الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الأصول

41/10/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الاخبار العلاجية

كان الكلام في ان الاخبار العلاجية هل تشمل موارد التعارض بنحو العموم والخصوص من وجه او انها تختص بالتعارض بنحو التباين

وانتهى الكلام الى ما ذكره السيد الشهيد (قده) بان تحقيق الكلام يتوقف على تحقيق امور

الامر الاول: انه يمكن فرض التفكيك بين مادة الاجتماع في العامين من وجه ومادة الافتراق فيلتزم بالحجية في مادة الافتراق دون مادة الاجتماع بالبيان الذي تقدم من ان كل راوي له شهادتان ايجابية وسلبية والتعارض بين الدليلين يكون بين هاتين الشهادتين السلبيتين وعند ترجيح احدهما على الاخر بالمرجح الصدوري يسقط الخبر الاخر في مادة الاجتماع وبذلك يثبت استثناء مادة الاجتماع من الخبر الاخر ففي قوله (لا تكرم الفساق) تسقط منه الشهادة السلبية (وهي ان الامام لم يستثن العلماء منهم) فتبقى الشهادة الايجابية على حالها فيتمسك بها

الامر الثاني: ان هذا لا يثبت الا امكان التفكيك بينهما في الحجية وهذا لا يكفي للحكم بالتفكيك، ومن هنا كان اللازم مراجعة اخبار الترجيح لنرى هل تشمل هذه الحالة او لا، وعمدة اخبار الترجيح هي رواية الراوندي لانها صحيحة السند بنظره وذكر فيها مرجحان فقط موافقة الكتاب ومخالفة العامة وصرحت بالترتيب بينهما، والترجيح بهذين المرجحين فيها اضيف الى المرجحين (إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما على كتاب الله) وهذه الرواية لا تشمل موارد العموم والخصوص من وجه من دون فرق بين ان نفترض ان هذين المرجحين هما مرجحان سنديان او انهما مرجحان دلاليان لأنه سيأتي الكلام في ان هذه المرجحات المنصوصة هل هي مرجحات سندية او انها مرجحات دلالية،

والدليل هو ان عنوان الحديث لا يصدق على الشهادة السلبية بناءً على أن هذا المرجح وهو موافقة الكتاب مرجح سندي فلا يمكن تطبيق عنوان اذا ورد عليكم الحديثان على الشهادتين السلبيتين للحديثين المتعارضين لان الشهادة السلبية هي سكوت والحديث المأخوذ في موضوع هذه الرواية كلام،

واما اذا افترضنا ان المرجح مضموني دلالي فنفس الكلام، فاذا امكن تطبيق عنوان حديثان مختلفان على جزء المدلول فالكلام صحيح، فالخبر الاخر دلالته على مادة الاجتماع حديث ودلالة الخبر الاول على مادة الاجتماع حديث فتعارض حديثان فاذا كان احدهما موافق للكتاب نقدمه على الاخر وهذا يستلزم سقوط الدليل الاخر في مادة الاجتماع فتبقى دلالته في مادة الافتراق على حالها وهذا يستلزم التبعيض بين مادة الاجتماع ومادة الافتراق

ولكن الخبر الواحد هو حديث واحد ولا يمكن القول بانه في المقام ورد علي حديثان بلحاظ مادة الاجتماع وحديثان بلحاظ مادة الافتراق والحديثان بلحاظ مادة الافتراق لا تعارض بينهما والحديثان بلحاظ مادة الاجتماع بينهما تعارض،

بل لدينا حديث واحد ومقتضى تطبيق الرواية تقديم الحديث الاول على الاخر بتمامه فالحديث الاخر يسقط بتمامه ولا معنى لان يسقط بجزء مدلوله

والتفرقة بين مادة الاجتماع ومادة الافتراق مبنية على امكان تطبيق العنوان الوارد في الرواية على جزء المدلول

ولكن هذا غير صحيح لانه لا يمكن تطبيق الرواية على موارد التعارض بنحو العموم والخصوص من وجه وانما لا بد ان نلتزم بسقوط الحديث الاخر بلحاظ تمام موارده

وبعبارة اخرى ان معنى الرواية انه حينما يرد عليكم حديثان مختلفان -يعني كلامان مختلفان- قدم ما وافق الكتاب وخالف العامة على الاخر وفي موارد التعارض بنحو العموم من وجه هل نطبق ذلك على تمام الحديث الاخر ونلتزم بسقوطه بتمامه، او نطبقه على خصوص الشهادة السلبية لكل منهما بناءً على كونه مرجحاً سندياً ونلتزم بسقوط الشهادة السلبية للآخر فقط او نطبق الحديث على خصوص مادة الاجتماع لكل منهما بناءً على كونه مرجحاً دلالياً ونلتزم بسقوط الخبر الاخر في خصوص مادة الاجتماع

والاول (الالتزام بسقوط الخبر الاخر بتمامه) لا يمكن قبوله لأنه خلاف ظاهر الاخبار العلاجية فانها ظاهرة في انها في مقام علاج التعارض، اي ما كان الحديثان متعارضان فيه ولا تشمل ما ليس فيه تعارض كما قال المحقق النائيني (قده) ان الالتزام بسقوط الخبر الاخر بلحاظ مادة افتراقه بلا مبرر لانه ليس له معارض

كما ان الثاني (اما ان نطبقه على الشهادة السلبية بناءً على انه مرجح سندي او نطبقه في جزء مدلوله اي مادة الاجتماع بناءً على انه مرجح دلالي) غير تام باعتبار أن المأخوذ في موضوع الترجيح في رواية الراوندي هو الحديث وهذا لا ينطبق على الشهادة السلبية

كما أنه لا ينطبق على جزء المدلول اذا كان المرجح دلالي باعتبار ما تقدم من انه لا يوجد عندنا الا حديث واحد ولا يمكن ان نقول بأن الحديث الاخر هو عبارة عن حديثين حديث في مادة الاجتماع وحديث في مادة الافتراق والتعارض وقع بين الحديثين في مادة الاجتماع فنطبق هذا العنوان عليه (اذا ورد عليكم الحديثان) هذا غير صحيح لانه ليس هناك الا حديث واحد وهذا الحديث الواحد اما ان يسقط بلحاظ كلتا المادتين او انه لا يسقط

كما ان الالتزام بتطبيقه على الحديث الاخر بلحاظ تمام مدلوله فيه مخالفة للظهور السياقي لأخبار العلاج في انها علاج للحديثين بلحاظ ما يتعارضان فيه لا انها علاج للحديثين في ما لا يتعارضان فيه

ومن هنا يظهر ان التفكيك بين مادة الاجتماع ومادة الافتراق لا دليل عليه اثباتاً لأن الدليل عليه هو اخبار الترجيح اذا قلنا بشمولها للعامين من وجه، وقلنا بأن اسقاط أحد العامين في مادة افتراقه بلا موجب فيكون الدليل على التفكيك بين مادة الاجتماع ومادة الافتراق هي اخبار الترجيح، فإذا منعنا من شمولها للتعارض بنحو العموم من وجه فلا دليل على التفكيك اثباتاً

واستثنى حالة واحدة بناءً على أن الترجيح بموافقة الكتاب ومخالفة العامة مرجحات دلالية يمكن ان يدعى بان العرف يتعدى الى التعارض بنحو العموم من وجه لأنه يفهم انه اذا كانت موافقة الكتاب ومخالفة العامة تقوي مضمون الخبر الموافق الذي ابتلي بوجود معارض له مع فرض التباين كذلك موافقة الكتاب تقوي مضمون الخبر الموافق في مادة الاجتماع بالنسبة الى معارضه اذا كان التعارض بينهما بنحو العموم من وجه

وبقطع النظر عن هذا الاستدراك الاخير فإن رأيه ان الاخبار العلاجية لا تشمل موارد العموم من وجه.