ (قده)