41/10/10
الموضوع: الاخبار العلاجية
كان الكلام في امكان استفادة الترتيب والطولية بين المرجحات من الاخبار العلاجية، وتظهر ثمرة البحث في ما لو كان في الخبرين المتعارضين مرجحان مختلفان، فإذا قلنا بالترتيب بين المرجحات فلا بد من مراعاة هذا الترتيب واما إذا قلنا بعدم استفادة الترتيب فيصار الى التخيير بين الخبرين او التقديم على اساس آخر مثل كون أحد المرجحين مضموني او صدوري فهناك كلام في تقديم المرجح المضموني على المرجح الصدوري او شيء من هذا القبيل الذي لم تتعرض له الاخبار العلاجية
والذي انتهينا اليه في ما سبق هو أن الامور التي ثبت الترجيح بها ثلاثة: الشهرة، وموافقة الكتاب، ومخالفة العامة
وتقدم أن المستفاد من الاخبار العلاجية وجود ترتيب وطولية بين موافقة الكتاب ومخالفة العامة بمعنى أن المرجح الاول يتقدم على مخالفة العامة، فإذا كان هناك خبران متعارضان أحدهما موافق للكتاب والعامة والآخر مخالف للكتاب والعامة فيتقدم الخبر الاول لكونه موافقاً للكتاب، ويبقى الترتيب بين الشهرة وبين موافقة الكتاب المذكورة في الأخبار بعد الشهرة وكذا الترتيب بين المرجحات الثلاثة بحسب ما هو مذكور في الاخبار العلاجية لو لم نلتزم بالترتيب بين موافقة الكتاب ومخالفة العامة
والبحث ينصب حول امكان استفادة الترتيب بين المرجحات من الترتيب الذكري لها في الاخبار العلاجية او لا
وتقدم أن الصحيح عدم استفادة الترتيب في مقام العمل من مجرد الترتيب الذكري، لأن الترتيب بينها لو كان وارداً في كلام الامام مباشرة لأمكن دعوى أن هناك ترتيب بين المرجحات كما ورد ذلك في بعض الروايات كرواية الراوندي، ولكن الموجود في الروايات العلاجية واهمها المقبولة ليس هكذا وانما الترتيب مذكور في ضمن اجوبة متعددة بعد اسئلة متعددة من السائل بمعنى ان السائل سال عن علاج حالة التعارض والامام اجابه قدم المشهور على الشاذ النادر والسائل تبرع وافترض تساويهما في الشهرة فامره الامام بالترجيح بموافقة الكتاب وهكذا، وهذا لا يستفاد منه الترتيب
فإن هذا من قبيل أن يسأل الامام عن حكم من افطر متعمداً في شهر رمضان فيجيب الامام (فليعتق رقبة) فيفترض السائل انه لا يستطيع فيقول الامام (فليصم شهرين) فهذا لا يستفاد منه الترتيب فإن من حق الامام ان يبين احد افراد التخيير
وبناءً على هذا فإذا فرضنا أن احد الخبرين كان مشهوراً والاخر كان موافقاً للكتاب فلا دليل على تقديم المشهور على ما يوافق الكتاب كما لا دليل على العكس
كما أنه اذا كان احدهما مشهوراً والاخر مخالفاً للعامة فلا دليل على تقديم المشهور فضلاً عن العكس
نعم اذا كان أحد الخبرين موافقاً للكتاب والآخر مخالفاً للعامة فقد استفدنا من بعض الشواهد التي ذكرناها ان هناك ترتيب وطولية بين هذين المرجحين بمعنى انه يقدم الموافق للكتاب على المخالف للعامة
وذكرنا بأن المحقق الخراساني (قده) ذكر بأن المقبولة ليس فيها دلالة على الترتيب والطولية بين المرجحات واستدل على ذلك، بأنه على القول بالتعدي عن المرجحات المنصوصة يكون المرجح هو الاقربية للواقع
واما بناءً على عدم التعدي فما يمكن الاستدلال به على الترتيب هو المقبولة ولا بد من حمل المقبولة على أنها واردة لبيان تعداد المرجحات لا انها واردة لبيان حكم التزاحم بين المرجحات باعتبار كثرة اطلاقات الترجيح الخالية عن الترتيب ومقتضى هذه المطلقات التي تدل على الترجيح ببعض المرجحات من دون ذكر للترتيب يعني انه قدم المشهور مطلقاً سواء كان في مقابله موافق للكتاب او لا وهكذا باقي المرجحات، فإن كثرة هذه المطلقات يمنع من الالتزام بظاهر المقبولة في وجود ترتيب بين المرجحات والا يلزم تقييد تلك المطلقات الكثيرة لأن المقبولة تدل على الترتيب
وما ذكره صاحب الكفاية يتضمن دعوى وجود ملازمة بين القول بالتعدي عن المرجحات المنصوصة الى غيرها وبين عدم الترتيب بين المرجحات
فيقع الكلام اولاً عن التعدي ثم على تقدير التعدي نتكلم عن الملازمة المدعاة، فالكلام يقع في مقامين
المقام الاول: في التعدي عن المرجحات المنصوصة
وقد أصر الشيخ الانصاري على التعدي وأنه لا خصوصية للمرجحات المنصوصة وإنما نتعدى الى مطلق ما فيه مزية وإن لم تكن منصوصة بل افترض أن هذا هو المشهور المعروف بين العلماء
وقد ذكرنا أن الشيخ الكليني (قده) حين تعرض لهذا المطلب في الكافي لم يذكر سوى المرجحات المنصوصة
وقد تعرضنا للادلة التي ذكرها الشيخ الانصاري (قده) وكان
الدليل الاول: أنه ورد في بعض الروايات الترجيح بالأصدقية والأوثقية وبحسب المناسبات الارتكازية فان الترجيح بهما ليس تعبداً صرفاً وانما هو باعتبار ما فيهما من الطريقية والاقربية للواقع فالخبر الذي يرويه الأوثق اقرب للواقع من الخبر الذي يرويه غير الأوثق، وتقدمت الملاحظات عليه
وأما الدليل الثاني: ورد في تعليل الترجيح بالشهرة في الروايات (إن المجمع عليه لا ريب فيه) وليس المراد نفي الريب مطلقاً ومن جميع الجهات بل المقصود نفي الريب النسبي بمعنى أن الريب الموجود في الخبر المعارض من جهة كونه شاذاً ليس موجوداً في الخبر المشهور
وبناءً على هذا يمكن التعدي الى كل ميزة تجعل الخبر الذي فيه الميزة لا ريب فيه بالإضافة للخبر الآخر الفاقد للميزة
وتقدم مناقشة هذا الدليل
الدليل الثالث: تعليل الترجيح بمخالفة العامة بأن الحق في ما خالفهم او أن فيه الرشد، وهذه قضية غالبية لأننا نتفق معهم في كثير من الاحكام الشرعية فالخبر المخالف للعامة قد يكون مخالفاً لنا والموافق لهم قد يكون موافقاً لنا، وبناءً على هذا فتعليل تقديم الخبر المخالف للعامة بأن فيه الرشد يكون باعتبار كثرة مخالفتهم للحق والرشد، وحينئذ يكون ما يخالف العامة اقرب الى الواقع مما يوافق العامة فترجع المسألة الى الاقربية للواقع فيمكن التعدي الى غير المرجحات المنصوصة إذا كانت توجب الاقربية للواقع