41/06/14
الموضوع: الاخبار العلاجية
كان الكلام في رواية ابي عمرو الكناني الدالة على الترجيح بالأحدثية، وقلنا بانه لم ينص على وثاقته وعلى هذا الأساس حكم كثير ممن ذكروا هذه الرواية في هذا البحث بضعفها، ولكن هناك محاولة لتصحيحها بدعوى اتحاد أبو عمرو الكناني مع عبد الله بن سعيد بن حيان بن ابجر الكناني أبو عمر الطبيب المنصوص على وثاقته، ومما يوجب الشك في دعوى الاتحاد امران هما اختلاف الكنية واختلاف الطبقة فان عبد الله بن سعيد ممن يروي عن الامام الرضا (عليه السلام)، نعم هما متحدان في اللقب ولكن هذا لوحده لا يكون قرينة على الاتحاد مع الاختلاف في الكنية وفي الطبقة، والتغلب على هذه المشكلة كان بدعوى ان الكنية الصحيحة هي أبو عمرو وان الواو سقطت من كتاب النجاشي، وكذا المشكلة الثانية نشأت من عبارة النجاشي فهو الذي ذكر بانه عرض كتابه على الامام الرضا (عليه السلام)، وجوابها ان هذا اشتباه في عبارة النجاشي أيضاً والصحيح انه عرضه على الامام الصادق (عليه السلام)، وسيأتي ذكر أسماء من عرض الكتاب على الامام الرضا (عليه السلام)
وبهذا يكون لدينا وجوه للاتحاد، الاتحاد في اللقب والاتحاد في الكنية والاتحاد في الطبقة فكل منهما يروي عن الامام الصادق (عليه السلام)، ويشهد على اثبات هذه الأمور هو انه يوجد في اسانيد عدة اخبار تصريح بأن كنيته هي أبو عمرو لا ابي عمر، وصرح في هذه الاخبار بأنه عرض كتابه على الامام الصادق (عليه السلام)
وقرأنا روايتي التهذيب التي تصرح بأنه أبو عمرو المتطبب وان الكتاب عرض على الامام الصادق (عليه السلام)وفي الكافي (علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، وعن أبيه، عن ابن فضال جميعا، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال يونس: عرضت عليه الكتاب فقال: هو صحيح، وقال ابن فضال: قال: قضى أمير المؤمنين عليه السلام إذا أصيب الرجل في إحدى عينيه فإنها تقاس ببيضة تربط على عينيه المصابة وينظر .... الخ
ثم قال: عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن ظريف، عن أبيه ظريف ابن ناصح، عن رجل يقال له: عبد الله بن أيوب قال: حدثني أبو عمرو المتطبب قال: عرضت هذا الكتاب على أبي عبد الله عليه السلام، وعلي بن فضال، عن الحسن بن الجهم قال: عرضته على أبي الحسن الرضا (عليه السلام) فقال لي: ارووه فإنه صحيح ثم ذكر مثله) [1] وواضح من هذه الرواية ان الذي عرض الكتاب على الامام الرضا (عليه السلام) هو الحسن بن الجهم، وفي رواية التهذيب ان الذي عرض الكتاب على الامام الرضا (عليه السلام) هو ابن فضال ويونس،
نعم تبقى المشكلة الوحيدة في دعوى الاتحاد هو ما ذكره النجاشي من انه عمّر الى سنة مئتان واربعون فكيف يكون من اصحاب الامام الصادق (عليه السلام)، مع ان وفاة الامام الصادق (عليه السلام) كانت سنة مئة وثمانية واربعون، ولازمه انه مات بعد مرور اثنان وتسعون سنة بعد وفاة الامام الصادق (عليه السلام) ومعه من البعيد جداً ان يروي عن الامام الصادق (عليه السلام) فاذا فرضنا انه عمّر تسعون سنة فمعناه انه ولد سنة مئة وخمسون اي بعد وفاة الامام الصادق (عليه السلام) بسنتين، وإن عمّر مئة سنة تكون ولادته سنة مئة واربعون اي قبل وفاة الامام الصادق (عليه السلام) بثمان سنين ولا يمكن ان يكون ممن يروي عن الامام الصادق (عليه السلام) بينما ابو عمرو الكناني في روايتنا يروي عن الامام الصادق (عليه السلام)، نعم اذا فرضنا ان عمره كان مئة وعشرين سنة تكون ولادته سنة مئة وعشرون فيكون عمره عند وفاة الامام الصادق (عليه السلام) ثماني وعشرون سنة ومن الممكن ان يروي عنه الا انه فرض بعيدودفع أصل الاشكال يكون بالتشكيك في رجوع الفقرة المذكورة في كلام النجاشي الى عبد الله بن سعيد واحتمال رجوعها الى اخيه عبد الملك بن سعيد، قال النجاشي: (عبد الله بن سعيد بن حيان بن ابجر الكناني أبو عمر الطبيب شيخ من اصحابنا ثقة، ثم قال وبنو ابجر بيت في الكوفة أطباء واخوه عبد الملك بن سعيد ثقة عمّر الى سنة مئتان واربعون له كتاب الديات رواه عن ابائه وعرضه على الامام الرضا (عليه السلام) والكتاب يعرف بين اصحابنا بكتاب عبد الله بن ابجر)، فان كلمة ثقة بلا اشكال ترجع الى عبد الملك بن سعيد لأنه قد وثّق عبد الله بن سعيد سابقاً، وقوله (له كتاب) ترجع الى عبد الله بن سعيد، وأما الجملة الواقعة بينهما (عمّر الى سنة مئتان واربعون) يحتمل ان ترجع الى عبد الله بن سعيد كما يحتمل ان ترجع الى عبد الملك بل جزم بهذا الاحتمال بعض المحققين، فلا دليل على ان عبد الله بن سعيد قد عمر الى سنة مئتان واربعون، ويكفينا الاجمال في ذلك، فإن ظاهر الأدلة تقول انه روى عن الامام الصادق (عليه السلام) فنأخذ بهذا الظهور الى ان يثبت خلافه ولم يثبت الخلاف لاحتمال ان تعود العبارة الى عبد الملك بن سعيد
وبذلك لا مانع من عده من أصحاب الامام الصادق (عليه السلام)، وبهذا لا تكون دعوى الاتحاد بعيدة، وأما مسألة انه لم يعبر عن عبد الله بن سعيد في شيء من الروايات بابي عمرو الكناني فإنها لا تكون قرينة على التعدد فان هذا الشخص ليس له الا هذه الرواية اليتيمة فانه روى هذا الكتاب ككتاب ونقله الى غيره وليس لدينا رواية في سندها عبد الله بن سعيد غير الروايات التي تنقل عن هذا الكتاب وعلى كل حال يبدو ان الاتحاد وبالتالي صحة الرواية ليس امراّ بعيداّوقد يستند الى تصحيح الرواية بوجه آخر فقد ذكر السيد الشهيد (قده) انه (قد نقل السيد البروجردي (قده) في جامع أحاديث الشيعة سنداً آخر لها عن صاحب الوسائل عن البرقي في المحاسن عن أبيه عن محمد بن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثله. وهذا سند صحيح يمكن أن يتم على أساسه الحديث) [2]
ومشكلة هذه المحاولة أن الامام (عليه السلام) في الرواية يخاطبه أكثر من مرة (يا ابا عمرو)، وقد يقال بأنه لا مشكلة في ذلك باعتبار ان هشام بن سالم كان حاضراً في ذلك المجلس ايضاً وحدّث بالحديث مباشرة ولكن هذا فيه بعد لانه في مثل هذه الحالات عادة يذكر ان فلاناً كان في المجلس، فاننا لو بقينا نحن وهذه الرواية لا نعرف من هو ابو عمرو الذي خاطبه الامام (عليه السلام) ولو سلمنا بأن هشام بن سالم يروي عن الامام مباشرة سيكون لدينا رواية يدور امرها بين ان يرويها هشام بن سالم عن الامام مباشرة كما في المحاسن او يرويها بتوسط ابي عمرو الكناني كما في الكافي، والمفروض ان لدينا مشكلة في ابي عمرو الكناني، فلا يكون السند تاماً لانه مردد فالطريق الصحيح هو ما ذكرناه من اثبات الاتحاد وبالتالي صحة الرواية .