41/10/28
الموضوع: الاخبار العلاجية
كان الكلام في ما ذكره السيد الشهيد (قده) من ان العمل بهذا المرجح وهو موافقة الكتاب ومخالفة العامة في مورد التعارض بنحو العموم والخصوص من وجه لا يحتاج التمسك بالاخبار العلاجية حتى يستشكل بانها لا تشمل هذا المورد بل يمكن التمسك بالاخبار الدالة على طرح ما خالف الكتاب فيدعى بان فيها من الاطلاق ما يشمل ما اذا كان المخالف للكتاب اطلاقاً ولا يختص بما اذا كان المخالف حديثاً لان الوراد فيها ما خالف الكتاب، والاسم الموصول فيها مطلق فيشمل ما اذا كان المخالف للكتاب حديثاً او اطلاقاً، ففي محل الكلام يقال عندما يكون التعارض بنحو العموم من وجه وعندما يكون احد الخبرين موافق للكتاب فيمكن التمسك بترجيح الموافق للكتاب باخبار الطرح لانها تامر بطرح المخالف للكتاب فالخبر الاخر مخالف للكتاب فيؤخذ بالخبر الاول ويكون حجة
نعم نحن رفعنا اليد عن اخبار الطرح عندما تكون المخالفة بنحو العموم والخصوص المطلق من قبيل ورود خبر يخصص عموماً قرانياً او يقيد اطلاقاً قرانياً، لما تقدم من ان هناك ادلة على عدم شمول اخبار الطرح لموارد التخصيص والتقييد للمطلقات والعمومات القرانية، منها اتفاقهم على جواز تخصيص الكتاب بخبر الواحد، مضافاً الى انه لا اشكال في ان كثيراً من الاخبار التي وصلت الينا مخالفة لعموم قراني او مطلق قراني ونقطع بصدور بعضها وهذا معناه ان المخالفة بهذا النحو لا يسقطها عن الحجية
ولكن هذه الاخبار تبقى شاملة للمخالفة بنحو العموم والخصوص من وجه
وقد يلاحظ عليه بأن أخبار الطرح -على ما تقدم- على طوائف:
منها ما ورد بلسان الاستنكار والتحاشي عن صدور ما خالف الكتاب من قبيل ما ورد «وكلّ حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف» [1] فيفهم منها ان الامام في مقام استنكار ان يصدر منهم ما يخالف كتاب الله، وتقدم ان المراد من عدم الموافقة المخالفة، وهذه الطائفة لا يمكن تعميمها لغير الحديث فإن الحديث هو العنوان الوارد فيها لان الوارد في صدر الرواية كل حديث مردود الى كتاب الله فاذا كنا استشكلنا في شمول الاخبار العلاجية لموارد التعارض بنحو العموم من وجه على اساس ان العنوان المأخوذ فيها هو عنوان الحديث فالاشكال جار في المقام
والطائفة الثانية: ما دل على اناطة العمل بالرواية بان يكون عليها شاهداً من كتاب الله، وبعد المراجعة تبين ان الوارد فيها عنوان الحديث من قبيل قوله: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن اختلاف الحديث، يرويه من نثق به ، ومنهم من لا نثق به ، قال : «إذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهداً من كتاب الله أو من قول رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وإلاّ فالّذي جاءكم به أولى به»[2]
والمفروض ان السيد الشهيد يستشكل في شمول الاخبار التي ورد فيها عنوان الحديث للتعارض بنحو العموم والخصوص من وجه
الطائفة الثالثة: ما يكون مفادها نفي حجية ما يخالف الكتاب من قبيل قوله في معتبرة السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «فما وافق كتاب الله فخذوه ، وما خالف كتاب الله فدعوه»[3]
وهذه الطائفة قد يرد فيها ما ذكره السيد الشهيد باعتبار انه لم يرد فيها عنوان الحديث وانما الوارد فيها ما خالف كتاب الله فدعوه وقد تكون هي مقصوده بقوله ان اسم الموصول فيها مطلق
ولكن يمكن التأمل في هذا باعتبار انه لا اشكال في ان محل الابتلاء لعموم الناس هو الحديث الذي يحتمل فيه ان يكون موافقاً للكتاب ويحتمل ان يكون مخالفاً له، والامام (عليه السلام) في مقام اعطاء الضابطة للعمل بالحديث ويقول بان الضابطة هو عرضه على كتاب الله، فيبدو ان الموضوع لذلك هو الحديث فهو المتعارف بين الناس ويصل الى الناس، وكون الحديث هو القدر المتيقن يجعل الانسان يشكك في وجود اطلاق في اسم الموصول بحيث يجعله شاملاً لما اذا كان المخالف للكتاب اطلاق حديث كما في محل الكلام، فهذا فرد خفي وليس هو مورد ابتلاء عموم الناس
مضافاً الى انه قد يقال ان الامام -في قوله: (ما خالف كتاب الله فردوه)- ليس في مقام بيان اسم الموصول من حيث السعة والضيق بل هو في مقام بيان الميزان في العمل بالحديث فيقول ان الخبر اذا خالف الكتاب ردوه ومن هنا يستشكل في التمسك باطلاق اسم الموصول لإثبات شموله لمحل الكلام
ولكن على تأمل في ذلك فإن الامام عندما يذكر حكماً ويرتبه على موضوع هو في مقام بيان الموضوع ايضاً
فالمهم هو ما ذكرناه من ان الاطلاق عندنا غير واضح باعتبار ما قلناه من ان ما هو محل الابتلاء وما يترقب كونه مخالفاً او موافقاً هو الحديث بمعناه المتعارف لا الدلالات الضمنية للحديث
نعم نحن قلنا سابقاً بأن اخبار الطرح تشمل موارد العموم والخصوص من وجه ومن هنا قد يتخيل وجود تنافي بين ما ذكرناه هناك وبين ما نقوله هنا
ولازالة الشبهة نقول: ما كنا نقوله هناك هو أن اخبار الطرح ليس فيها ما يوجب اختصاصها بالتعارض بنحو التباين بل هي شاملة للتعارض بنحو العموم والخصوص من وجه خصوصاً الطائفة الثالثة لأن العنوان الوارد فيها ما لا يوافق الكتاب ويصدق على الخبر المخالف بنحو العموم من وجه انه لا يوافق الكتاب فاذا ورد في الكتاب مثلا (يحرم الربا بين الاقارب) ودلت الرواية على (جواز الربا مع اصحاب الديانات الاخرى) فهنا يصدق على هذا الخبر انه لا يوافق الكتاب
وفي محل كلامنا ينطبق الكلام نفسه فلدينا خبرين تعارضا بينهما عموم من وجه ولنفرض ان لدينا خبرين الاول (اكرم العلماء) والاخر (يحرم اكرام الفساق) ولنفرض ان الخبر الاول موافق للكتاب كما لو وجدت اية تدل على وجوب اكرام العلماء فيمكن ان نقول بان الخبر الاخر لا يوافق الكتاب
نعم لا يصح ان نقول بان هذا الخبر لا يوافق الكتاب في مادة افتراقه لأن الكتاب بحسب الفرض لا يتعرض لمادة افتراقه، وعلى هذا الاساس وافقنا السيد الخوئي (قده) في تفسيره للمخالفة في هذه الاخبار بالمخالفة للكتاب على نحو لا يمكن الجمع بينهما فيشمل التعارض بنحو التباين والتعارض بنحو العموم من وجه
فكان المطلب سابقاً بلحاظ الموافقة والمخالفة فقلنا انه لا موجب لقصر المخالفة وعدم الموافقة على المخالفة بنحو التباين بل هي تصدق في موارد التعارض بنحو العموم من وجه بل قلنا بأنه لولا الادلة الخاصة لقلنا بشمول المخالفة في اخبار الطرح حتى للمخالفة بنحو العموم والخصوص المطلق، فإن عنوان المخالفة يشمل حتى هذا النوع من المخالفة
وما ذكرناه الآن شيء آخر ففي محل الكلام ندعي بأن اخبار الطرح لا تشمل موارد التعارض بنحو العموم والخصوص من وجه باعتبار أن الوارد فيها عنوان الحديث وهذا شيء يعترف به حتى السيد الشهيد (قده) باعتبار انه حينما اراد التمسك باخبار الطرح للترجيح بموافقة الكتاب افترض ان اسم الموصول فيها مطلق لا يختص بالحديث بحيث لولا هذا الاطلاق لما امكن التمسك بها في محل الكلام، فجهة الاشكال في عموم اخبار الطرح لموارد التعارض بنحو العموم والخصوص من وجه هو أن الوارد فيها هو عنوان الحديث،