41/10/13
الموضوع: الاخبار العلاجية
كان الكلام في ما ذكره الشيخ الانصاري من الادلة على لزوم التعدي عن المرجحات المنصوصة الى كل مزية وانتهى الكلام الى الدليل الثالث
الدليل الثالث: التمسك بعموم تعليل تقديم الخبر المخالف للعامة على الموافق لهم بأن الرشد في خلافهم وذكر بأن هذه ليست علة دائمية وانما هي علة غالبية لكثرة اعتمادهم على الاستحسانات والمصالح المرسلة وهذا معناه ان الخبر المخالف لهم انما يقدم على الموافق لهم باعتبار انه ليس فيه احتمال التقية غالبا ويفهم من هذا ان الترجيح باعتبار اقربية الخبر المخالف لهم للواقع ولو باعتبار جهة الصدور فنتمسك بعموم التعليل للتعدي الى كل ما يكون اقرب للواقع من الخبر المعارض له سواء كانت الاقربية ناشئة من مرجح منصوص او غير منصوص
وذكرنا الجواب الاول والثاني وانتهى الكلام الى الجواب الثالث الذي ذكره صاحب الكفاية فذكر بان هذا يؤدي الى الوثوق بصدور الخبر الموافق لهم للتقية فلم يصدر لبيان الحكم الواقعي فيخرج حينئذ عن محل الكلام فإنه مع الوثوق بصدور الخبر تقية لا تشمله ادلة الحجية فيدخل في مقام تمييز الحجة عن اللاحجة لا في باب ترجيح احدى الحجتين على الاخرى كما هو المفروض في محل الكلام
وهذا الجواب يمكن أن يلاحظ عليه إن غاية ما يفهم من كلام الشيخ الانصاري (قده) إن احتمال التقية موجود في الخبر الموافق للعامة دون الخبر المخالف لهم ولا وضوح في أن ما فرضه الشيخ الانصاري يؤدي الى الجزم او الوثوق بصدور الخبر الموافق لهم تقية وانما الموجود هو الاحتمال فقط وهذا لا يمنع من شمول ادلة الحجية له
وبناءً على دفع هذا الجواب يتبين أن الدليل الثالث للتعدي يكون تاماً وحاصله التمسك بعموم تعليل ترجيح الخبر المخالف للعامة بأن الرشد في خلافهم، والرشد غالبي وليس دائمي ومرجعه الى ان احتمال التقية موجود في الخبر الموافق دون المخالف وهذا مرجعه الى ان الخبر المخالف يكون اقرب الى الواقع ولو بلحاظ جهة الصدور فتكون الاقربية للواقع هي المناط في تقديم الخبر المخالف للعامة على الموافق لهم
ولكن يمكن أن يلاحظ عليه بأن هذا التعليل بالشكل الذي يطرحونه ليس موجوداً في رواية معتبرة بهذا النص نعم هو موجود في عبارة الشيخ الكليني (قده) في ديباجة الكافي وفي المرفوعة ورد ما يشبه هذا التعليل (فان الحق في ما خالفهم) ولكن تقدم انها ساقطة سنداً
والوارد في المقبولة هو (ففيه الرشاد) ولكنه لم يرد بعنوان التعليل ((قلت : جعلت فداك ، أرأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب والسنّة ، ووجدنا أحد الخبرين موافقاً للعامّة ، والآخر مخالفاً لهم ، بأيّ الخبرين يؤخذ ؟ فقال : ما خالف العامّة ففيه الرشاد)) [1] وذكر السيد الخوئي (قده) بان هذه الفقرة غير واردة في مقام التعليل وانما مفادها وجوب الاخذ بما خالف العامة، وبالاضافة الى ما ذكره السيد الخوئي (قده) فإن أصل التعليل المذكور غالبي لا دائمي فيكون من باب الحكمة لا العلة التي يدور الحكم مدارها وجوداً وعدماً فهو نظير التعليل باختلاط المياه في باب العدد، وبهذا لا يكون الدليل الثالث تاماً
وهناك بعض الادلة التي ذكرت في بعض الكلمات لا داعي للتعرض لها
ويمكن أن نضيف الى ما انتجه الكلام السابق من عدم التعدي ولزوم الاقتصار على المرجحات المنصوصة هو ان بعض أخبار الترجيح تصدت لبيان التخيير بين الخبرين مع فرض التساوي في المرجحات المنصوصة في تلك الرواية، وهذا مؤشر على عدم التعدي ولزوم الاقتصار على المرجحات المنصوصة فاذا فرضنا أن السائل فهم التعدي فينبغي أن يسأل عن حكم التساوي بين الخبرين بلحاظ جميع المزايا
كما أنه لوفهم التعدي من التعليل الوارد في الترجيح بالشهرة (فان المجمع عليه لا ريب فيه) فلا معنى لأن يسأل فإن تساويا في موافقة الكتاب لأنه فهم التعدي الى كل مزية فلا خصوصية لموافقة الكتاب بل لا بد أن يركز كلامه على صورة التساوي في جميع المزايا بينما الامر في الروايات ليس هكذا بل السؤال انصب بلحاط المرجح الذي يذكره الامام
ويضاف الى ذلك إن لازم القول بالتعدي بالنحو الذي يذكره الشيخ الانصاري أن تحمل اخبار التخيير المتقدمة على فرض نادر الوجود لأن فرض تساوي الخبرين المتعارضين بلحاظ جميع الجهات فرض نادر جداً فإن فرض تساوي الخبرين بلحاظ جميع الجهات فرض نادر فحمل الروايات الكثيرة الآمرة بالتخيير بعد فرض التساوي او الآمرة بالتوقف بعد فرض التساوي على هذا الفرض النادر خلاف الظاهر، بينما تساويهما بلحاظ المرجحات المنصوصة ليس نادراً
فالصحيح هو عدم التعدي ولزوم الاقتصار على المرجحات المنصوصة والثابت منها ثلاثة (الترجيح بالشهرة والترجيح بموافقة الكتاب والترجيح بمخالفة العامة) ويؤيد هذه النتيجة إن هذا هو مقتضى الاصول والقواعد، فإن احتمال الترجيح بمزية لا يوجب سقوط ما اسسناه من ان الاصل الاولي في الخبرين المتعارضين هو التساقط فاحتمال الترجيح لا يسوغ لنا رفع اليد عن أصالة التساقط
المقام الثاني: حول الملازمة بين القول بالتعدي وبين عدم وجود طولية بين المرجحات، فإن المحقق الخراساني (قده) ربط بين مسألة الترتب بين المرجحات المنصوصة وبين مسألة التعدي عنها الى غيرها وإن عدم الطولية من لوازم القول بالتعدي