41/06/29
الموضوع: الاخبار العلاجية
الوجه الثالث الذي ذكره الشيخ الانصاري لإثبات التعدي من المرجحات المنصوصة الى كل مزية توجب الاقربية للواقع هو تعليل تقديم الخبر المخالف للعامة على الموافق لهم بأن الحق في ما خالفهم كما في المرفوعة او تعليله في المقبولة بأن فيه الرشاد، وهذا التعليل غالبي وليس تعليلاً دائمياً بدليل إننا نتفق معهم في قسم من الاحكام على الأقل فلا يمكن أن نقول بأن كل ما يوافقهم فهو باطل وكل ما يخالفهم فهو حق، فالتعليل يثبت أقربية الخبر المخالف للعامة من الخبر الموافق لهم وهذه الاقربية تنشأ من كثرة مخالفتهم للحق والرشاد فالتعليل إنما هو بالأقربية للواقع فيقدم الخبر المخالف للعامة لكونه أقرب الى الواقع وإذا كان كذلك يمكن التعدي الى كل مزية توجب القرب للواقع لأن ترجيح المخالف ليس لخصوصية المخالف
وقد أجاب عنه في الكفاية بوجهين:الأول: احتمال أن يكون الرشد في المقبولة وهي العمدة في المقام إنما هو في نفس المخالفة لحسنها كما ورد ((خالفوهم ما استطعتم)) فالرشد في نفس المخالفة لا أن الرشد في ما به المخالفة وهو الخبر، فتكون الرواية اجنبية عن محل الكلام لأنها لا تدل على أن ما فيه المخالفة فيه الرشد حتى تدل على ترجيح احد الخبرين على الاخر
وانصافاً إن هذا بعيد عن ظاهر الرواية فإن ظاهرها أن فالرشاد في قوله ((وجدنا أحد الخبرين موافقاً للعامة والأخر مخالفاً لهم فبأي الخبرين يؤخذ، قال: ما خالف العامة ففيه الرشاد)) في الخبر المخالف للعامة لا في نفس المخالفة
الثاني: لو سلمنا وقلنا بأن المراد بالرشد الذي علل به لزوم الاخذ بالخبر المخالف هو غلبة مطابقة الخبر المخالف لهم للواقع، الا أن لازم هذا حصول الوثوق بوجود خلل في الخبر الموافق للعامة في جهة من الجهات وهذا يمنع من شمول أدلة الحجية له وبهذا تخرج المقبولة عن باب ترجيح احدى الحجتين على الأخرى وتدخل في باب تمييز الحجة عن اللاحجة
وعليه فلا مانع من التعدي الى كل مزية توجب خروج الخبر الفاقد لها عن أدلة الحجية
وفيه ان هذا يتم عندما يدعى ان اقربية الخبر المخالف للعامة للواقع دائمية، ولكن لم يدع أحد انها دائمية فقد يكون الخبر الموافق للعامة هو الحق والواقع، وانما هي اقربية غالبية لكثرة مخالفتهم للواقع والحق، فالخبر الموافق لهم يكون ابعد عن الواقع من المخالف لهم، فالمخالفة لهم امارة غالبية على اقربية الخبر المخالف للحق والواقع، وهذا لا يستلزم خروج الخبر الموافق لهم عن ادلة الحجية، فلا وثوق واطمئنان بخروجه عن أدلة الحجية بمجرد كونه موافقاً للعامة، وإنما الذي نلتزم به هو ترجيح المخالف لهم عند معارضته للموافق لهم ترجيحاً لأحدى الحجتين عن الأخرى
وقد طرح في الكفاية احتمالاً ثالثاً وهو أن تكون المسألة مرتبطة بباب التقية، بمعنى أن الخبر المخالف لهم لا يطرح فيه احتمال التقية بخلاف الخبر الموافق لهم، فهذا أرشد لأنه ليس فيه احتمال التقية
وذكر المحقق الخراساني بأن ما قلناه في الاحتمال الثاني يأتي في الثالث وهو إنه يستلزم الوثوق بأن الخبر الموافق للعامة صدر تقية، وإذا صار وثوق في أنه صدر لا لبيان الحكم الواقعي فلا تشمله أدلة الحجية
وجوابه نفس الجواب السابق من إنه لا وضوح في أنه لا بد من حمل الخبر الاخر على التقية فلا تشمله ادلة الحجية، فالرشد بمعنى عدم وجود احتمال التقية في الخبر المخالف بينما هو موجود في الموافق وهذا لا يعني أنه لا بد أن نحمله على التقية فيبقى مشمولاً لأدلة الحجية