الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الأصول

41/10/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الاخبار العلاجية

ذكرنا كلام العلمين وذكرنا الملاحظة التي تتوجه على كلام المحقق النائيني (قده) وتبين ان المقام لا بد فيه من مراجعة الاخبار العلاجية وانها تشمل محل الكلام او لا فاذا قلنا بعدم شمولها لمحل الكلام واختصاصها بالتعارض بنحو التباين فلا يرجح بها فاذا لم نقل بالتخيير يتساقط الدليلان في مادة الاجتماع ويبقيان حجة في مادة الافتراق اذا قلنا بامكان التفكيك بان يكون الدليل الواحد حجة في بعض مدلوله وليس حجة في البعض الاخر

واما ماذكره السيد الخوئي (قده) فخلاصتة ان حجية الخبر مثل حرمة الغيبة تتعدد بتعدد المدلول ورتب على هذا انه لا مانع من التبعيض فيكون الدال حجة في بعض مدلوله وليس حجة في البعض الاخر وهذا لا محذور فيه لأنه ليس تبعيض في الصدور وانما تبعيض في الحجية فنلتزم بصدور الخبر الآخر ولا نلتزم بحجيته في مورد الاجتماع ولا مشكلة بان يكون الخبر صادرا ولكنه ليس حجة في اطلاقه او عمومه

ويلاحظ عليه ان موضوع الحجية التعبدية التي هي محل الكلام هو كلام الراوي واخباره الحاكي لقول المعصوم (عليه السلام) ونبحث هل هو حجة بحيث يثبت به قول المعصوم تعبداً او لا، فكلامنا في حجية الحاكي لقول المعصوم لا في حجية المحكي فإن حجية قول المعصوم تدخل في اصول الدين فالذي يعتقد بعصمة المعصوم فكلامه عنده حجة بلا حاجة الى اقامة دليل وانما نتكلم في الحجية التعبدية في حكاية الراوي لقول المعصوم

واذا لاحظنا كلام الراوي سنجد ان كلام الراوي دال واحد وله دلالة واحدة فليس هناك تعدد في المدلول والدلالات بمعنى انه يدل على قول المعصوم فهو دال واحد له مدلول واحد وهو قول المعصوم، ومن هنا يظهر بانه لا يصح ان نقول في محل الكلام بان الحجية تتعدد باعتبار المدلول لان هذا انما يكون مقبولاً عندما نفترض أن الدال الذي نتحدث عنه له دلالات متعددة كما ذكره في مثال حرمة الغيبة، فمثلاً لو قال الراوي مثلا ان الامام قال اكرم العلماء فكلامنا في حجية كلام الراوي لاثبات مدلول هذا الدال ومدلوله هو قول المعصوم فكلام الراوي له دلالة واحدة وهو الدلالة على قول المعصوم

واما لو كان الدال الواحد له مدلول واحد فلا معنى للقول بتعدد الحجية باعتبار المدلول ففي هذه الحالة لا معنى للتبعيض في الحجية لأن معناه انه ليس هناك دلالات متعددة حتى نلتزم بحجية بعضها وعدم حجية الآخر ففي محل الكلام توجد دلالة واحدة، فكلام الراوي ان كان حجة فيثبت به قول المعصوم وان لم يكن حجة فلا يثبت به قول المعصوم ولا مجال لتصور ان كلام الراوي يكون حجة في بعض مدلوله ولا يكون حجة في البعض الاخر من مدلوله، نعم قول المعصوم المحكي بكلام الراوي له دلالات متعددة ففي مثالنا لو كان قول المعصوم اكرم العلماء فهذا له دلالات متعددة بعدد ما للعلماء من افراد، ولكن كلامنا ليس في حجية قول المعصوم بل كلامنا في حجية كلام الراوي وليس له مداليل متعددة

هو كانه قاس محل الكلام على مثال حرمة الغيبة الذي تعددت مداليله فتعددت الحرمة بتعدد الدلالات ولكن هذا غير محل الكالم لاننا لا نتكلم عن قول المعصوم المحكي بكلام الراوي بل نتكلم عن كلام الراوي

وبناء على هذا فاذا فرضنا ورود عامين متعارضين بنحو العموم من وجه كما لو قال الراوي الاول (اكرم العلماء) وقال الاخر (لا تكرم الفساق) فمادة الاجتماع (العالم الفاسق) وفرض المسألة ان الخبر الاول فيه مرجح صدوري كان كان راويه اوثق من راوي الخبر الاخر فاذا قدمنا الاول فلازمه سقوط العام الثاني عن الحجية في مادة الاجتماع فاذا سقط عن الحجية في مادة الاجتمأع فيأتي السؤال انه هل يبقى حجة في مادة افتراقه او لا واجاب السيد الخوئي بالايجاب وعلله بان الحجية تتعدد بتعدد المدلول ولا اشكال في ان يكون العام الثاني حجة في مادة الافتراق ويسقط عن الحجية في مادة الاجتماع وهذا تبعيض في الحجية لا في الصدور

وجوابه يتبين بما ذكرناه وان الكلام في الحجية في كلام الراوي، ومدلول كلام الراوي ليس هو حرمة اكرام هذا الفاسق وحرمة اكرام ذاك الفاسق بل ان مدلوله هو قول المعصوم وهذا ليس فيه دلالات تضمنية متعددة بل له دلالة واحدة مرددة بين السقوط وعدم السقوط فإن كانت حجة يثبت بها قول المعصوم وإن لم تكن حجة لا يثبت بها قول المعصوم

وعلى كل حال ففي محل الكلام يوجد عندنا دالان ومدلولان كلام الراوي دال وكلام المعصوم دال اخر والتعدد في مدلول قول المعصوم ولا نتحدث عن حجيته هنا بل نتحدث حول مدلول كلام الراوي والصحيح ان حجيته لا تتعدد لانه ليس لهذا الدال الواحد دلالات متعددة

ومقتضى هذا الكلام هو عدم امكان التبعيض في الحجية في محل الكلام فاذا قدمنا الخبر الاول في مادة الاجتماع فمعناه سقوط حجية الخبر الثاني في مادة الاجتماع ولازمه سقوط الخبر الثاني عن الحجية في مادة الافتراق

وبناء على تمامية هذا الكلام ستكون النتيجة مغايرة لما يريد السيد الخوئي (قده) اثباته لان الخبر الاخر يسقط عن الحجية في مادة الافتراق ايضا فلا يمكن القول ان كل منهما يكون حجة في مادة افتراقه

وذكر السيد الشهيد (قده) بانه في مورد التعارض بنحو العموم من وجه من قبيل اكرم العلماء ولا تكرم الفساق لا يلزم من التفكيك بين مادة الاجتماع ومادة الافتراق محذور ثبوتاً فإن كل واحد من الراويين له شهادتان شهادة ايجابية وشهادة سلبية الايجابية تتمثل بالنطق والسلبية تتمثل بالسكوت، وشهادة الراوي الاول الايجابية هي ان الامام قال (اكرم العلماء) والاخر يشهد بان الامام قال (لا تكرم الفساق)، الراوي الاول سكت عن استثناء الفساق من اكرم العلماء، والراوي الاخر عندما اخبر بان الامام قال لا تكرم الفساق ايضا له شهادة سلبية وهو انه لم يستثني منهم العلماء

فالتعارض بين الدليلين ينشأ من هاتين الشهادتين السلبيتين فإذا حددنا منشأ التعارض فحينئذ ترجيح أحد الخبرين على الآخر بالمرجح الصدوري يوجب عدم شمول الدليل الثاني لمادة الاجتماع وهذا معناه استثناء مادة الاجتماع من الخبر الثاني وهذا تكذيب للشهادة السلبية لراوي الخبر الثاني وبعد سقوط هذه الشهادة السلبية يرتفع التعارض بين الدليلين فيمكن الأخذ بأصل الدليل الثاني لإثبات حكمه في مادة افتراقه، نعم لا يمكن الأخذ به في مادة الاجتماع ، فالتفكيك بين مادة الافتراق ومادة الاجتماع بالالتزام بسقوط الدليل الثاني في مادة الاجتماع وبقاءه على الحجية في مادة الافتراق ممكن ثبوتاُ