41/10/27
الموضوع: الاخبار العلاجية
قلنا بانه لا بد من تحقيق مسألتين:
الاولى: إن الاخبار العلاجية هل تشمل محل الكلام في التعارض بنحو العموم والخصوص من وجه؟ ونتيجة الشمول هو تقديم الخبر الحاوي للمرجح على الخبر الاخر فيسقط الخبر الآخر اما في مادة الاجتماع فقط او انه يسقط حتى في مادة افتراقه عن الاخر على الخلاف في مسألة التبعيض في الحجية
الثانية: في امكان التفكيك بين مادتي الاجتماع والافتراق في الحجية بأن نلتزم بحجية الخبر في مادة الافتراق وسقوطه عن الحجية في مادة الاجتماع
اما المسألة الاولى وهي شمول الاخبار العلاجية لموارد التعارض بنحو العموم والخصوص من وجه فلكي نحقق ما هو الصحيح في هاتين المسألتين ذكرنا امرين:
الاول: إن التفكيك بين مادة الاجتماع ومادة الافتراق غير ممكن ثبوتاً وذلك بنكتة أن الكلام ليس في حجية قول الامام الذي يكون له دلالات متعددة وإنما الكلام في حجية نقل الراوي واخباره وليس له دلالات متعددة وانما له دلالة واحدة فقط وهي دلالته على قول الامام (عليه السلام)
ولو تنزلنا وقلنا بامكان التفكيك ثبوتاً فلا دليل عليه اثباتاً، فإن الدليل عليه هو عبارة عن أخبار الترجيح وشمولها لمحل الكلام فإنها اذا شملت محل الكلام واوجبت سقوط أحد الدليلين في مادة الاجتماع فلا بد من الالتزام بالتبعيض وأن هذا الدليل يسقط في مادة الاجتماع دون مادة افتراقه لما يقوله المحقق النائيني (قده) من أن اسقاط الدليل عن الحجية في مادة افتراقه بلا مبرر لعدم وجود المعارض له
فالدليل على التفكيك اثباتاً يتوقف على شمول اخبار الترجيح للمتعارضين بنحو العموم من وجه
وقلنا بأن الصحيح عدم شمولها لمحل الكلام باعتبار أن الوارد في الاخبار العلاجية هو عنوان (الخبران المتعارضان او الحديثان المختلفان) فهي تأمر بعرض الحديثين المتعارضين على كتاب الله وهذا المضمون لا ينطبق على الدلالات الضمنية المتعددة بمعنى اننا لا يمكن أن نوقع التعارض بين الدلالة الضمنية لهذا الحديث والدلالة الضمنية لهذا الحديث ونقول بأن اخبار الترجيح تشملهما والتعارض يكون في مادة الاجتماع، فالحديث الذي يقول مثلاً (اكرم العلماء) والآخر يقول(لا تكرم الفساق) فدلالة الحديث الاول على حكمه في مادة الاجتماع معارضة بدلالة الحديث الثاني على حكمه وهو حرمة الاكرام في مادة الاجتماع وهي دلالة ضمنية لان مادة الاجتماع هي جزء من مدلول الدليلين فالدليل يدل على حكمه فيها بالتضمن، وهي ليست حديثاً، فالحديث ظاهر في الحديث الذي نشير اليه ونقول هذا حديث فلان لا بلحاظ دلالاته الضمنية، والعنوان المأخوذ في اخبار العلاج لا ينطبق على هذه الدلالات الضمنية وانما ينطبق على الحديث بتمامه وهذا انما يتحقق عندما يكون التعارض بنحو التباين
وبعبارة اوضح إن المقصود من دعوى شمول اخبار الترجيح لمحل الكلام إن كان هو اسقاط أحد العامين حتى في مادة افتراقه فهذا فيه مخالفة لظهور أخبار الترجيح في انها في مقام علاج حالة التعارض فهي تريد أن تسقط أحد الدليلين في مورد التعارض لا اكثر من ذلك فليس فيها دلالة على اسقاطه مطلقاً
وإن كان المقصود اسقاطه في مادة الاجتماع فقط فهذا خلاف ظاهر الاخبار ايضاً لأن الوارد فيها هو عنوان الحديث ولذا تكون ظاهرة في اسقاط عنوان الحديث، والحديث كما قلنا حديث واحد فلا يمكن تجزئته الى حديثين الاول دلالته على حكمه في مادة الاجتماع والاخر دلالته على حكمه في مادة الافتراق
ومن هذا الكلام يتبين:اولاً: إن الاخبار العلاجية لا تشمل موارد التعارض بنحو العموم والخصوص من وجه وبناءً على هذا تختص الاخبار العلاجية بالتعارض بنحو التباين
وثانياً: يتضح ان التبعيض والتفكيك بين مادة الاجتماع ومادة الافتراق في الحجية غير ممكن ثبوتاً وحتى لو كان ممكناً فلا دليل عليه اثباتاً
وبناءً على هذا فاذا ورد عامان متعارضان بنحو العموم من وجه ووجد في احدهما مرجح من المرجحات المنصوصة ففي هذه الحالة لا يصح تقديم ما فيه المرجح على الاخر في مادة الاجتماع، بل لا يصح تقديمه على الآخر مطلقاً حتى في مادة الافتراق، بل لا بد ان نلتزم بسقوط هذين الحديثين في مادة الاجتماع باعتبار التكاذب بينهما، بل لا بد ان نلتزم بسقوطهما حتى في مادتي الافتراق بنكته ان الالتزام بعدم سقوطهما في مادتي الافتراق يستلزم التبعيض بعد فرض سقوطهما في مادتي الاجتماع فلا بد ان نلتزم بسقوط الدليلين مطلقاً
ثم يقع الكلام في انه في مقام الترجيح بموافقة الكتاب ومخالفة العامة هل نحتاج الى اخبار الترجيح او لا؟
قد يقال باننا لسنا بحاجة الى الاخبار العلاجية للترجيح، ويقرب ذلك بان يقال: اما في الترجيح بموافقة الكتاب فقد يدعى بأنه يمكن التمسك بأخبار الطرح المتقدمة فهي تدل على طرح ما يكون مخالفاً للكتاب وهي ليست مقيدة بالحديث حتى يقال بأن الحديث لا يصدق على الدلالة الضمنية، فهي قالت ما خالف كتاب الله يطرح فإن عنوان ما خالف يشمل باطلاقة الاطلاق والعموم اذا كان مخالفاً للكتاب
والمدعى في هذا الفرض امكان التمسك باخبار الطرح لتقديم الخبر الموافق للكتاب على الخبر المخالف له باعتبار ان موضوعها ما خالف الكتاب وهي تشمل كل ما خالف الكتاب سواء كان عموم او اطلاق
وفي محل الكلام فان عموم احد الخبرين او اطلاقه مخالف للكتاب فلو فرضنا ان الخبرالاول (اكرم العلماء) موافق للكتاب فاطلاق الخبر الاخر (لا تكرم الفساق) لمادة الاجتماع يكون مخالفاً للكتاب لان المفروض ان اكرم العلماء على سعته وشموله موافق للكتاب فلا بد من طرح الاطلاق في الخبر الاخر
فصحيح ان (لا تكرم الفساق) كحديث غير مخالف للكتاب ولكن اطلاقه يكون مخالفاً للكتاب فلا بد من طرح هذا الاطلاق وهذا معناه اننا نقدم الخبر الموافق للكتاب على المخالف للكتاب فيسقط اطلاق الخبر الاخر وهذا هو معنى التقديم وأما مسألة ان الخبر الاخر بعد ان سقط اطلاقه لمادة الاجتماع فهل يسقط في مادة الافتراق او لا فهذه مسألة اخرى فإن قلنا بان التفكيك بينهما غير ممكن ثبوتاً ولا دليل عليه اثباتاً فلا بد ان نلتزم بسقوطه حتى في مادة الافتراق
فالمهم اننا في سقوط الخبر المخالف للكتاب لا نحتاج للتمسك بالاخبار العلاجية وهذا معناه تقديم الخبر الموافق للكتاب على المخالف له
واما بالنسبة الى مخالفة العامة فله حديث خاص